الجبلين يتأهل إلى دور ال 16 بكأس خادم الحرمين الشريفين على حساب الفتح    بدر عبد العاطي يلتقي وزير خارجية بوركينا فاسو    هجمات الاحتلال الإسرائيلي تدفع آلاف اللبنانيين للعبور إلى سوريا    شركة أنابيب البترول: نقل وتداول 8 مليارات طن كم خلال 2023-2024    وزير الرياضة يشهد على إنطلاق مدرسة فرانشيسكو توتي لكرة القدم    الأهلي يدعم فريقي السلة بصفقتين من أمريكا والسنغال    بعد القبض عليه.. تطور قضائي جديد في حبس الباحث إسلام بحيري    رغم تحسن الطقس.. الشبورة المائية في الصباح قد تسبب خطورة على الطرق    أحمد موسى بعد الإصابات المعوية بأسوان: خلي بالك من العيش    محمد أبو داوود ولبنى ونس في تجربة جديدة بتوقيع المخرج محمد هلال    الصحفيون الفلسطينيون نجم جوائز هيكل للصحافة العربية    ليلى عز العرب ونور قدري وطاهر أبو ليلة أبرز حضور العرض الخاص لفيلم "عنب"    رسائل نور للعالمين.. «الأوقاف» تطلق المطوية الثانية بمبادرة خلق عظيم    الكشف على 1049 مواطنًا خلال قافلة مجانية في البحيرة.. صور    تاج الدين: متابعة دقيقة للقادمين من الدول التي تشهد انتشار أمراض وتطعيمات للأطفال    بالأسماء .. الحركة القضائية للمحاكم الإدارية لمجلس الدولة    شركة المطورون العرب القابضة تشارك في سيتي سكيب 2024.. وتطرح مرحلة MUSE بنيووم مستقبل سيتي    «اتكلم باحترام».. كيف رد نجوم الزمالك على أحمد بلال؟    متحدث الإسكان: قرار إلغاء 70% من غرامات تأخير الشقق والمحال لدعم المواطن    5 توصيات لندوة مجلة الأزهر الشهرية حول المرأة    حقوق الإنسان التى تستهدفها مصر    تحديد موعد أول كلاسيكو فى الموسم بين ريال مدريد ضد برشلونة    وفد من الاتحاد الأوروبي يزور الأديرة والمعالم السياحية في وادي النطرون - صور    وزير الدفاع يشهد مشروع مراكز القيادة للقوات الجوية والدفاع الجوى    بحضور محافظة الدقهلية، نموذج محاكاة لخطة مواجهة سقوط الأمطار (صور)    بشرى سارة- ضخ كميات جديدة من الأدوية في السوق المصري (قائمة بالأسماء)    الأهلي يعلن عن صفقة جديدة قادمة من الزمالك    خالد الجندي يوجه رسالة للمتشككين: "لا تَقْفُ ما ليس لكم به علم"    أمين عام هيئة كبار العلماء: تناول اللحوم المستنبتة من الحيوان لا يجوز إلا بهذه الشروط    فنانو مصر يدعمون لبنان    صندوق أسرار مريم الجندي.. والدها من أشهر الفنانين وأخوها مخرج معروف    محافظ الدقهلية يشهد نموذج محاكاة للتأكد من استعداد الوحدات المحلية لمواجهة سقوط السيول والأمطار    روسيا: العالم الحديث يواجه تحديات غير مسبوقة ووحدة الدول ضد النازية دفعت لإنشاء الأمم المتحدة    البنك المركزي المصري يقبل ودائع بقيمة 848.4 مليار جنيه    وزارة الرياضة تنفذ سلسلة من الأنشطة المتنوعة للنشء بمراكز الشباب    «100 يوم صحة» قدمت 85 مليون و960 ألف خدمة مجانية خلال 54 يوما    رئيس جامعة القاهرة: لدينا علاقات قوية مع الجامعات الصينية ونبحث تبادل الزيارات والبرامج المزدوجة    وزير العمل: مصر تدعم كل عمل عربي مشترك يؤدي إلى التنمية وتوفير فرص العمل للشباب    اتحاد الكرة يعلن عن تشكيل الجهاز الفني لمنتخب الشباب بقيادة روجيرو ميكالي    بمجموعة من الإعفاءات.. «الضرائب»: النظام المتكامل للممولين يتميز بالتعامل مع كافة الأوعية    صاحبة اتهام صلاح التيجاني بالتحرش: اللي حابة تحكي تجربتها تبعتلي ونتواصل    توسيع نطاق الأعمال بمبادرة ابدأ.. كيف يمكن للصناعات المصرية الوصول للسوق الفنلندي؟    