"أبوتريكة" يستحق أن يكون شخصية العام ليس فقط لأنه كان هداف الأهلي في بطولة الاندية باليابان وسببا رئيسيا في فوزه بترتيب متقدم، وليس ايضا لانه سجل 8 أهداف في بطولة الامم الافريقية وقاد المنتخب الي مربع التتويج.. ولكن والأهم انه اسعد المصريين، وادخل في حياتهم البهجة والفرح. وأنا شخصيا وغيري كثيرين ندين له بالفضل بسبب حالة السعادة التي شعرنا بها، والتي قد تغني من هم مثلي، مدمني أدوية الصداع، في الاستغناء عن الاسبرين واخوته خلال الفترة الاخيرة.. وبالتأكيد فان هناك من استغني لفترة عن ادوية الضغط وادوية اخري.. فالفرحة هي دائما خير دواء، واحسن علاج لكل امراض الدنيا، فما بالك بأمراض التوتر التي تحمل مصر علامتها التجارية، وبامتياز. وعلي قدر ما استحق الشعب المصري ان يفرح بفضل ذلك الشاب المهذب والفنان "أبوتريكة" بقدر ما ظلم طيلة شهور السنة، وشبع نكدا وتعاسة بفضل الدكتور نظيف وحكومته، التي باعت "الاوهام" للمواطنين وجعلتهم يتعلقون بحبال ذائبة تحت مسمي الاصلاحات السياسية والاقتصادية وثمارها الموعودة، ولم يجنوا منها إلا مزيدا من العناء والشقاء في عيشتهم. فالحكومة المصرية رغم ما أعلنه الدكتور نظيف في بيانه الأخير من إنجازات فانها لم تنجح بعد في اقناع المواطن بانها تعمل من اجل سواد عينيه بل مازالت الصورة نمطية تلك التي رسمت للحكومة إبان تشكيلها بانها حكومة رجال اعمال.. والأهم انها تخدم مصالح الصفوة ومجتمع الاعمال ولا تخدم مصالح الطبقات العريضة في المجتمع.. والطريف انها ايضا رغم ما حصدته من اتهامات بهذا الصدد الا انها لم تنل رضا رجال الاعمال انفسهم ايضا، فغالبيتهم يتهمونها برعاية مصالح قلة فقط من اصحاب المال.. وعجزت بذلك ان تقنع حتي رجال الاعمال كجماعة.. فأصبحت حكومة "شلة" أو افراد.. وضاق بذلك المدافعون عنها وعن سياساتها. ولم يأت هذا العام، كغيره من السنوات بالافضل للمواطن حتي يغير من موقفه تجاه حكومته، ولم تجن إذن إلا الغضب والنقد.. والدعاء عليها من البسطاء الذين لا يعرفون سيوفا يستلونها في وجه الحكومة او اقلاما يكتبون بها هجاء يقطر سما وحقدا وليس لديهم سوي الدعاء! والحالمون في هذا الوطن بالتحسن والمراهنون علي قرب الانفراج، بل الذين كانوا من المؤمنين بامكانية تحقيق ذلك علي ايدي وزارة نظيف خاب ظنهم، وتضاءل عددهم مع مرور الاشهر، لأن النتائج والمؤشرات مهما تم تجميلها بالارقام او اخفاؤها بالعمليات الحسابية البارعة فانها ظاهرة في حياة المواطن وفي معيشته ولا تحتاج دليلا، علي عجز الحكومة، فطالما المواطن يئن باعباء المعيشة وتزيد تلك الاعباء ولا تخف عن كاهله، فلن يصدق الحكومة فيما تعلنه من أرقام. ولعل الظاهرة الجديدة هذا العام ان من التحقوا بركب الشاكين المتذمرين من قسوة الظروف ونار الاسعار هم فئة جديدة، كانت اقرب للميسورين وللارتقاء الي الطبقة العليا أقلعت عن "الشعبطة" في ذيل الطبقة الارستقراطية او حتي التفكير في ذلك ونزلت الي اسفل فلا هي طالت فوق ولا هي استقرت في المنطقة الوسطي. والطبقة الوسطي التي تعد ضمانة لأي استقرار في المجتمعات، والمدافعة الرئيسية عن أي نظام او سياسات، تحولت الي فئة المهمشين واللاهثين للحصول علي لقمة العيش.. وبدلا من ان تصب سياسات حكومة نظيف في توسيع قاعدة الطبقة الوسطي، كان أول ضحايا تلك السياسات هم أبناء تلك الطبقة. وتلك هي البداية لأية خطورة علي المجتمع، فثورات الجياع والجرائم والانحراف والصراع الطبقي الدامي في كل التجارب التي نعرفها وتعلمناها جاءت نتيجة لفشل حكومات في تحقيق امتيازات للقاعدة العريضة، ونتيجة لضرب الطبقة الوسطي وتدهور حالها. وامام هذه الاخفاقات استحقت حكومة نظيف لقب "الأسوأ" لانها اتعست الشعب المصري، وبجدارة ووسط هذه التلال من المشكلات في التعليم، والصحة، والنقل.. وبداية في رغيف الخبز والسلع الاساسية، فقد امكن للمواطنين ان يسعدوا ولو لوقت قصير بفضل "أرجل" أبوتريكة في وقت فشلت معه "سواعد" الحكومة "التعيسة". خروف العيد خروف المصريين هذا العام متعدد الجنسيات.. والحمدلله اننا دولة غير عنصرية ونؤمن بحوار الحضارات لذلك فقد نوعنا مصادر خرفاننا واستوردنا النيوزيلاندي والاسترالي، والاثيوبي والصومالي والهندي.. والبرازيلي ايضا وهذه من انجازات حكومة نظيف (!) ولكن نحرم في الاعياد القادمة بقية الجنسيات من "المأمأة" في بلد النيل، ونحن مطمئنون لأن من يشرب من مياه النيل يعود اليها.. "اطفاله" و"احفاده".. وحتي جيرانه! الكاتب الكبير مكرم محمد أحمد اختارته نقابة الصحفيين لتسند اليه جائزتها التقديرية.. و"مكرم" أهل للتكريم. واختاره بدوري افضل كاتب في 2006 لجرأته وتصديه للعديد من الملفات بعمق ومنهجية، ولانه يعلمني كيف احفاظ علي الشباب واللياقة الصحفية ومعهما احترام الاخرين.. في كل مرحلة. الصحافة البريطانية ومجلس العموم قادوا حملة ضد رئيس الوزراء توني بلير لمحاسبته عن رحلاته العائلية للاستجمام وقضاء عطلات الكريسماس علي حساب دافعي الضرائب في مصر واضطروه للتبرع بقيمة "العزايم" والفسح التي أهدتها له الحكومة لحساب جمعيات أهلية مصرية.. عقبالنا لما نحاسب حكومتنا عن تلك "العزايم"!