علي الرغم من قوة المنافسة علي الفوز بكأس العالم فجميع الدول المشاركة تتطلع الي تحقيق العديد المكاسب وأهمها تحقيق عائد مادي كبير من خلال فاعليات كأس العالم والذي يقام كل أربعة أعوام حيث لم يعد استضافة المونديال علي سبيل الترفيه بل لاستثمار هذا الحدث العالمي لجني المزيد من الأرباح مما يساعد علي نهوض الأقتصاد بقوة . وقد توقع مركز أبحاث الاقتصاد والأعمال في لندن أن تدعم بطولة كأس العالم مهما كانت نتائجها اقتصاديات الدول المشاركة بصافي يصل إلي 25 مليار دولار ستستحوذ أوروبا وحدها علي 21.2 مليار دولار منه نتيجة لزيادة الإنفاق الاستهلاكي خصوصا في ألمانيا الدولة المستضيفة. ولم تعد استضافة البطولات الرياضية مجرد ترفيه ولم يقتصر الطموح فيها علي كونها بوابة للتسلية بل تحولت إلي فرصة حيوية لاستعراض مكامن قوة الدول وتحضرها ومظاهر تقدمها وتنافسية كوادرها البشرية ومهاراتها في إبداع التخطيط والتنظيم. ولذا يتزايد التنافس بين الدول علي استضافة البطولات الكبري في العالم فيما تضع الدول الصاعدة هدف الاستضافة نصب عينيها باعتبار ذلك فرصة لإعلان مولدها حضاريا علي ما يربو علي ستة مليارات من البشر هم سكان القرية الكونية الصغيرة المولع معظمهم بمتابعة البطولات والمنافسات الرياضية. فالرياضة باتت إذا بوابة لرسم الصور النمطية عن الدول المستضيفة وأيضا الدول المشاركة وهي فرصة هائلة للتسويق السياحي والتطبيع السياسي وتقريب الثقافات والحضارات، حيث تتوحد اللغات وتصمت الصراعات ولا يتحدث الجميع سوي لغة المنافسة. ويعيش العالم حاليا حمي كأس العالم في أوجها حيث تتركز أنظار مئات الملايين من البشر علي المنتخبات التي تتنافس في ألمانيا طوال شهر كامل من أجل إحراز اللقب العالمي. ولكن بعيدا عن فنون اللعبة والمنتخبات المرشحة ونجومية اللاعبين, يخصص العديد من الاقتصاديين وقتهم للوصول إلي أفضل تقييم ممكن لهذه الصناعة العالمية الهائلة التي لم يعد يقتصر تأثيرها في الجوانب المادية المباشرة المرتبطة باستضافة الدورة وحقوق بثها وما إلي ذلك بل يتعدي ذلك بكثير إلي ترك آثار مهمة قصيرة وبعيدة الأمد علي الاقتصاد العالمي يمكن لها أن تتباين بتباين نتائج المباريات. ففي الوقت الذي تتعدد فيه التقديرات بشأن الآثار الاقتصادية المتنوعة لكأس العالم علي مختلف القطاعات ومختلف الاقتصادات والتي كان آخرها علي سبيل المثال قد ظهر بشكل دراسة قدرت ضخ 75 مليون دولار إلي قطاع السفر في الصين كنتيجة مباشرة لتوجه آلاف الصينيين إلي ألمانيا فقد ذهبت مجموعات من الاقتصاديين أبعد من ذلك في محاولات متنوعة حاولت إحداها معرفة آثار نتائج المباريات علي أسواق الأسهم وسعت أخري إلي تلمس الآثار المتوقعة للبطولة علي الاقتصاد العالمي. فقد خرج فريق اقتصادي هولندي تابع لبنك "أي بي إن أمرو" عن عادة مواطنيه الهولنديين في حماسهم بتشجيع منتخبهم ليتمني فوز إيطاليا بالكأس لما يمكن أن يتركه هذا الفوز من آثار إيجابية علي نمو الاقتصاد العالمي ويحذر من إمكانية تفاقم الاختلال الذي يعانيه هذا الاقتصاد في حال فوز الولاياتالمتحدة بالبطولة رغم ضعف هذا الاحتمال. ومثل لعبة كرة القدم نفسها فقد أصبحت بطولة كأس العالم صناعة قائمة بذاتها وتتعدي قيمتها المادية العشرات من مليارات الدولارات بيد أن آثار موسم هذه البطولة لم يعد يقتصر مثلما كان الأمر في السابق علي الدولة المستضيفة أو حتي علي الدول المشاركة فهي آثار عالمية وممتدة بما يجعل من الضروري علي صانع القرار الاقتصادي في أي بلد أن يولي اهتماما أكبر للوقوف علي طبيعة تلك الآثار ومداها واضعا نصب عينيه ضرورة تحفيز ودعم الإيجابي منها والحد مما هو سلبي.