زيلينسكي يسعى لحشد الدعم للبنية التحتية للطاقة في أوكرانيا    اختلال عجلة القيادة.. تفاصيل إصابة 4 أشخاص إثر تصادم سيارتين بمنشأة القناطر    الجيزة تزيل 13 كشك و"فاترينة" مقامة بالمخالفة بالطريق العام في المنيب    الشلماني يثير حفيظة القطبين قبل موقعة السوبر    جامعة الأزهر: إدراج 43 عالمًا بقائمة ستانفورد تكريم لمسيرة البحث العلمي لعلمائنا    CNN: استراتيجية ترامب فى إثارة مخاوف الناخبين بشأن الاقتصاد تحقق نجاحا    وزيرة البيئة تتوجه إلى نيويورك للمشاركة في أسبوع المناخ    إيرادات مفاجئة لفيلم عاشق في دور العرض المصرية.. تفاصيل وأرقام    صوت الإشارة.. قصة ملهمة وبطل حقيقي |فيديو    ضغوطات وتحديات في العمل.. توقعات برج الحمل في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر 2024    وزير الخارجية: لا يمكن الحديث عن تنمية اقتصادية واجتماعية دون أمن واستقرار    باستخدام كبرى العلامات التجارية.. التحقيق في واقعة ضبط مصنع أسمدة منتهية الصلاحية بالغربية    العراق يمنح سمات الدخول إلى اللبنانيين الواصلين إلى المنافذ الحدودية    الصحة تعلن حصول 3 مستشفيات على شهادة اعتماد الجودة من GAHAR    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-9-2024 في محافظة قنا    أضف إلى معلوماتك الدينية| دار الإفتاء توضح كيفية إحسان الصلاة على النبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجهات الأربع المتورطة في هروب المتهمين في قضية تمويل المراكز الحقوقية
نشر في الأهالي يوم 07 - 03 - 2012


ثورة القضاة ضد انتهاك استقلاله
لم أصادف أمرا أوقضية ينطبق عليها بدقة مقولة «انقلب السحر علي الساحر» مثل القضية المعروفة إعلاميا بقضية «التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني الحقوقية».
لقد لجأ المجلس الأعلي للقوات المسلحة الذي يتولي إدارة البلاد بالاشتراك مع السلطات المختلفة لاصطناع هذه القضية، عندما شنت قوات الشرطة والجيش بصحبة النيابة العامة حملة مداهمة علي 17 من مراكز المجتمع المدني الحقوقية في يناير الماضي، وأغلقت مقارها
بالشمع الأحمر بعد الاستيلاء علي أوراق ومستندات واسطوانات مدمجة وأجهزة حاسب آلي، وشملت الحملة مراكز مصرية وأخري فروع لمنظمات حقوقية أجنبية، من أهمها المعهد الديمقراطي الأمريكي والمعهد الجمهوري الأمريكي ومنظمة فريدم هاوس الأمريكية ومنظمات مصرية غير مشهورة، وقيل وقتها إن المنظمات الأجنبية لم تحصل علي ترخيص من وزارة الخارجية المصرية، والمنظمات المصرية لم تحصل علي ترخيص من وزارة التضامن الاجتماعي، كما تلقت هذه المراكز جميعا تمويلا أجنبيا ولم تخطر به الجهات الرسمية في مصر، واستخدمت هذه الأموال «لخدمة أهداف أجنبية وزعزعة الأمن والاستقرار في البلاد».ولم يقل أحد لنا لماذا - إذا صحت هذه الاتهامات - تركت هذه المراكز تعمل في مصر سنوات طويلة قبل ثورة 25 يناير وعاما كاملا بعد الثورة!
ولماذا تم تسليم مقار المنظمات الأمريكية الثلاثة لأصحابها وتسليمهم جميع الأوراق والمستندات والأجهزة التي تمت مصادرتها خلال الحملة، ولم يطبق الإجراء نفسه مع المنظمات المصرية!
