لماذا لا يتم تطبيق مبادرة البنك المركزي التي أعلنت مؤخرا والخاصة باسقاط 75% من مديونيات عملاء القطاع الخاص المتعثرين ببنوك: الأهلي ومصر والقاهرة والتنمية الصناعية الذين تم تقل المديونيات المستحقة عليهم من مليون جنيه علي أكثر من 150 مزارعا صغيرا متعثرا بالبنوك الزراعية أليس هذا كيلاً بمكيالين، وازدوجية في المعايير.. وفشلاً في تطبيق مبدأ المساواة علي الجميع؟! ولماذا تتم تسوية مديونيات أكثر من 13 ألف عميل متعثر في قطاعات الصناعة والتجارة ويتم تجاهل القطاع الزراعي؟! تساؤلات طرحناها علي عدد الخبراء فتباينت ردود أفعالهم.. ففي حين رأي البعض ضرورة تطبيق المبادرة علي متعثري البنوك الزراعية لأن هذا سيساهم في تنشيط الاستثمار الزراعي لأن المحاكم والسجون لن تحل الأزمة.. رأي آخرون ان مبادرة المركزي كان يجب ان تفرق بين العميل الجاد الذي يملكه اصولا قادرة علي السداد والعميل المماطل، لأن تجاهل ذلك من وجهة نظر هذا الفريق سيفتح باب الفساد علي مصراعيه.. أشاروا إلي أن التسوية في كل الأحوال كان يجب ان تتم علي أسس موضوعية.. تعالوا نناقش وجهتي النظر. شدد كل من د.بكري عطية عميد كلية العلوم المالية والمصرفية السابق ومحمود بيومي الخبير المصرفي ود.طلعت مصطفي خبير الاقتصاد الزراعي وعبد المقصود نجم - مستثمر زراعي - علي عدد من الأمور والحقائق المهمة ومنها: ان عدم تطبيق مبادرة محافظ البنك المركزي الخاصة باسقاط 75% من مديونيات عملاء القطاع الخاص المتعثرين الذين نقل المديونيات المستحقة عليهم عن مليون جنيه بشرط سدادهم ل 25% من المديونية نقداً وعلي صغار المتعثرين من عملاء البنوك الزراعية معناه ببساطة الكيل بمكيالين واتباع معايير مزدوجة مع العملاء إلي جانب ان ذلك يخالف المواد 1 و 4 و40 من الدستور التي دعت لاحترام مبدأ المواطنة ودعت للمساواة وللعدالة الاجتماعية. ويضيف أصحاب هذا الرأي: ان تطبيق نفس قواعد التسوية - رغم ما بها من ثغرات - علي عملاء البنوك الزراعية المتعثرين.. والذين يزيد عددهم علي ال 150 ألف مزارع متعثر ومعظمهم حاليا في ساحة القضاء.. سيساهم بلاشك في تنشيط الاستثمار الزراعي، وحل مشكلات آلاف المتعثرين.. والافراج عن الضمانات، والغاء الاجراءات القضائية.. وسداد 25% نقدا من المديونية المستحقة عليهم طبقا لدفاتر البنك. أيضا يمكن أن يستفيد من هذه المبادرة عملاء البنوك الزراعية المتعثرون الذين تبلغ مديونياتهم اكثر من 500 الف جنيه وحتي مليون جنيه، حيث سيتم منحهم اعفاء حسبما جاء في المبادرة من سداد كامل المديونية والافراج عن الضمانات والغاء الاجراءات القضائية بشرط سداد 30% نقدا من اجمالي المديونية المستحقة عليهم. معاملة مختلفة لا يعقل ان تتم تسوية مديونيات صغار المتعثرين العاملين في القطاعات الصناعية والتجارية والخدمية، ويتم التعامل مع قطاع مهم مثل القطاع الزراعي بشكل مختلف - فحسبما هو معلن - البنوك الزراعية ستدرس كل حالة تعثر علي حدة من خلال لجنة خاصة كما ان التسهيلات التي تقدم للمتعثرين ستشمل: جدولة علي 10 سنوات مع سداد 10% فقط من أصل الدين كمقدم أو سداد فوري للمديونية مقابل الاعفاء من نسبة من الفوائد علي حسب كل حالة، أو تجديد الدين لمن يطلب مرة اخري بشرط سداد 10% من المديونية.. ومن الواضح تماما ان هذا منهج مختلف في تسوية المديونيات والكيل بمكيالين لا يصح أن يوجد داخل الدولة الواحدة. يجب ان نعلم ان اسلوب المحاكم والسجون لن يحل الأزمة والبنوك الزراعية لن تستفيد من سجن اكثر من 150 الف مزارع صغير متعثر.. مديونياتهم في حدود المليار و600 مليون جنيه.. لان ذلك سيعني وضع معوقات امام تنشيط الاستثمار الزراعي.. وضياع هذه الأموال علي البنوك في الوقت ذاته. الرأي الآخر ومن جهتهما اختلف كل من د.محمود عبد الحي مدير معهد التخطيط السابق والدكتور محمود العضيمي مستشار الدراسات الاقتصادية بوزارة الزراعة مع وجهات النظر السابقة واكدا ان مبادرة المركزي بها ثغرات عديدة لانها ساوت بين المدين الجاد المتعثر لاسباب خارجة عن ارادته والمدين المماطل.. وركزا علي عدد من الأمور الاخري المهمة وهي: 1- مدخرات البنوك الزراعية - حسبما هو معلن - قد زادت عن ال 15 مليار جنيه.. وهذا يعني ان أموال هذه البنوك هي أموال مودعين.. وبالتالي لا يمكن التفريط فيها، باسقاط مديونيات غير الجادين بهذه السهولة، لأن هذا معناه اعطاء من لا يملك لمن لا يستحق كما ان هذا سيفتح باب الفساد علي مصراعيه في نهاية المطاف. 2- ان التمسك بتنفيذ هذه المبادرة سيؤدي في نهاية المطاف إلي المطالبة بضرورة تطبيقها علي كل البنوك العامة وخاصة بنكي التنمية والائتمان الزراعي، والبنك العقاري المصري العربي.. كما ان هذا سيكون مقدمة لتطبيق نفس القواعد علي كبار المتعثرين ايضا سواء الهاربون منهم او المقيمون!