تغير شعارنا للترويج السياحي من "البيت بيتك" إلي "نورت مصر"، وطافت وفود تنشيط السياحة في عدد من دول الخليج تروج للسياحة إلي مصر بينما كانت هناك حملة اعلانية ضخمة في العديد من محطات التليفزيون وفضائياته والاذاعات أيضا تحت نفس الشعار "نورت مصر". والأمر المؤكد أن الحملة الاعلانية السياحية تكلفت أرقاما خيالية، وأن الوفد السياحي الذي طاف الدول العربية والذي كان كبير العدد والعدة كانت له أيضا تكلفته المالية العالية لكي يلقي ببعض الخطب عن السياحة في مصر أمام جمهور أغلبه من المصريين المقيمين في هذه الدول والذين كان يعضهم أكثر اهتماما بالاستماع إلي المطرب الذي رافق الوفد عن التركيز مع ما كان يذكر عن تسهيلات جديدة للسائحين..! وبداية فإن حكاية "نورت مصر" تذكرني دائما بما يقوله سائقو سيارات الأجرة لكل قادم "نورت مصر يا بيه".. فهي مجاملة فيها من المبالغة أكثر مما فيها من الترحيب لأن مصر "منورة" دائما بأولادها وناسها وحضارتها وأشياء أخري كثيرة هي التي تشكل مصر ومكانة مصر. وربما كان شعار "البيت بيتك" أكثر ودا ودفئا وتعبيرا عن كرم الضيف وحسن الرفادة بالغريب الذي لن يشعر بالغربة! وعلي أية حال سواء كان البيت بيت السائح أو أنه "منور"، فإن المهم هو ماذا فعلنا له لكي يشعر فعلا بهذا الاحساس ويعود مرة ثانية لقضاء اجازاته في مصر..! إن عددا كبيرا من السائحين الخليجيين الذين كانوا يأتون إلي مصر ذهبوا إلي دول أخري أرخص وأكثر امتاعا للسياحة العائلية، وأكثر احتراما للسائح وأقل استغلالا له وتلاعبا به، والذين يواظبون علي الحضور إلي مصر بعضهم من الذين تزوجوا من مصريات وأصبح لزاما عليهم الحضور إلي بلد الزوجة "بالإجبار"، أو من الذين لهم ارتباط تاريخي وعاطفي بمصر بسبب الدراسة فيها أو الاعجاب بها أو الذين يأتون لأن المصريين بالخارج اقنعوهم ودعوهم إلي الحضور وزيارة بلادهم، وعدد قليل منهم هو الذي يأتي من تلقاء نفسه للسياحة والتعرف علي مصر! وفيما مضي كانت أعداد كبيرة من السائحين الخليجيين تأتي إلي مصر للعلاج والسياحة في آن واحد، ولكن دولا عربية أخري استطاعت جذب هذه السياحة العلاجية لأنها تعاملت مع السائح الخيلجي باحترام وتقدير ولم تبالغ في الأسعار العلاجية ولم تجعل هناك فارقا بين أسعار العلاج المقدمة للمقيمين والأسعار المقدمة للوافدين إليها..! وفي الحقيقية فإن الحملة الاعلانية الدعائية لجذب السائحين لزيارة مصر يجب أن تتحول أولا إلي حملة تعليمية للتوعية الداخلية لتأهيل وإعداد قاعدة من المواطنين والخدمات للتعامل مع السائح علي أننا دولة سياحية فعلا تعرف وتتعامل مع السائح علي انها يجب ان تكون مصدرا مهما للدخل القومي وانها يمكن ان تساعد في حل مشاكلنا كلها! ولا يجب ان يكون لدينا جمعية واحدة فقط لأصدقاء السائح اذا ان الشعب كله يجب ان يكون من أصدقاء السائح ابتداءً من دخوله مصر بسلام آمنين وطوال إقامته بها فنحن نفتقر إلي هذا الوعي السياحي وينظر البعض منا إلي السائح علي أنه غنيمة يجب الفوز بها وليس مهما إن ذهب ولم يعد أو خرج غاضبا أو ناقما. ولقد مللنا من تكرار ما يتعرض له السائح من مضايقات واستغلال في منطقة الأهرامات وما حولها، وما يواجهه من إرهاب المتسولين والشحاذين في شارع جامعة الدول العربية وما حوله وحيث الأماكن المفضلة لاقامة السائحين الخليجيين، وتناولنا مرارا عدم وجود دورات مياه متطورة، ونظيفة في الشوارع وتحدثنا عن أهمية الرقابة علي المطاعم والتأكد من اجراءات النظافة منعا لانتشار بعض الفيروسات والأمراض التي صدرت بشأنها تحذيرات عديدة.. وأثرنا مشاكل سائقي هذه السيارات الأجرة مع السائحين ومستوي هذه السيارات المتهالكة التي لم تعد تصلح للاستخدام الآدمي خاصة في أشهر الصيف الخانقة! فكل هذه المشاكل هي التي تؤثر علي قرار السائح بالقدوم مرة أخري أو الهرب إلي بلاد أخري بها من التسهيلات وعوامل الجذب ما يجعل من اجازة السائح نوعا من الامتاع وليس نوعا من المعاناة. وبقي أن نقول إن أهم سياحة حاليا لمصر والتي تأتي في مواعيد منتظمة هي سياحة المصريين الخليجيين من آلاف العائلات المصرية المقيمة بدول الخليج العربية والذين يأتون إلي الوطن الأم بكل الشوق والحنين فلا يجدون إلا التجاهل وعدم الاحترام في الفنادق والمنتجعات السياحية وحيث تكون الأولوية للأجانب والمعاملة الأولي لهم مع أنهم الأكثر سخاء في الدفع والأكثر التزاما بالقوانين والاعراف والأكثر حبا وخوفا علي بلادهم.. ولكنهم "مش بينوروا".. ليه.. حظهم كده..! Seyed elbably@ hotmail.com