متي نتخلي عن هذه العادة القبيحة المتأصلة فينا منذ عهد الفراعنة حتي الآن، أن كل عهد جديد يلغي كل إنجازات العهد الذي سبقه ويحطم معابده وآثاره وإنجازاته؟! هذه العادة تحيا من جديد وتتم فصولها في وزارة السياحة، فبعد القضاء علي الأجندة السياحية. "وفاء النيل"، مهرجان السياحة والتسوق، فيديو كليب.. الخ جاء الدور علي مهرجان الأغنية الذي استغنت عنه وزارة السياحة وتشرق وزارة الثقافة عليه وان ظلب ادارته تحت قيادة السفير صلاح سليم. الجديد في المهرجان المشترك في دورته الأخيرة كان تكريم الفنانة الشابة الجميلة جدا نانسي عجرم والحق انني لم أصدق الخبر للوهلة الأولي وتخيلت ان الخبز مدسوس يرجي منه القضاء علي سمعة مصر الثقافية بل ومصداقية مصر صاحبة الحضارة الثقافية الممتدة عبر العصور والرائدة في مجال الفنون عامة والأغنية خاصة، وكيف نقع في مثل هذه الأخطاء المعيبة، كيف تكرم شابة صغيرة لم تعط ما أعطته فيروز أو صباح؟ ماذا أعطت نانسي عجرم لكي تستحق عليه التكريم سوي أنها شابة جميلة تؤدي بعض الطقاطيق البسيطة؟ تكرم علي ماذا بالضبط؟ أكاد لا أصدق ان الزمام قد أفلت بهذه الصورة التي تعدت كل الحدود. معروف ان المهرجانات الفنية والثقافية والرياضية ومهرجانات التسوق رافد منهم من روافد تنظيم عائدات السياحة المصرية ودعم الاقتصاد القومي، والذين يهاجمون اقامة مثل هذه المهرجانات بدعوي أنها اكثر مما ينبغي يريدون الرجوع بنا إلي عصر ال 2.2 مليون سائح. وكانت خطة الدولة زيادة الأجندة السياحية لجذب السائح علي مدار العام وليس في موسم واحد فقط وهكذا كان لدينا 33 مناسبة سياحية مختلفة، اختفي بعضها والبعض الآخر في طريقه للاندثار ولا أعلم ما اذا كانت المذبحة للاجندة السياحية تمت عن عمد وسوء قصد أم عن غفلة.. وسهو. لكن ما أعلمه ويعلمه الخبراء هو ان عدد ما نقيمه من مهرجانات لا يزال ضئيلاً جدا لو قارناه بالمهرجانات التي تقام سنويا في مواعيد ثابتة في مختلف دول العالم الأكثر حذبا للسياحة والعائدات السياحية. وفي تقديري أن الهجوم الذي تم علي الأجندة السياحية وعلي المهرجانات بصفة خاصة يخفي وراءه صراعات يريد منها البعض ان يكون هذا الرافد السياحي شديد الاهمية ساحة للصراع ولتصفية الحسابات ولتحقيق المصالح الضيقة والانتقام الشخصي علي حساب المصلحة العامة حتي لو كانت علي حسابهم في المستقبل القريب. وهذه كلها سلبيات كنا نظن انها وقف علي البيروقراطية والقطاع العام واننا تخلصنا ولو من جانب منها بعد خصخصة قطاع السياحة وبعد ان قدمت الدولة ولا تزال جميع التيسيرات والدعم لكل مستثمر أو صاحب ومصلحة جادة وموضوعي ونزيه، لكن يبدو ان القطاع الخاص لا يزال يعيش بعقلية القطاع العام القديم وبدلا من إثراء الأجندة السياحية نتخلي عن المهرجان الوحيد الذي تنظمه وزارة السياحة، ومع اننا مؤيدون شراكة وزارة الثقافة الا اننا لا تتصدور أبدا ان التخلي عن المهرجانات اصبح بهذه السهولة دون رؤية بديلة أو استنباط انماط جديدة. ويبدو اننا ارتددنا إلي تركيبة الموظف الذي لا يعنيه في كثير أو قليل ان يزيد عدد السياح أو بنقص، فالمهم في كل الأحوال ان يجامل فلاناً وان يكيد فلاناً وان يكون هو في الصورة ولا أحد سواه وهؤلاء نحيلهم إلي الأرقام التي لا تكذب والتي وردت في الاحصائيات والتي تقول ان دور المهرجان في تنشيط السياحة هو دور كبير وهي الأرقام التي تؤكد اننا مازلنا في بداية الطريق واننا ولسنوات طويلة قادمة نحتاج إلي مزيد من المهرجانات. ان سياحة المهرجانات عامل جذب سياحي وثقافي كبير وهذا يؤكد دور المهرجانات في الترويج السياحي وتنشيط الاقتصاد والتجارة والحياة الاجتماعية والفنية وفرنسا علي سبيل المثال تنظم 3500 مرجانا واسبانيا 8104 وبدلا من مضاعفة المهرجانات في مصر بل ومحاولة انشاء لجنة عليا للمهرجانات بالمشاركة مع المحافظات التي تقام فيها هذه المهرجانات والتنسيق فيما بينها من حيث المواعيد والتنظيم والتمويل والتسويق من خلال الشركات المصرية والدولية.. بدلا من كل هذا نهدر ما انجزناه بدلا من أن نزيده وتضيف إلية.. ونتقدم ولكن إلي الوراء!!