بدأ البنك المركزي المصري بالتعاون مع الأجهزة المسئولة في الدولة وعلي رأسها وزارة المالية إجراءات دعم المراكز المالية لبنوك القطاع العام التجارية الثلاثة وهي الأهلي المصري ومصر والقاهرة. وتهدف هذه الخطة إلي دعم المراكز المالية للبنوك المملوكة للدولة لمواجهة المنافسة الشرسة القادمة سواء من بنوك مصرية خاصة علي رأسها الاسكندرية والتجاري الدولي CIB مصر أو من بنوك أجنبية في مقدمتها الأهلي سوسيتيه جنرال وHSBC وكريدي اجريكول وباركليز وغيرها. وطبقا لخطة البنك المركزي فإن خطة تطعيم المراكز المالية لبنوك القطاع العام تأخذ عدة أشكال من بينها زيادة رءوس أموال هذه البنوك بأموال طازجة أو بدعم المخصصات المجنبة لمواجهة الديون المشكوك في تحصيلها أو من خلال زيادة الاحتياطيات والارباح المرحلة. دعم مالي علي مستوي زيادة رءوس أموال البنوك فقد حصلت وزارة المالية علي قرض دولي قيمته مليار دولار من بنك التنمية الافريقي والبنك الدولي توجه حصيلته لزيادة رءوس أموال البنوك العامة. ومن المخطط أن يحصل كل بنك من البنوك الثلاثة علي ملياري جنيه من القرض الدولي وإن كان تحديد الرقم النهائي الذي سيحصل عليه كل بنك لايزال محل دراسة من قبل كبار مسئولي البنك المركزي ووزارة المالية كما أن مسألة ادخال بنك القاهرة ضمن الزيادة المرتقبة لاتزال محل دراسة إذ إن البعض يقترح قصر الزيادة علي البنكين الأهلي المصري ومصر خاصة وأن البنك الأخير حصل الاسبوع الماضي علي موافقة بالاستحواذ علي بنك القاهرة. ولحين حسم هذه المسألة فإن السلطات المسئولة عن ملف إعادة هيكلة البنوك العامة لا تزال في انتظار موافقة مجلس الشعب المصري علي القرض الدولي البالغ مليار دولار والذي تم الحصول عليه من المؤسستين الافريقية والدولية بأسعار فائدة مميزة وعلي آجال طويلة وبفترة سماح معقولة. وكان مجلس الشوري قد وافق علي قرض المليار دولار وتم تحويله إلي مجلس الشعب لمناقشته واقراره. وبالاضافة الي القرض الدولي فقد أقرت الجمعيات العامة للبنوك المملوكة للدولة في اجتماعاتها الأسبوع الماضي زيادة رءوس أموال بعض البنوك العامة وعلي سبيل المثال تم زيادة رأس المال المرخص به لبنك مصر بمقدار 10 مليارات جنيه ليرتفع من 5 مليارات إلي 15 مليار جنيه كما تم زيادة رأس المال المصدر والمدفوع من 1.8 مليار الي 3.4 مليار جنيه وبزيادة 1.6 مليار جنيه. وعلي الرغم من ان هذه الزيادة تأتي في إطار عملية استحواذ بنك مصر علي أسهم بنك القاهرة إلا أنها تنم عن نية الجهات المسئولة دعم المراكز المالية للقطاع المصرفي المملوك للدولة. دعم إداري وبالاضافة الي الدعم المالي الذي تحظي به بنوك القطاع العام الثلاثة فإن هناك دعما آخر يسعي البنك المركزي لتحقيقه في إطار خطة إعادة هيكلة القطاع المصرفي وهذا الدعم هو إعادة الهيكلة الإدارية لهذه البنوك. وكانت البنوك العامة قد بدأت بالفعل منذ بداية عام 2005 تنفيذ خطة شاملة محددة التواريخ لإعادة الهيكلة الإدارية وقد تم اعداد ومتابعة تنفيذ هذه الخطة من خلال وحدة إعادة الهيكلة بالبنك المركزي واستهدفت تطوير جميع الادارات والنظم التكنولوجية واستحداث ادارات جديدة. كما تم الاتفاق مع المفوضية الأوروبية لتمويل عملية تقييم وتطبيق أفضل الممارسات الدولية