كان واضحا أن الهدف من اصطناع هذه القضية هو مواصلة الحملة ضد منظمات المجتمع المدني الحقوقية - المصرية أساسا - والتي لعبت منذ تأسيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» عام 1985 دورا بالغ الأهمية في نشر ثقافة حقوق الإنسان في مصر، وكشف انتهاكات حقوق الإنسان والحريات العامة التي تمارسها السلطات المصرية في ظل إدارة مبارك ثم المجلس الأعلي للقوات المسلحة، أمام الرأي العام المصري والمنظمات الحقوقية الدولية خاصة «لجنة حقوق الإنسان» التابعة للأمم المتحدة، ثم دورها المهم في التمهيد لثورة 25 يناير والتمسك بأهدافها ومطالبها بعد الثورة والتصدي للممارسات القمعية للمجلس الأعلي للقوات المسلحة والشرطة خلال العام الماضي وحتي الآن.
كل القوي تعترض
لقد بدأت السلطات الحاكمة الحملة في يوليو الماضي، وشنت حملات تشويه علي المنظمات الحقوقية وحركة «كفاية» و(6 أبريل) وشارك في هذه الحملة إضافة إلي بعض أعضاء المجلس الأعلي للقوات المسلحة، صحف قومية وحزب الحرية والعدالة «الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين» الذي قال رئيسه في تصريح منشور بصحيفة المصري اليوم أن العالم الخارجي الآن خاصة الصهاينة والأمريكان لا يريدون لمصر الاستقرار ولا الاستمرار، فهم أنفقوا في خمسة أشهر 240 مليون جنيه مصري - أي 40 مليون دولار - أعطوها ل 60 مؤسسة في مصر، وحصلت كل مؤسسة في المتوسط علي أربعة ملايين من الجنيهات.
وعادت السلطات في مطلع هذا العام لإحياء الحملة لتقع في الحفرة التي أرادت أن تحفرها لمنظمات المجتمع المدني الحقوقية المصرية، فقد فجرت هذه الحملة عدة قضايا:
استقلال القضاء.
العلاقة مع الولايات المتحدة والسيادة الوطنية.
سياسات المجلس الأعلي للقوات المسلحة.
دور جماعة الإخوان المسلمين «حزب الحرية والعدالة».
فبعد تحقيق قام به القاضيان «سامح أبوزيد» و«أشرف العشماوي» تمت إحالة القضية إلي محكمة جنايات شمال القاهرة التي يرأسها القاضي الجليل «محمد محمود شكري»، متضمنة اتهام 43 شخصا بينهم 19 أمريكيا و5 صربيين و2 ألمان و3 عرب و14 مصريا، وال 19 أمريكيا بعضهم خارج مصر وآخرون لاجئون إلي السفارة الأمريكية بالقاهرة، وعقدت المحكمة جلسة واحدة يوم الأحد 26 فبراير وقررت التأجيل لجلسة 26 أبريل القادم.
وبعد أيام من قرار المحكمة تأجيل نظرا لقضية فوجئ الرأي العام والدوائر القضائية بقرار هيئة المحكمة التنحي عن نظر القضية بعد جلسة في غرفة المداولة عقدها رئيس المحكمة مع عضوي اليمين واليسار، وأوضحت هيئة المحكمة أن تنحيها ناتج عن استشعارها الحرج بعد اتصال القاضي «عبدالمعز إبراهيم» رئيس محكمة استئناف القاهرة يطلب من المحكمة إلغاء قرار منع المتهمين في القضية من السفر، باعتبار هذا الاتصال تدخلا في عمل المحكمة ومحاولة للتأثير عليها، وكانت المحكمة قد رفضت خلال الجلسة الوحيدة التي عقدتها في 26 فبراير النظر في الطلب الذي تقدم به دفاع المتهمين بإلغاء قرار قاضي التحقيق بمنع المتهمين من السفر، لمخالفة هذا الطلب للمادة 388 من قانون الإجراءات الجنائية، التي تستوجب حضور المتهم بنفسه.
الضغوط هي السبب
ولم يقف تدخل القاضي «عبدالمعز إبراهيم» عند هذا الحد، بل لجأ للقول علنا بأنه طلب من القاضي «محمد محمود شكري» التنحي لأن له ابنا كان يعمل وكيلا للنائب العام وقدم استقالته ويعمل حاليا محاميا في مكتب للاستشارات القانونية له علاقة بالسفارة الأمريكية، وهو ما نفاه شكري تماما مؤكدا أن سبب تنحي الهيئة مجتمعة هو التعرض للضغوط، وأضاف «لو كان عمل ابني هو السبب لكنت قد تنحيت قبل بدء نظر القضية، وكنت سأتنحي وحدي وليس هيئة المحكمة بكاملها» مضيفا أن مكتب الاستشارات القانونية الذي يعمل ابنه لصالحه لا علاقة له بالسفارة الأمريكية أو عمل منظمات المجتمع المدني.
