لا يستطيع أحد الآن مهما كانت قدراته السياسية أن يقرأ مستقبل لبنان.. لقد خرجت المظاهرات في الشوارع تطالب بسقوط حكومة الرئيس السنيورة بينما رفضت الحكومة تنفيذ ذلك وانقسم الشارع اللبناني علي نفسه.. في المظاهرات تجمع انصار حزب الله وميشيل عون وحركة امل وفي الحكومة بقيت اطراف اخري من المستقبل والدروز وتيارات مسيحية اخري.. اي ان الصراع الان اصبح واضحا بين الشيعة وتيار مسيحي والسنة والدروز وتيار اخر مسيحي.. ولعل اخطر ما في هذه الظاهرة هو انقسام المسيحيين.. وامام الانقسام الداخلي هناك انقسام خارجي ان امريكا والسعودية ومصر والاردن وفرنسا ودول اوروبا تقف مع الحكومة.. بينما تقف سوريا وايران مع المعارضة التي نزلت للشارع.. والواضح ان القضية لن يحسمها يوم او يومان ولكنها ستطول بعض الوقت.. ولعل اخطر ما في الموقف الان ان تتطور المظاهرات السلمية الي مواجهات غير سلمية واذا حدث ذلك فسيكون خطأ الساسة اللبنانيين الذين نزلوا الي الشارع. ان لبنان لا ينقصه المزيد من الخسائر.. يكفيه حرب 16 سنة لم تترك مكانا فيه.. وفي سنوات طويلة من الصراع فقد لبنان الكثير من شبابه وموارده ودوره ومستقبله.. ومنذ شهور توحد الشعب اللبناني امام عدوان اسرائيلي غاشم وكنا جميعا ننتظر ان يكون انتصار المقاومة اللبنانية بداية مرحلة جديدة يستطيع فيها الشعب اللبناني ان يتجاوز ازماته.. ولكن هناك اطراف كثيرة تلعب بالنار في الارض اللبنانية.. ان امريكا تحاول الخروج من مستنقع العراق علي حساب لبنان.. وفرنسا لها مصالح تاريخية في لبنان.. وايران لن تترك حزب الله والشيعة وسوريا لها الف حساب في لبنان وهناك اطراف عربية اخري غابت كثيرا وتحاول ان تستعيد دورها من خلال لبنان.. ولهذا يمكن ان يشتعل لبنان في اية لحظة ولن يحتاج الي اشياء كثيرة خاصة بعد ان خرج مئات الآلاف الي الشوارع.. ان الامر يتطلب قدرا كبيرا من الحكمة من عقلاء لبنان لان الشارع اللبناني يمكن ان ينفجر في اي لحظة ويعود باللبنانيين جميعا الي تاريخ بغيض من الدم والصراعات ولهذا يجب ان يسمع حكماء لبنان صوت العقل ولا يتركوا وطنهم للمؤامرات الخارجية التي تدبرها اطراف كثيرة.