لبنكي الاهلي ومصر مع التركيز علي 3 ادارات حيوية هي ادارة المخاطر وادارة النظم التكنولوجية والمعلومات وادارة الموارد البشرية وقد تم تعيين استشاريين دوليين في اكتوبر 2005 للقيام بهذه المهمة وكان بنك ABN/ AMROA من نصيب بنك مصر في حين كان بنك ING Beaarings من نصيب البنك الأهلي المصري. وفي وقت لاحق وبناء علي المعايير التي تم وضعها من قبل وحدة اعادة الهيكلة بالاتفاق مع البنك الدولي خضعت البنوك الثلاثة العامة لعملية تدقيق ومراجعة شاملة طبقا لمعايير المحاسبة الدولية عن طريق مكاتب مراجعة دولية مع التركيز علي تقييم جودة الأصول وتحديد فجوة المخصصات وقد تم بالفعل الانتهاء من عملية المراجعة. وفي إطار اعادة الهيكلة الادارية جذب البنك المركزي عددا من القيادات والكوادر المصرفية المتميزة والحاقها بالبنوك العامة ولمواجهة ضعف مرتبات العاملين بهذه البنوك تم توجيه جزء من صندوق تطوير القطاع المصرفي والوارد بقانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد لتمويل مرتبات هذه الكوادر. معالجة التعثر وإذا كان ملف اعادة الهيكلة المالية مرتبطا بشكل كبير بملف الديون المتعثرة فقد عكف البنك المركزي بالتعاون مع البنوك العامة علي حل الملف الأخير بهدف تقليل العجز في مخصصات الديون المتعثرة بهذه البنوك وفي هذا الاطار ساند البنك المركزي البنوك في عمل تسويات جماعية مع كبار العملاء غير المنتظمين بهدف توفيق وجهات النظر بين الطرفين كماتم التنسيق بين البنك المركزي والبنوك العامة للتعامل مع المديونيات المتعثرة الصغيرة التي تقل عن مليون جنيه من خلال برنامج يبدأ منتصف الشهر الجاري وينتهي نهاية يونية 2007 وهذا البرنامج سيتم عن طريق حل مشكلة 13 ألف حالة باجمالي مديونية 5.1 مليار جنيه مما سيؤدي الي انهاء 10200 نزاع قضائي كما يساعد علي رفع كفاءة البنوك العامة وقدرتها علي العمل مجددا مما سينعكس علي معدل البطالة وتحسين المؤشرات الاقتصادية وتنمية قدرات عمل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وفي اطار ملف التعثر ايضا نجح البنك المركزي في تحديد قيمة المديونية غير المنتظمة المستحقة لبنوك القطاع العام علي شركات قطاع الأعمال العام وذلك بالتعاون مع وزارة الاستثمار وقد بلغت قيمة هذه المديونية 26.1 مليار جنيه تم سداد 6.9 مليار جنيه نقدا منها لبنك الاسكندرية في يناير 2006. وفي ديسمبر 2006 تم سداد مبلغ 9.1 مليار جنيه نقدا لبنوك الأهلي المصري ومصر والقاهرة وجار سداد باقي المديونية والبالغ قيمتها 10 مليارات جنيه وتم بالفعل الاتفاق بين الجهات المسئولة عن القطاع المالي والمصرفي وهي وزارتا المالية والاستثمار والبنك المركزي علي سداد المبلغ المتبقي للبنوك العامة والبالغة 10 مليارات جنيه من حصيلة الخصخصة قبل نهاية العام الجاري. وإلي جانب هذه الخطوات ساهم البنك المركزي في اعادة مديونيات متعثرة ضخمة لبنوك القطاع العام من خلال تفعيل نظام التوفيق والتحكيم بين البنوك وعملائها غير المنتظمين والذي ساهم في سرعة اتمام تسويات نهائية خلال مدة لا تتجاوز 4 شهور. وساعدت هذه الاجراءات في عمل تسويات غير شاملة مديونيات قطاع الأعمال بنسبة 63% من الديون غير المنتظمة وتحصيلات بلغت نسبتها 23% منها 20% تحصيلات نقدية.