حكاية كل عام مع زيادة أسعار الأسمنت في موسم الصيف مع ازدهار سوق العقارات أصبحت حكاية كل ساعة هذه الأيام بعد أن تدلل الأسمنت بأسعاره علي المستهلكين باختلاف مستوياتهم ووصل إلي ذروته منذ بدء مسلسل ارتفاع الأسعار عام 2000 بمبلغ 130 جنيهاً للطن ليصل إلي 360 جنيها هذا العام وبزيادة تصل إلي 150%. ولم يكن من الغريب ان يشهد السوق المصري "مجاعة" اسمنت مع استحواذ الشركات الأجنبية علي معظم خطوط الانتاج ولم تكتف بذلك وتحاول هذه الأيام الاستحواذ علي شركة أسمنت قنا. وفيما يلي رصد لما يطرحه المعنيون بأسباب مجاعة الأسمنت.. وكيف يمكن مواجهتها. شهدت عمليات التصدير خلال العام الماضي وال 3 أشهر الأولي من العام الجاري طبقا لتقارير وزارة التجارة والصناعة تفاوتاً ما بين الارتفاع والانخفاض حيث وصلت معدلات التصدير إلي متوسط 300 ألف طن في الشهر خلال العام الماضي موزعة علي 12 دولة في مقدمتها اسبانيا، ايطاليا، السودان، سوريا، اليمن، السعودية ، فلسطين، العراق، الكويت، قبرص، تركيا، اليونان، إلا أن هذه الكمية تراجعت إلي نحو 150 ألف طن في الأشهر الأخيرة من العام الماضي عقب قرار الحكومة بتحديد سعر طن الأسمنت بأرض المصنع، غير ان الصادرات استعادت نموها مرة أخري في الأشهر الأولي من العام الجاري، وبلغ المتوسط نحو 400 ألف طن في الشهر. ووسط هذه الأحداث تفجرت أكثر من أزمة منها الدعاوي بتصدير الأسمنت المصري إلي اسرائيل للمساهمة في بناء الجدار العازل وللقوات الامريكية في العراق من خلال بعض الشركات الاجنبية والمصرية وما قيل عن وجود وسيط وهو أحد المسئولين الفلسطينيين وهو ما دفع النائب علي لبن عضو مجلس الشعب "إخوان" إلي تقديم طلب احاطة حول ذلك إلا أن الحكومة التزمت الصمت ولم ترد! وقد أظهرت نتائج أعمال شركات الأسمنت خلال العام الماضي تحقيقها لأرباح كبيرة نتيجة لزيادة الأسعار، فقد حققت شركة جنوبالوادي للأسمنت صافي أرباح بلغت 264 مليونا جنيه واسمنت قنا 240 مليون جنيه وآسيك 291 مليون جنيه مقابل 247 مليون العام الماضي، والسويس للأسمنت 754 مليون جنيه مقابل 464 مليونا في عام 2005 واسمنت بني سويف 206 ملايين جنيه مقابل 101 مليون في 2005 واسمنت سيناء 238 مليونا مقابل 134 مليون جنيه والعامرية 92 مليونا مقابل 22 مليون جنيه والقومية للأسمنت 151 مليوناً. ويوضح محمود صبح عضو مجلس ادارة أسمنت قنا ان الاسمنت يعتبر من الصناعات الملوثة للبيئة التي تتطلب طاقة كبيرة، وهو ما جعل اوروبا توقف هذه الصناعة تماما واتجاه الشركات العامة في ذلك المجال إلي ضخ استثماراتها في مصر من خلال الاستحواذ علي الشركات القائمة وليس بناء مصانع جديدة، وهو ما نجحت فيه بالفعل، خاصة في ظل توافر الخامات الأولية غير المكلفة واستطاعت خلال فترة قليلة السيطرة علي أسعار الاسمنت وبيعه بالمبلغ الذي تحدده في ظل السوق الحر الذي يعتمد علي العرض والطلب. ويشير إلي أنه يتم انتاج نحو 35 مليون طن أسمنت في العام، يستهلك السوق المحلي منه نحو 25 مليون طن فيما يمثل ال 10 ملايين الباقية فائضا، وينتج القطاع الخاص 30% والاجانب 50% والشركة القومية 20%. تتوقع صبح أن تواصل الأسعار ارتفاعها ولن تستطيع الحكومة الحد منها في ظل الطلب العالمي علي الاسمنت المصري والاحتياجات المتزايدة للدول التي تشهد حروبا متواصلة، لإعادة بناء ما دمرته الحروب وهو ما يؤدي إلي انخفاض المعروض المحلي، وبالتالي ارتفاعها مشيرا إلي ان الحل الوحيد لإيقاف هذا الطوفان والارتفاع الجنوني للأسعار يتمثل في اقامة مصانع جديدة للمستثمرين المصريين أو الاجانب، وليس بيع المصانع القائمة فقط. طلبات احاطة ويشير علي لبن عضو مجلس الشعب وصاحب طلبي احاطة بمجلس الشعب حول قضايا شركات الأسمنت إلي جشع الشركات الأجنبية لتحقيق ارباح خيالية أدي إلي تراجع الأسمنت في السوق المحلي وقلة عرضه في السوق مما زاد من أسعاره. وتساءل "لبن" عن صمت الحكومة في مواجهة هذا الارتفاع الكبير لماذا لم ترد الحكومة علي طلبات الاحاطة حول عمليات التهريب لاسرائيل لاظهار الحقائق للمواطنين مشيرا إلي أنه تقدم بطلب احاطة جديد قبل فترة وجيزة من قرارات فرض رسوم صادر علي تصدير الطن بواقع 65 جنيها للطن، وتساءل عن الأسباب الحقيقية لارتفاع الاسمنت رغم انخفاض تكلفة انتاجه.. ويوضح ان هناك عمليات تجويع للسوق المحلي لمصلحة الشركات الأجنبية وهو ما سيؤدي إلي كارثة محققة، في قطاع العقارات والمقاولات ويهدد بكارثة اقتصادية جديدة. ويشدد عضو مجلس الشعب علي ضرورة تفعيل قانون منع الاحتكار وحماية المستهلك لاعادة التوازن للسوق مرة أخري. طمع الشركات الأجنبية وينوه عز الدين أبو عوض رئيس رابطة وكلاء وتجار الأسمنت إلي أن أزمة الأسمنت تفجرت بسبب طمع الشركات الأجنبية التي تستحوذ علي شركات الاسمنت المصري منذ ان اتجهت الحكومة عام 99 إلي بيع شركات الأسمنت "بتراب الفلوس" للأجانب واستحواذهم علي أكثر من 6 شركات والمساهمة في العديد من الشركات الاخري. ويؤكد ان هذه الشركات الاجنبية تتعامل مع العديد من الدول الخارجية وعلي رأسها اسرائيل التي تستود كميات كبيرة من الأسمنت الذي يتم تصديره من خلال الشركات التركية والقبرصية، مشيرا إلي أن بيع شركات الأسمنت كان بمثابة الكارثة، حيث تم بيع حصة المال العام في شركات الأسمنت سواء طرة أو حلوان أو السويس التي تمثل 58.20% من انتاج الاسمنت، ونحو 17% من الصادرات فيما تنتج القومية للأسمنت 23.9% من الانتاج الاجمالي و73.10% من الصادرات. ويؤكد أنه رغم قرار فرض رسوم الصادر إلا أن الشركات لن تتوقف عن بيع طن الأسمنت بالأسعار العالمية وتحقيق الأرباح الخيالية.