يعد بول وولفويتز الذي أعلن عزمه الاستقالة من منصبه الرئيس العاشر للبنك الدولي، ومدة ولايته الاقصر بين رؤسائه. وتترك استقالته من رئاسة البنك الدولي ابتداء من 30 يونيو المقبل أحد اهم المناصب في المنظمات الدولية شاغرا وهو المنصب الذي شغله منذ 1944 رجال مصارف أتوا من القطاع الخاص، اكثر مما شغله موظفون. وتعتبر رئاسة وولفويتز الذي عين في يونيو 2005، واحدة من اقصر الرئاسات مع رئاسة اوجين ماير، اول رئيس للبنك الدولي، الذي لم يبق في منصبه سوي بضعة اشهر في 1946. ولد بول وولفويتز في 22 ديسمبر1943 في نيويورك. ودرس مادة الرياضيات ثم العلوم السياسية في شيكاغو. وشغل اول منصب في الادارة الامريكية في 1973 كما مارس تدريس العلوم السياسية خلال فترة توليه منصبين سياسيين، وخصوصا في جامعتي يال وجون هوبكنز المرموقتين. وعمل وولفويتز الاستاذ في الرياضيات اليهودي البولندي الاصل في وزارتي الدفاع والخارجية خصوصا، كما تم تعيينه سفيرا لدي اندونيسيا عام 1986 حيث اكتشف الاسلام المعتدل واعلن انفتاحه علي الحوار سياسيا وثقافيا مع الحضارة الاسلامية. وفي مواجهة دعاة الواقعية يعتبر ولفويتز منظرا مثاليا للسياسة الخارجية الامريكية معربا عن اعتقاده بان لدي بلاده مهمة جليلة تقضي بنشر الديموقراطية والحريات في العالم. وكان قبل ذلك مسئولا عن الشرق الاقصي في وزارة الخارجية حيث تشير نبذة عن حياته الي قيامه بتنسيق السياسة الامريكية تجاه الفليبين مؤيدا انتقالا هادئا للسلطة فور الانتهاء من ديكتاتورية فرديناند ماركوس. كما يقيم وولفويتز علاقات قوية مع اسرائيل حيث تبدي الاوساط اليمينية تقديرا خاصا له لا سيما انه أصلا من عائلة يهودية ثرية عرفت مبكراً بتحيزها المضاعف لإسرائيل والصهيونية وأخته الكبري - لورا - تعيش في اسرائيل. لكن الأهم من ذلك أنه أصبح منذ وقت مبكر عضوا في ذلك الفريق الضيق من المحافظين الجدد (تحالف المسيحيين واليهود المتطرفين) الداعين إلي قرن أمريكي جديد عنوانه مشروع امبراطوري أمريكي يبدأ بالشرق الأوسط. وكان وولفويتز، 63 عاما، قبل توليه رئاسة البنك الدولي في يونيو 2005، مساعدا لوزير الدفاع السابق في ادارة بوش دونالد رمسفيلد وأحد ابرز المهندسين للحرب علي العراق. وتولي وولفويتز الاستاذ الجامعي اللامع في عام 2001 منصب مساعد وزير الدفاع دونالد رامسفلد لتسيير امور اضخم ميزانية في الادارة الامريكية يعمل فيها 1.2 مليون عسكري و700 الف مدني. وحظي وولفويتز صاحب الشخصية المثيرة للجدل وصاحب لقطة الجورب المقطوع خلال زيارته لاحد مساجد اسطنبول والرجل الثاني في وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) في تلك الفترة باهتمام اعلامي واسع لانه منسق الغزو الامريكي للعراق في مارس 2003 معتبرا ان اطاحة نظام صدام حسين ستؤدي الي انبثاق عصر جديد وازدهار الديمقراطية في الشرق الاوسط، وتوقع ان يستقبل الشعب العراقي القوات الامريكية علي اعتبار انها قوات تحرير. ولم يلق اختيار بوش له لرئاسة البنك الدولي آنذاك الترحيب من الدول الاوروبية المعارضة لشن الحرب علي العراق لكنها رضخت مع ذلك للأمر. لأن واشنطن تملك النصيب الاكبر من الاسهم في البنك وبالتالي الحق في اختيار رئيسه وبالتالي نجحت في فرضه علي العالم وبنكه. وكانت لجنة تحقيق تابعة للبنك الدولي اتهمت وولفويتز بانتهاك قواعد العمل بترقيته لصديقته الليبية شاها رضا وقيامه برفع راتبها الي نحو 195 الف دولار سنويا لتتفوق بذلك علي وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس التي يبلغ راتبها السنوي 186 الف دولار. وحاول وولفويتز الدفاع عن قراره بترقيتها بالتأكيد انها كانت عضوا مهما في هيئة العاملين، الا ان مجلس الادارة لم يقتنع بأن ذلك يؤهلها للحصول علي هذا الراتب. وقارن مراقبون مشهد خروج وولفويتز من البنك الدولي، بمشهد خروجه من ادارة الملف العراقي، عندما اضطر للهرب بملابسه الداخلية من فندق ببغداد تعرض لهجوم صاروخي من المقاومة العراقية بينما كان يقيم فيه اثناء زيارته الأخيرة لبغداد في العام 2004. أما عشيقته شاها رضا العربية الأصل فقد ولدت في طرابلس بليبيا من أب ليبي وأم سورية كبرت في تونس والسعودية وبريطانيا ثم انتقلت الي الولاياتالمتحدة بعد زواجها من التركي بوليند علي شاها في آخر الثمانينات. ودرست في مدرسة لندن الاقتصادية قبل اخذها درجة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة أكسفورد حيث درست في كلية سان أنتوني. وتخصصت شاها في الشرق الأوسط ونفذت بحثا ميدانيا في عدد من الدول العربية قبل انضمامها الي البنك الدولي، وعملت في المؤسسة الوطنية للديمقراطية، حيث بدأت وقادت برامج عن الشرق الأوسط في المؤسسة منذ انضمامها للبنك الدولي عام 1997. وفي يوليو 2002، اصبحت نائبة المدير للشئون الخارجية في البنك، وهي تعمل الآن في وزارة الخارجية الامريكية مع إليزابيث تشيني ابنة نائب الرئيس الامير