"نورت مصر" حملة إعلانية ب40 مليون دولار.. ما شاهدناه علي الشاشة هو اعلانان الاول عن لقطات متنوعة لمواقع سياحية مصرية والاخر لقاء مع عدد ضخم من الفنانين يرددون شعار الحملة ويوجهون الدعوة للسياح لزيارة مصر؟ ومع ارتفاع وتيرة الجدل المثار حولها وحول التمويل الضخم المحقق لها وهو ما حاول وزير السياحة زهير جرانة بتصريحه بان ال40 مليون دولار هي تكلفة حملة عالمية وان ما شاهدناه علي الشاشة المصرية والشاشات العربية كان جزءا منها فقط موجه للجمهور العربي والشرق الاوسط وان تكلفته 3 ملايين و600 الف دولار كما صرح الوزير بان الحملة الموجهة للشرق الاوسط ساهمت في رفع نسبة السياح العرب 30% خلال الاشهر الماضية الا ان الانتقادات مازالت موجهة الي الشركة خاصة بالنسبة للمستوي الفني الذي ظهرت به الحملة والذي رأي العديد من الخبراء انه لا يليق باسم مصر. وفي هذا التحقيق استطلعنا رأي الخبراء في هذه الحملة وواجهنا الشركة المعلنة بهذه الانتقادات كي تدافع عن نفسها. يرصد د. صفوت العالم استاذ الاعلام بجامعة القاهرة فشل الحملة في اظهار الشخصية الحقيقية مشيرا الي تركيزها علي الترفيه دون اعطاء الجانب الثقافي والحضاري قيمته وهو ما يؤثر من وجهة نظره علي اجتذاب السائح اضافة الي ان الحملة اتسمت بالرتابة لسيرها علي وتيرة واحدة ولم تشهد خلال تنفيذا أية احداث مثل المهرجانات او احتفالات خاصة يقم فيها تقديم تخفيضات علي التسوق او الاقامة باماكن معينة واغفال التركيز علي كل منطقة سياحية بالحملة خلال فترة معينة بحوافز محددة والاشارة الي ذلك في الحملة. ويري عمر القاضي مدير شركة مايند شير ان الشعار الذي قامت عليه الحملة لم يكن بالعمق الذي تقوم عليه حملات الدول المنافسة كشعار ماليزيا "آسيا الحقيقية" او تركيا بلد تختصر العالم اضافة الي غياب الجماليات في الصور التي تضمنتها الحملة بالرغم من تعدد مواقع التصوير ويشيد القاضي بفكرة استخدام الفنانين في اعلان السياحة الا ان ظهورهم في اعلان واحد اضعف الفكرة واشعرنا بالملل وكان من الافضل ان يظهور في المواقع السياحية المطلوب ترويجها. كما يوجه حازم درع رئيس احدي شركات الدعاية حملات مصر السابق من 94- 2005 انتقادات لحملة "نورت مصر" ويصفها بانها لم تراع الحفاظ علي الصورة الذهنية المرسومة في عقل السائح العربي عن السياحة في مصر والتي رسمتها الحملات الاعلانية السابقة والتي كانت ترسم صورة مصر بانها البلد التي تحتوي علي اكبر قدر من التنوع في المزارات السياحية ووسائل الترفيه الا ان هذه الحملة ضيقت المنظور وركزت فقط علي الملاهي والتسوق وكذلك لم تراع ان "البقلاوة" التي ظهر السياح يأكلونها في الاعلان ليس لها علاقة بالهوية المصرية ترتبط اكثر ببلاد الشام ويشير درع الي ان التركيز علي سياحة التسوق يضعنا في منافسة غير متكافئة مع دول مثل تركيا او الامارات كما يري ان شعار الحملة يعطي للسائح العربي انطباعا بان مصر تترجاه لكي يحضر الينا وهذا ما يقلل من انجذابه لمصر فضلا عن ان الصورة ظهرت باهتة لتصوير لقطات الممثلين بتقنية الفيديو واعقب ذلك لقطة سينمائية يظهر فيها شعار الحملة وهو مزيج غير مقبول فنيا. اما احمد بديع مدير شركة استراتيجي للاعلان فيلفت الي ان تاريخ اعلانات السياحة المصرية ارتكز علي اجتهادات مختلفة ولم يحافظ علي طابع واحد محدود مثل تركيا واليونان التي حافظت علي صورة الاصالة في اعلاناتهم علي مدي طويل او ايطاليا التي تركز علي الاستايل او امريكا التي تركز علي الحرية في الترفيه وفي المقابل ركزت مصر لفترة علي الاهرام وصورة الجمل لاعطاء انطباع الاصالة ولفترة اخري علي البحر الاحمر لاعطاء المناظر المبهرة وبعدها ركزنا علي البنات الحلوة لاعطاء صورة عن التحرر والآن نركز علي الضيافة ومع اختلاف هذه الافكار كان التنفيذ يتم بشكل سطحي ويضرب بديع مثالا علي حملات السياحة المبتكرة بحملة السياحة اللبنانية المأسوف علي حالها حاليا والتي تبدأ بعرض مشاهد يطرح سؤالا من خلالها عن مكان هذه المشاهد هل هذه من لاس فيجاس او اثينا حتي يوحي بانه يمتلك مميزات كل هذه المناطق ثم يفاجئك في نهاية الاعلان بان هذه الصور من لبنان وهذا ما يكسب الاعلان الجاذبية لدي المشاهد. ويري بديع ان فكرة حملة "نورت مصر" كانت في حد ذاتها جيدة ولكن تم التعبير عنها بطريقة سطحية من خلال اظهار فلاش في كل مكان يدخله السائح في مشاهد الاعلان كما أنه لم يكن من الصحيح ان يتم التركيز علي عنصر الضيافة نظرا الي ان مسألة ضيافة المصريين للسياح العرب هي مسألة خلافية فبعض العرب ينظر اليهم علي انهم يرحبون به لانهم يريدون استغلاله.