خصخصة أول بنك قطاع عام علي الأبواب، ومع قرب طرح بنك الإسكندرية للبيع فان العديد من المراقبين توقعوا إدخال تغييرات جوهرية علي نشاط البنك من قبل المشتري الجديد، فالبنك عقب بيعه لم يعد بنك الدولة الذي يركز في سياسته الاستثمارية والتمويلية علي تمويل المشروعات التابعة للدولة أو المملوكة من شركات قطاع الأعمال. ولن يكون بنك الإسكندرية في رأي هؤلاء المراقبين هو البنك الذي يستثمر أمواله في الأدوات المالية المطروحة من قبل الدولة كالسندات والصكوك وأذون الخزانة.. ولن يكون هو البنك الذي يستثمر أمواله في مشروعات لها أبعاد اجتماعية أو أن ربحها بطيء كقطاع الصناعة. إذن من المتوقع تغيير سياسة البنك الاستثمارية والائتمانية عقب بيعه لمستثمر رئيسي، قيادات البنوك من جانبها تعتبر أن هذا الأمر شيئا طبيعيا وواردا حيث أكد عدد منهم ان بيع أو خصخصة أي بنك سواء عاما أو خاصا يجب أن يتبعه تغيير في السياسة الائتمانية وشكل محفظة البنك لأن السياسة الائتمانية تخضع لتوجهات الإدارة الجديدة وملاك البنك الجدد. وقالوا إن بعض البنوك تفضل تمويل المشروعات متعددة الجنسيات ذات رأس المال الكبير وهناك من تحدد هدفها في تمويل عمليات التجزئة المصرفية. في البداية يري إسماعيل حسن رئيس بنك مصر إيران للتنمية ومحافظ البنك المركزي الأسبق أن البنك المركزي يشترط أن يكون لكل بنك سياسة ائتمانية واضحة يعتمدها مجلس إدارة كل بنك ويطلع عليها "المركزي". ولكل إدارة بنك السياسة الائتمانية الخاصة بها التي تتفق مع توجهاتها، وبالتالي فان مستقبل محفظة الائتمان لأي بنك مطروح للبيع تتوقف علي توجه وسياسة ملاك البنك الجدد. ويضيف حسن قائلاً إن أغلب البنوك تتبع السياسة الائتمانية العامة فبعضها يفضل تمويل الشركات متعددة الجنسيات، علي سبيل المثال، وهناك بنوك تفضل الاتجاه لتمويل عمليات التجزئة المصرفية وقروض السيارات، وهناك بنوك تتجه للتمويل العقاري وغيرها تفضل تمويل الشركات ذات رأس المال الكبير. ويشير إسماعيل حسن إلي أن المشتري أو المستثمر الذي يرغب في شراء بنك يراعي دائماً طبيعة السوق في مصر. أما هشام حسن رئيس البنك المصري لتنمية الصادرات فيري أن تغيير السياسة الائتمانية أمر وارد الحدوث مع نقل الملكية لأن الفكر مختلف، فمن المحتمل أن يقوم المستثمر بتغيير السياسة الائتمانية وفرض أسلوبه وتوجهه. ويضيف حسن قائلاً إنه لو وجد البنك المشتري سياسة ائتمانية جيدة والقطاعات التي يتم تمويلها ناجحة ومربحة فمن المحتمل أن يحتفظ بهذا الخط الائتماني فكل الاحتمالات واردة لأن الأمر يتوقف علي الإدارة الجديدة. ويقول محمد سالم نائب رئيس البنك العقاري المصري العربي إن تغيير السياسة الائتمانية للبنك بعد بيعه أمر حتمي لأن المشتري الجديد يضع سياساته، ويغير وفقاً لتوجهاته الهيكل التنظيمي واللوائح ويغير السياسات الائتمانية ويضع استراتيجية جديدة خاصة به. ويشير سالم إلي أن لكل بنك سياسة يمشي علي ضوئها، وليس معني ذلك التراجع عن تمويل المشروعات الرابحة ذات الجدوي الاقتصادية، ولكن هناك من يركز علي التجزئة المصرفية، ومن يفضل تمويل التجارة الخارجية والمشروعات، والأمر يرجع لاختلاف الملكية والفكر. ويري سالم أن البنك الأجنبي الجديد يأتي للسوق المصري ليعمل ويقدم التمويل، وحتي ولو غير السياسة الائتمانية أو اتجه للتجزئة والقروض الصغيرة فسوف يساهم ذلك في دفع عجلة الاقتصاد. ويشير سالم إلي أن الأمر متروك لمجلس الإدارة الجديد وفقاً لتوجهاته وسياسته التي يضع قواعد لتنفيذها. ويتفق مع الآراء السابقة سامح بناني نائب أول الرئيس التنفيذي ورئيس مجموعة الشركات ببنك المؤسسة العربية المصرفية ABC مصر ويقول إن لكل بنك سياسة ائتمانية خاصة واتجاه خاص. وعن احتمال تغيير سياسة الائتمان بالنسبة للمشروعات الناجحة يقول بناني إن لكل بنك سياسة ائتمانية ولديه رؤية فهو يفضل أن يزيد حجم التمويل لقطاع معين في حين لا يرغب في تمويل قطاع آخر والبنك يتمسك دائماً بسياسته رغم نجاح المشروع. ويري أحمد الحسيني مدير عام إدارة تمويل الشركات والعمليات الاستثمارية ببنك باركليز أن كل مؤسسة عالمية لها ثقافة ائتمان مختلفة عن البنوك الأخري ومن الطبيعي أن أي مشتر يغير السياسة الائتمانية. ويضيف الحسيني أن البنك المشتري يستغرق وقتاً حتي ينتهي سداد الخطوط التمويلية القائمة، وبعد ذلك يقوم بتغيير السياسة وإنهاء التمويل للقطاعات التي لا تتوافق مع سياسة المشتري. ويقول الحسيني إن القطاعات المستهدفة تختلف من دولة لأخري والبنك المشتري سوف يستند في سياسته إلي ما يتماشي مع حالة السوق المصري ولن يستطيع فرض سياسته لو كانت غير مناسبة. ومن جانبه يقول أحمد رامي مساعد المدير العام بتمويل الشركات ببنك بيريوس مصر إن كل بنك له سياسة ائتمانية متنقلة، ولكن ليس معني أن يقوم البنك المشتري بتغيير السياسة الائتمانية كلها، فمن المحتمل أن يجد المستثمر الجديد في البنك مزايا غير متوافرة بالبنك المشتري وبالعكس ففي هذه الحالة سيقوم بعمل مزيج من السياستين، بما يدعم مركز البنك ويجعل منه كيانا قوياً قادراً علي المنافسة مع مراعاة أن يتوافق ذلك مع قواعد البنك المركزي. ويشير رامي إلي أن بنك بيريوس استطاع ان يضيف لبنك المصري التجاري مزايا عديدة في التسويق وخدمات جديدة. ويلخص عمر الشناوي رئيس قطاع الاستثمار بالبنك الوطني المصري الآراء السابقة بقوله إن تغيير الملكية قد يصاحبه تغيير في منهج الإدارة وبالتالي يحدث تغيير في السياسة الائتمانية والاستثمارات وقال إن هناك بنوكا تفضل التركيز علي المشروعات في حين تفضل أخري التركيز علي التجزئة المصرفية. ويضيف الشناوي أن الإدارة الجديدة تقوم بتغيير السياسة الائتمانية وفقاً لتوجهاتها ومن المحتمل أن تستمر في المشروعات القائمة الناجحة، وتلتزم بالتسويات التي أبرمتها الإدارة السابقة للديون المتعثرة.