وأقدم رئيس محكمة استئناف القاهرة علي مخالفة أخري، بإحالة طلب إلغاء حظر السفر بعد تنحي هيئة محكمة جنايات شمال القاهرة إلي ما أسماه «دائرة التظلمات» والمشكلة برئاسة القاضي «مجدي عبدالباري» رئيسا والقاضيين «ممدوح سليمان طبوشة» و«حسام الطماوي» وجميعهم أعضاء في المكتب الفني لمحكمة استئناف القاهرة، ولم يسند لهذه الدائرة أي قضايا منذ بداية الموسم القضائي! ونشرت صحيفة الشروق أن رئيس الدائرة كان ضابطا بجهاز أمن الدولة وأن عضوي اليمين واليسار كانا ضابطين بالشرطة قبل تعيينهم بالقضاء!!
وفسر القاضي «عبدالمعز إبراهيم» قرار هذه الدائرة بإلغاء حظر السفر للمتهمين الأمريكيين التسع عشرة ، أن المحكمة رأت أن الواقعة المسندة للمتهمين «جنحة» وليست «جناية» وفقا للمادة رقم (98ج) والمادة (98د) من قانون العقوبات، وقررت إخلاء سبيل كل منهم بضمان مالي «كفالة» 2 مليون، وتم تسديد الكفالات التزاما بأحكام القانون.
ويتجاهل هذا القول أن قرار الاتهام قال ما نصه «.. يكون المتهمون قد ارتكبوا الجناية والجنح المؤثمة والمعاقب عليها بمقتضي نصوص المواد: 93 و40 و14 و34 و44 ج/أ و89 د/ 891 «ه» من قانون العقوبات»، إضافة أن القانون حدد أوجاع الدفاع أمام المحاكم، والمادة 388 من قانون العقوبات تمنع الدفاع من تقديم أي طلبات عن موكله ما لم يكن حاضرا لجلسة المحاكمة، وجميع المتهمين الأجانب لم يحضروا الجلسة التي عقدت الأحد الماضي، ويقول القاضي «مصطفي أبوطالب» رئيس محكمة جنايات القاهرة «الذي يملك قرار منع ورفع الحظر من السفر، وكذلك رفع الحظر والإفراج عن المتهم المحبوس احتياطيا، هي المحكمة التي تنظر الدعوي موضوعيا، ومادامت قد أحيلت الدعوي إليها وبمجرد إعلان أمرا لإحالة إلي المتهمين فإنه لا سلطان لأحد علي الدعوي إلا المحكمة التي تنظر الدعوي موضوعيا، ليس هذا فحسب بل ولا يجوز للمحكمة أن تنظر أي أمر أو مرافعة أو طلبات من المتهمين قبل جلسة المرافعة».
وكان طبيعيا أن يثير هذا العدوان علي استقلال القضاء ردود أفعال واسعة خاصة داخل السلطة القضائية وبين القضاة أنفسهم بعد أن تأكد ما قالوه مرارا من أن «في مصر قضاة مستقلون ولكن لا يوجد استقلال حقيقي للقضاء».
سحب التفويض
فتحرك «تيار الاستقلال» بين القضاة وكلف ثلاثة من قضاته «هشام رءوف - هشام جنينة - محمد المتين» الرؤساء بمحكمة استئناف القاهرة بجمع توقيعات لعقد الجمعية العمومية لمستشاري محكمة استئناف القاهرة خلال عشرة أيام لبحث «ما نشر حول حدوث تدخلات في قضية منظورة أمام محكمة الجنايات»، وقال القاضي هشام رءوف إن النية تتجه لعرض مشروع قرار علي الجمعية العمومية بسحب التفويض الممنوح للقاضي «عبدالمعز إبراهيم» رئيس محكمة استئناف القاهرة والذي تم بموجبه تشكيل دائرة خاصة لإصدار قرار السماح للمتهمين الأجانب في قضية تمويل منظمات مجتمع مدني بالسفر، وسحب كل اختصاصاته، والنظر في أمر «دائرة التظلمات» التي تم تشكيلها من 3 قضاة من محكمة استئناف القاهرة والتي ساعدته فيما تم من إجراءات، وفي أمر قضائها الذين قاموا بتنفيذ ما أمرهم به.
واجتمع في الإسكندرية مجموعة من قضاة تيار الاستقلال في نادي قضاة الإسكندرية وقرروا تقديم بلاغ وفقا للقانون لوزير العدل لإجراء تحقيق حول ما حدث في سير القضية وكيفية السماح للمتهمين بالسفر، وظروف وأسباب تنحي الدائرة التي كانت تنظر تلك الدعوي.
