من نزوح إلي آخر ومن نكبة إلي أخري يأتي ملف تنظيم فتح الإسلام ليفتح جرحا غائرا في الجسد الفلسطيني إذ يبدو ان اقدار الفلسطينيين أن يستمر شتاتهم في بقاع الأرض من أقصاها إلي ادناها فما تكاد تهدأ عاصفة حتي تهب أخري أكثر ضراوة وشراسة حاملة معها مأساة اللجوء الفلسطيني والتشرد منذ عام 1948. مخيم نهر البارد هو الجرح المتقيح الجديد في مأساة اللجوء الفلسطيني الذي يعيد فتح الملفات المعقدة لقضية اللاجئين الفلسطينيين مرة أخري وكيفية التعامل مع هذه القضية المركبة اقليميا ودوليا ومحليا حيثما يتواجدون متناثرين في الدول العربية والغربية لكن اللاجئون الفلسطينيون لهم وضع وطبيعة خاصة قد تكون الأصعب مقارنة باللجوء الفلسطيني في أي مكان آخر. من نهر البارد يعاد فتح الملف الفلسطيني في لبنان والمنطقة وقد يعاد فتح هذا الملف لاستثماره جيدا في التجاذبات اللبنانية الداخلية المعقدة وهذه المرة من بوابة جديدة هي فتح الإسلام وعلي هامش هذا الملف يمكن أن يفتح ملف الوجود الفلسطيني برمته في لبنان ليس علي خلفية تحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية والصحية والتعليمية المتردية في جميع مخيمات لبنان ولكن لدمج الملف الفلسطيني حول المخيمات بقرارات تتعلق بسحب سلاح المقاومة الفلسطينية وسلاح حزب الله. وبلا شك فإن فتح مثل هذه الملفات يرتبط أشد الارتباط بنتائج المواجهة بين الجيش اللبناني وفتح الإسلام إلا أن ما عبرت عنه القيادة الفلسطينية علي اختلاف توجهاتها من استنكار لما يحدث ورفض واضح لهذا التنظيم التأكيد علي أنه لا يمت بصلة فلسطينية وإنما اتخذ من نهر البارد درعا بشريا لكي يقوم بعملياته وفقا لأجندة خارجية في مواجهة السلطات اللبنانية وذلك للتأثير علي ميزان القوي في التوازن الداخلي اللبناني. إن هذا الموقف الذي عبرت عنه القيادة السياسية الفلسطينية انما يؤكد ان الفلسطينيين لا علاقة لهم بالأمر وهو إدراك من قبل القيادة السياسية الفلسطينية لضرورة عدم استخدام الملف الفلسطيني في التجاذب السياسي اللبناني الداخلي الأمر الذي يقطع الطريق علي القوي الخارجية وأجندتها الخاصة عن استخدام الملف الفلسطيني لصالحها في مواجهات سياسية وعسكرية تكون المخيمات الفلسطينية هي ضحاياها الأساسية. وبرغم ان جميع القوي السياسية الفلسطينية سارعت وأكدت أنها مع سيادة وسلامة لبنان وضد التدخل في الشأن اللبناني أمام هذه المعارك إلا أن الاستمرار في المعارك الدائرة حول المخيم يهدد بقتل المزيد من الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوي وجودهم في هذا المخيم والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا انتظرت الحكومة والقيادة السياسية اللبنانية كل هذه المدة علي تنظيم فتح الإسلام؟ ومن المسئول عن وجوده في المخيم؟ ومن هي القوي التي تدعمه؟ ولماذا لم تبادر الأجهزة الأمنية بمراقبته ومحاصرته؟ ومن صاحب المصلحة في تأجيج الحرب الدائرة حول المخيم؟ و.... و.... و... الكثير من الأسئلة التي يستوجب لها ردود مقنعة علي مستوي القتال الدائر في المخيم لسحق هذه الفئة الضالة. فمن مخيم نهر البارد بدأت معركة بين مختلف الأجندات الخارجية والخاصة علي جثث وضحايا وشهداء وجرحي أبناء المخيم بحجة سحق ظاهرة "فتح الإسلام" من المخيم علي حساب ربما المئات من الضحايا الابرياء الذين لا ذنب لهم سوي أنهم سكان هذا المخيم الذي بات يشكل درعا شرسا لصد الجيش اللبناني ومنعه من اجتثاث فتح الإسلام، لذا فإن المسألة تحتاج من الجانب الفلسطيني إلي مراجعة لكل ما يجري هناك وهو ما يستدعي من القيادة الفلسطينية التحرك السريع لاخراج الشعب الفلسطيني من دوامة الحسابات الاقليمية وحماية المصالح الوطنية للشعب الفلسطيني المكلوم!