من يلتهم ناتج النمو الاقتصادي؟ هل هو الفساد.. كما قالت الدكتورة فائقة الرفاعي وكيل محافظ البنك المركزي السابق في المؤتمر السنوي للمركز المصري للدراسات الاقتصادية؟ أم أن عدم وجود سياسات عادلة لتوزيع الدخل هي المسبب وراء عدم شعورنا بهذا النمو؟.. وهو ما نفاه الدكتور عثمان محمد عثمان وزير الدولة للتنمية الاقتصادية مؤكدا اننا لا ينقصنا سياسات معقولة لاعادة توزيع الدخل ومضيفا انه في تقديره ان النمو لم يكن كافيا خلال الفترة الماضية لتخفيض عدد الفقراء وتراجع مؤشر الفقر. إذاً كيف نفسر هذا اللغز؟ هناك نمو ولا يشعر به المواطن "والاسبوعي" طرحت السؤال والحل بين السطور التالية.. النمو والفقر بداية توضح الدكتورة هناء خير الدين المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية ان ارتفاع معدل النمو لا يقترن بمعدل تخفيض الفقر مؤكدة انه لابد من سياسات تستهدف تحقيق هذا الغرض. واضاف ان النمو لم ينعكس علي القطاع العيني مثل الصناعة والزراعة فبرغم اننا اكبر مشغل للعمالة إلا أن الفقر مركز بشكل مزمن في الزراعة حيث يعيش 40% من الفقراء في الزراعة. عجز الموازنة بينما الدكتور سمير رضوان رئيس المنتدي الاقتصادي يؤكد ان ارقام معدل النمو والتي بلغت 8.6% صحيحة وفقا لكل التقارير الدولية حتي تلك التي لا ترضي عن مناخ الاستثمار في مصر.. ويشير الي ان هذا الرقم بلغ 9.5% بدون قطاع البترول. واوضح ان مصادر النمو تركزت في الغاز وشبكة المحمول الثالثة وعوائد الخصخصة والتصدير وخاصة تصدير الخدمات السياحية وقناة السويس مضيفا ان جزءا كبيرا من النمو يستنفد في تغطية عجز الموازنة والذي وصل الي 83% من الدخل القومي ويضم 3 بنود من الصعب اجتماعيا ان تتخلي عنها الحكومة. الأول مرتبات الموظفين والتي تحصل علي 24% من ميزانية الدولة.. والثاني الدعم والذي يتكلف 100 مليار جنيه أما الثالث فهو لخدمة الدين الداخلي وهو ما يمتص الجزء الاكبر من النمو.. والجزء الآخر فيذهب لاعادة الحياة للبنية الاساسية المتهالكة وخاصة السكك الحديدية والتي حصلت علي 5 مليارات جنيه من حصيلة بيع الشبكة الثالثة للمحمول. واشار رضوان الي ان الاسباب السابقة جعلت 40 او 50% من المواطنين لم يشعروا بالزيادة في الدخل القومي مؤكدا انه لكي يشعروا بهذا النمو لابد ان يستمر النمو علي مدار 10 سنوات علي الاقل كما حدث في الصين والهند والتي استمر بها معدل النمو 7% لمدة 20 سنة متواصلة موضحا ان ما تقوم به الحكومة هو توجيه للنمو بشكل صحيح. الدخول المرتفعة اما الدكتور سلطان ابو علي استاذ الاقتصاد بجامعة الزقازيق فيري ان سوء عدالة التوزيع جعلت ارتفاع النمو يذهب لاصحاب الدخول المرتفعة ويضيف ان القطاعات التي حدث فيها النمو لم توجد فرص عمل جديدة بشكل كبير لانها قطاعات ذات كثافة رأسمالية.. ويتساءل: هل معدل النمو ارتفع فعلا بهذا الرقم أم لا؟ ويري الدكتور سلطان ابو علي ان دولة مثل الصين استهدفت مع النمو عدالة التوزيع للقضاء علي الفقر وهو ما نجحوا فيه بل يجب ان تخطط له الحكومة لايجاد فرص عمل جديدة والقضاء علي الفقر. نمو آلي ويتفق مع الرأي السابق الدكتور فرج عبد الفتاح استاذ الاقتصاد بمعهد الدراسات الافريقية مضيفا ان النمو لا يعني التنمية فالنمو هو تعبير عن تطور حالة الاقتصاد في شكل قيمة تعبر عن هذا التطور ولكنه لا يتضمن التعبير عن تلك العمليات التي ساهمت في تحقيق هذا النمو وخاصة ان النمو قد يرجع الي ارتفاع اسعار البترول او تدفق مجموعات سياحية وهو ما يعني انه لا يعبر عن وجود قاعدة انتاج سلعية. واضاف الدكتور فرج عبد الفتاح ان النمو الذي يتحقق وفقا لرؤية تنموية يختلف عن ذلك النمو الذي تحقق بقوة آلية غير مخططة.. وهو ما حدث خلال الفترة الماضية حيث بيعت الاصول العامة وهو ما لا يمثل طاقة انتاجية جديدة داخل المجتمع وهو ما يجعله علي المدي القصير لا يعني نموا اقتصاديا ولا حتي تنمية اقتصادية. ويضيف ان عدم شعور الاغلبية بهذا النمو يرجع الي طبيعة النمو ذاته وهل هو ينحاز للاغنياء ام للفقراء فقد يتحقق النمو الاقتصادي وتظل فئات عديدة داخل المجتمع لا تحصل علي عوائد مساهمتها في العملية الانتاجية بشكل عادل وهو ما نلاحظه الآن حيث ان النمو يتم ولكنه منحاز للاغنياء. سوء توزيع ومن جانبه يري رجل الاعمال منير فخري عبد النور سكرتير حزب الوفد انه اذا كانت الارقام الرسمية التي تنشرها اجهزة الدولة صحيحة وان الناتج القومي ينمو بنسبة تفوق 6% سنويا فان هناك سوء توزيع وخاصة ان المواطن العادي لا يشعر بهذا النمو ولا يشعر بزيادة الدخل بل علي العكس من ذلك، مشيرا الي الدول النامية التي حققت نتائج ملموسة التي اكتملت فيها بناء الهياكل التشريعية لضمان حسن توزيع الدخول وعدالتها.