تحقيق - محمود مقلد ومني البديوي: بعد فشل الجولة الأخيرة للاجتماع الوزاري لمنظمة التجارة العالمية في التوصل الي حل لمشكلة دعم السلع الزراعية اشتعل الصراع بين الدول النامية والمتقدمة حول تحرير تجارة السلع الغذائية وهو الصراع الذي تتخوف الدول الفقيرة ان يؤدي الي زيادة اسعار السلع الغذائية اذا ما استطاعت الدول المتقدمة فرض وجهة نظرها والغاء الدعم علي هذه السلع.. فماذا يمكن ان تفعل الدول العربية لمواجهة هذه الخطوة المتوقعة خاصة اذا علمنا ان الفجوات الغذائية العربية تصل الي 15 مليار دولار.. وايضا في ظل زيادة الانفاق علي الغذاء في مصر والذي بلغ خلال عام 2004 الي 155 مليار جنيه حسب تقارير وزارة التخطيط كما ان الاحصائيات الرسمية تؤكد ان الدولة تدعم القطاع الغذائي ب8 مليارات جنيه سنويا وحسب احصائيات معهد بحوث التكنولوجيا فان المصريين ينفقون 65 مليار جنيه سنويا علي الغذاء.. والسؤال: ما الحل لمواجهة رغبات الدول المتقدمة.. ومواجهة تحكم التكتلات الاقتصادية العالمية في اكثر من 90% من حجم التجارة في العالم والخبراء يقولون ان الحل الوحيد هو التعاون العربي في مجال الزراعة وانشاء مشروعات مشتركة تحد من فاتورة الواردات الغذائية العربية من الغذاء والتي تقدر بحوالي 25 مليار دولار سنويا وتفعيل اتفاقية التيسير العربية التي تسمح بمرور المنتجات بين الدول العربية دون جمارك.. لكن ما شروط الاستثمار العربي المشترك في مجال الزراعة؟ وكيف يمكن تحقيقه؟ وهل يمكن اذا حدث هذا التكامل مواجهة الحرب الشرسة التي تواجه الصادرات العربية خاصة المصرية الي اوروبا؟ في البداية يقول الدكتور احمد جويلي الامين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية ان تنمية الوعي الزراعي والاستثمار الزراعي العربي الجماعي في البلدان العربية اصبح امرا لا محالة في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه المنطقة العربية وزيادة حجم الفجوة الغذائية العربية والتي تبلغ نحو 15 مليار دولار والمتوقع زيادتها اكثر من ذلك في ظل تزايد حجم السكان في الوطن العربي مشيرا الي ان هناك ضرورة كبيرة لقيام مشروعات عربية انتاجية مشتركة لزيادة الانتاج وسد الفجوة الزراعية والغذائية فالاستثمارات العربية الحالية في المنطقة لا تزيد علي 20% من الناتج المحلي الاجمالي والتطورات والمتغيرات الدولية تفرض علينا ضرورة استخدام كل مواردنا خاصة الزراعية من اجل تحقيق الاكتفاء الذاتي واستغلال المميزات والتسهيلات الكبيرة التي تمنحها اتفاقية التجارة الحرة العربية التي تخفض الجمارك الي صفر مشيرا الي ان هناك امكانية كبيرة للحد كم فاتورة واردات الغذاء العربية التي تمثل عبئا كبيرا علي كل الموازنات العربية من خلال انشاء مشروعات غذائية مشتركة واستغلال جميع الاراضي العربية الصالحة للزراعة في السودان وسوريا والمغرب العربي ومصر لان معظم الدول العربية في الوقت الحالي اصبحت تعتمد علي تلبية احتياجاتها الزراعية والغذائية من الخارج وخصوصا الحبوب موضحا ان المتغيرات الدولية تفرض علينا زيادة حجم التبادل التجاري العربي والصادرات التي لم تتعد نحو 7.144 مليار دولار في الفترة من 92- 2000 برغم كل الامكانيات التي تمتلكها المنطقة. ضعف هياكل النقل ويري الدكتور اسامة خير الدين رئيس الاتحاد العام لمنتجي ومصدري الحاصلات البستانية ان اهم اسباب ضعف التبادل التجاري العربي وخاصة في مجال السلع الزراعية يرجع الي ضعف وقصور هياكل النقل فللاسف النقل البري والبحري والجوي يكاد يكون معدوما بين الدول العربية وذلك في الوقت الذي يعد النقل والمواصلات الجهاز العصبي لاي مؤسسة.. فالي الآن لا يوجد طريق بري بيننا وبين السودان وموريتانيا والمغرب والجزائر وتونس فالسلع التي يتم تصديرها الي موريتانيا تمر عن طريق اوروبا "فرنسا" للوصول وكذلك نجد انه رغم ان المسافة من القاهرة الي تبوك بالمملكة العربية السعودية 650 كم فان السلع الزراعية التي يتم نقلها من القاهرة تأخذ زمنا من 48 الي 96 ساعة بل واكثر من ذلك الكثير في اوقات الحج والعمرة حيث تصل الي خمسة عشر يوما. لذا فان تنشيط التبادل التجاري العربي وتحقيق التكافل يتطلب اولا ضرورة وضع استراتيجية كاملة للنقل تأخذ في اعتبارها دراسة العوامل السابقة والحالية والتي تعوق حركة النقل وكذلك دراسة الاسعار التي تتكلفها السلع وامكانية خفضها ودراسة القوانين والاجراءات الموضوعة بين الدول وبعضها لتيسير الحركة وتنشيط التبادل بشكل حقيقي. ويضيف دكتور خير الدين ان الاتحاد العام لمنتجي ومصدري الحاصلات البستانية يسعي حاليا الي تعظيم القدرة التنافسية من حيث وجود وسائل اتصال ومواصلات بين جهات الانتاج وجهات التسويق مؤكدا علي اهمية التكامل العربي في الفترة الحالية وخاصة اننا نعيش في عصر التكتلات العالمية وهو ما يحتم علي الدول العربية ان تتصدي لهذه التكتلات الضخمة بتكتل آخر مماثل