لم تعد كرة القدم مجرد لعبة رياضية شعبية يلهث وراءها المشجعون ومحبو اللعبة بل تحولت بكل وضوح الي ادوات سياسية واقتصادية وبيزنس في نفس الوقت. وبينما كانت المانيا تترقب تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم علي اراضيها كي تدعم الاقتصاد الالماني الذي يعاني البطالة والعجز في الموازنة رغم كونه ثاني اكبر اقتصاد اوروبي جاءت كل التحليلات لتؤكد عدم استفادة الاقتصاد الالماني من كأس العالم بالقدر المطلوب لحل مشكلاته. وبينما شارك رجال السياسة مع المشجعين في رقصهم وافراحهم كنوع من الجذب وكسب التأييد راح كثير من رجال الاعمال يفكرون في نقل استثماراتهم لجنوب افريقيا التي ستستضيف المونديال علي اراضيها في 2010. وتشير الاحصاءات الصادرة عن مكتب الاحصاء الاتحادي في المانيا الي ان الفائض التجاري الالماني ارتفع باكثر من المتوقع في مايو اي مع اقتراب اندلاع البطولة مع انكماش الواردات باكبر وتيرة لها منذ عام. كذلك ارتفع الفائض التجاري الي 12.9 مليار يورو من 12.4 مليار يورو في ابريل الماضي. والاحصاءات توضح ايضا ان مكاسب المانيا الرسمية من التنظيم تبلغ 10 مليارات يورو وهو مبلغ زهيد بالنسبة لتكاليف تطوير الملاعب والمراكز الصحفية وتجهيزات البطولة التي فاقت هذا المبلغ بكثير. وكان متوسط توقعات الاقتصاديين للفائض التجاري هو 12 مليار يورو فاظهرت البيانات ان الفائض بلغ 12.7 مليار يورو في مايو من العام الماضي اي اكثر من المتوسط بقليل، في حين انخفضت الصادرات في الايام الاولي من بداية انطلاق البطولة بنسبة 1.5% عن شهر ابريل السابق لتصبح 71.3 مليار يورو رغم ان الاقتصاديين توقعوا انخفاضا بنسبة 0.5% وتراجعت الواردات في نفس الوقت بنسبة 2.6% الي 58.4 مليار يورو بينما كان الاقتصاديون يتوقعون ارتفاعا بنسبة 0.4%. رجال الاعمال استفادوا بالتأكيد من خلال استثماراتهم في الفنادق والمطاعم والمحال الرياضية لكن الاستفادة جاءت اقل من الايرادات المتوقعة بنسبة 20%، ومع ذلك اضيفت انشاءات واستثمارات جديدة في المانيا تزيد بنسبة 17.5% عن حجم الاستثمارات قبل اربع سنوات اي قبل ان يتم الاعلان عن فوز المانيا بتنظيم البطولة. ويلاحظ ان شركات الطيران الالمانية لم تأخذ نصيبها جيدا من الكعكة حيث نافستها شركات الطيران العالمية الاخري من خلال رعاية البطولة والحوافز التي قدمتها لنقل الرياضيين كما فضلت معظم الفرق الانتقال علي خطوط الطيران الوطنية. ويؤكد معظم خبراء الطيران تباطؤ حركة الطيران اثناء البطولة نظرا للبقاء من اجل المشاهدة سواء في المنزل او حتي داخل المانيا. لكن الاهم في كل ذلك هو المكاسب السياسية حيث رأينا المانيا تعطي تأشيرة دخول للرئيس الايراني احمدي نجاد لدخول المانيا ومتابعة مباريات فريق بلاده رغم ارسال نائبه بدلا منه، وشاهدنا رئيس الوزراء الايطالي الجديد رومانو برودي الي جانب المستشارة الالمانية في المدرجات ومحاولتها الابتسام حتي عند هزيمة فريقها، وفي الختام وفي المباراة النهائية رقص الرؤساء مع الجمهور وفي حضور الرئيس الفرنسي شيراك والرئيس الايطالي وسط الجمهور لكسب التأييد السياسي. حتي المانيا نفسها قالت انها زادت من صورتها امام العالم حتي لو لم تكن مكاسبها الاقتصادية كافية. كذلك فان من تركوا كراسي الحكم والسياسة سيشاركون في البطولات الرياضية لكسب الود تماما مثل مشاركة رئيسة الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر في مشاهدة مباريات الويمبلدون للتنس في لندن.