· مصر «غنية» بالكنوز الجيولوجية والتكوينات الجغرافية · صحراء مصر جاء منها قوم «عاد» وسار في دوربها الإسكندر الأكبر منذ شهور عديدة كانت لجنة السياحة البيئية باتحاد الغرف السياحية قد أعدت تقريرا هاما عن نشاطات السياحة الصحراوية.. هذا التقرير تضمن عقبات وعثرات أمام تلك النشاطات خصوصا أن مصر حباها الله بمناطق صحراوية متميزة وممتدة داخل الحدود المصرية.. هذا التقرير كان قد أشار لقرار أصدره الحاكم العسكري وهو برقم 5 لسنة 1984 ومنذ عهد وزارة المرحوم الفريق كمال حسن علي والذي يقيد التحركات علي مساحة تصل نسبتها إلي 85% من الأراضي الصحراوية المصرية! وهو يتضمن قيودا واشتراطات بخلاف كيفية استصدار الموافقات والتصاريح.. وعلي الرغم من انتهاء أسباب هذا الأمر العسكري الذي صدر منذ أكثر من 22 عاما إلا أنه مازال قائما.. ويقال والعهدة علي الراوي أنه سبق ورفع الأمر لرئيس مجلس الوزراء لإنهاء هذا الوضع المعكوس في الوقت الذي تتنامي فيه العديد من المشروعات السياحية اتساقا مع حركة المد السياحي وتشجيع السياحة الصحراوية.. ولكن الحال مازال محلك سر!! ثم هناك من قال إنه توجد معاناة سبق وتجسدت فيما وقع منذ سنوات علي معسكر ضم 150 سائحا وسائحة هولنديين، وتم هدم مطبخ المعسكر وطرد الطباخين والعمال وفرض تسديد مبلغ عشرين ألف جنيه رسم مبيت بالعراء علي أطراف كردون مدينة مطروح، وتمكن المشرف علي المعسكر تخفيضها للنصف وتم تسديدها نقدا وفورا!! ولكن المجموعة السياحية قامت بالطبع برفع شكوي بما حدث إلي السيد رئيس الجمهورية، وتم كتابة تقرير برأي اللجنة حيال علاج هذا الموقف المؤسف، تم رفعه لرئيس الاتحاد المصري للغرف السياحية، كما تم سرد ما تم أمام لجنة الثقافة والاعلام والسياحة بمجلس الشعب وقتها ورفع تقرير به لرئيس مجلس الوزراء!! يأتي ذلك في الوقت الذي سبق وأكد فيه المهندس ماجد جورج وزير الدولة لشئون البيئة أن السياحة البيئية تعتبر من أهم الروافد المحققة للدخل السياحي ولمكاسب اجتماعية واقتصادية للمجتمعات المحلية. وإيمانا من وزارة الدولة لشئون البيئة بأهمية السياحة البيئية كسياحة مثقفة وواعية قامت بحماية الأنظمة البيئية والتي تضمن تكرار زيارات روادها للاستمتاع بطبيعة مصر الخلابة وثرواتها البيولوجية فقد تم إقرار إستراتيجية خاصة بالسياحة البيئية في مصر عام 2005 والتي سبق تضمينها في محاور الاستراتيجية الوطنية لصون التنوع البيولوجي منذ عام 1998، كما أنها أصبحت أحد المباديء الأساسية لإعلان المحميات الطبيعية. وتضم شبكة المحميات الطبيعية حاليا 24 محمية علي مساحة 10% من أرض جمهورية مصر العربية. كما أنه من المخطط إعلان 16 محمية جديدة ليبلغ عدد المحميات 40 محمية حتي عام 2017 بما يوازي 17% من مساحة الوطن. وتجدر الإشارة إلي أن نسبة 70% من هذه المحميات الحالية والمستقبلية تعتبر مناطق صحراوية ومقاصد متميزة للسياحة الصحراوية، وإيمانا بدور هذه المحميات الحالية والقادمة فقد تم وضعها علي الخريطة لاستثمارية لاستخدامات أراضي جمهورية مصرعام 2002 . ولنا أن نعلم أن سياحة الصحراء في مصر تعتبر سياحة واعدة خاصة مع تزايد الإقبال عليها في السنوات الأخيرة ومع تطور إمكانيات ومعدات السفاري من عربات واتصالات وتوجيه بالأقمار الصناعية وتخييم وفنادق بيئية وخدمات جيدة. وهذه الوسائل جعلت من السياحة الصحراوية متعة للهواة ومحبي المغامرة. أيضا ساهم ذلك في تنظيم العديد من المسابقات الصحراوية للسيارات والموتوسيكلات والدرجات وتسلق الجبال والسير علي الأقدام في مواقع مختارة بعناية ومصانة بيئيا. هذا النوع من السياحة له جاذبية خاصة لعشاق الطبيعة من محبي مشاهدة الكنور الجيولوجية والتكوينات الجغرافية الرائعة، والحفريات التي تسجل عصور التاريخ وتحكي سيرة الحياة التي انقرضت منذ ملايين السنين، وتروي عن الغابات التي اندثرت والأنهار التي جفت والبحار التي انحسرت ما قبل التاريخ الحديث. كما أن تشكيلات الجبال والوديان وحركة الغرود الرملية تأخذ بلب السائحين، بالاضافة إلي مشاهدة الطيور والحياة البرية التي تجذب انتباه قطاع كبير من الزوار لما تعكسه من قيمة عالية علمية وسياحية. ومصر تعتبر بمساحتها المليون كيلو متر مربع جزءا من صحراء شمال أفريقيا. أكبر صحراء في العالم- والتي يقسمها وادي النيل إلي جزء غربي بنسبة 68% هي الصحراء الغربية، وجزء شرقي بنسبة 22% هي الصحراء الشرقية، وسيناء بنسبة 6%. فصحاري مصر لها تاريخ عريق علي المستويين الدولي والوطني، منذ العصر الحجري وقوم عاد والفراعنة والفرس والإسكندر الأكبر وحملات الحرب العالمية الثانية ومعارك الحروب الحديثة. وهي معقل للأديان ومسار العائلة المقدسة وممرات الحجيج. وتزخر بالكثير من المعادن والمناجم وحفريات الديناصورات والحيتان، وتضم الواحات الفريدة وينابيعها الغزيرة ومجتمعاتها الأصلية وتراثهم العريق ومنتجاتهم التقليدية، ومسجلا بها آثار حياتهم ونباتاتهم وحيواناتهم وطيورهم. فصحاري مصر يلفها الكثير من الأسرار والغموض مما جعلها موقعا جاذبا لرحلات المستكشفين والباحثين في أعماق التاريخ.. ويظل السؤال : لماذا لا يتم استغلال كل هذه الامكانيات؟