وقرر قضاة المنيا في اجتماع لمجلس إدارة نادي القضاة بالمنيا التقدم بثلاثة بلاغات لرئيس مجلس القضاء الأعلي والنائب العام ووزير العدل للتحقيق علي وجه السرعة.. فيما أثير حول حدوث اتصال من جانب المستشار عبدالمعز إبراهيم رئيس محكمة استئناف القاهرة بهيئة المحكمة التي تنظر قضية التمويل الأجنبي، ثم صدور قرار تنحي الهيئة عن نظر الدعوي، وما ترتب عليه من صدور قرار بإلغاء حظر السفر عن المتهمين الأمريكيين في القضية «لأن ما حدث يهدد استقلال القضاء ويهدر أحكام القانون والدستور» كما قال القاضي «حسين عبدالمحسن» عضو نادي قضاة المنيا.
وأعلن قاضيا التحقيق في القضية «سامح أبوزيد وأشرف العشماوي» رفضهما استكمال التحقيق في قضية التمويل الأجنبي غير القانوني لبعض منظمات المجتمع المدني العاملة في مصر، وقال العشماوي في تصريح صحفي «أشعر بالإهانة بعد إلغاء قرارنا بمنع المتهمين الأجانب من السفر، واعتبر أن ما حدث مع المستشار «القاضي» محمد محمود شكري الذي تنحي عن نظر القضية، تدخلا سافرا في عمل القضاء».
انتهاك السيادة الوطنية
والمشكلة الأكبر أن الأمر لم يقف عند انتهاك استقلال القضاء رغم جسامته وخطورته، بل امتد لانتهاك السيادة الوطنية وتأكيد أن تبعية الإدارة المصرية خلال حكم مبارك والسادات للسياسات الأمريكية لاتزال مستمرة وبقوة بعد الثورة.
فقد تدخلت الإدارة الأمريكية علنا في القضية ومارست ضغوطا سافرة علي الإدارة المصرية للسماح للمتهمين الأجانب وعلي رأسهم الأمريكيون بالسفر، وهو ما تحقق بمغادرتهم جميعا القاهرة يوم 1 مارس علي متن طائرة أمريكية عسكرية من طراز «دي سي 3 ثي»، بعد أن تولت السفارة الأمريكية نقلهم بسيارات السفارة إلي مطار القاهرة.
وشارك في هذه الضغوط وفد أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي المكون من «جون ماكين ولينزي جراهام وجون هوفن وريتشار بلومنتال» الذي اجتمع بالمشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة وأعضاء المجلس الذين يتولون حكم البلاد، ومع رئيس مجلس الشعب.. إلخ، وامتدح السيناتور «جيمس إنهوف» العضو البارز في لجنة القوات المسلحة ولجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ جهود المجلس العسكري قائلا «أريد أن أقر بالجهود التي بذلتها الحكومة المؤقتة والمجلس العسكري لاتخاذهم القرار المناسب بتسهيل الإفراج عن العاملين في المنظمات غير الحكومية الأمريكية».
وقبل صدور قرار الدائرة الخاصة التي قررت إلغاء حظر سفر المتهمين الأمريكيين صرحت هيلاري كلينتون (29 فبراير) بأن الولايات المتحدة ومصر ستحلان قريبا النزاع بشأن هذه القضية «ونحن نعتقد أننا سنحل المشكلة المتعلقة بمنظماتنا غير الحكومية في المستقبل القريب جدا.. هذا تقديري».
وفي برنامج تليفزيوني علي قناة مصر 25 «برنامج أهل البلد» قال اللواء علاء عزالدين مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بالقوات المسلحة سابقا إن التهديدات الأمريكية لمصر بعد «القبض» علي المتهمين الأمريكيين تعدت التهديد بقطع المعونة العسكرية ووصلت إلي حد التهديد بعمل عسكري ضد مصر «ليس عن طريق أمريكا ولكن عن طريق إسرائيل».
المجلس العسكري والإخوان
وبالقطع فلم تكن هذه الضغوط موجهة للقاضي «عبدالمعز إبراهيم»، ولم يكن هو صاحب قرار التدخل والضغط علي القاضي «محمد محمود شكري»، ولكن «المجلس الأعلي للقوات المسلحة» كان هو صاحب هذا الدور.
ولهذا السبب اعتبرت الصحف الأمريكية أن هناك «تحولا في سياسة المجلس العسكري من الهجوم إلي الخضوع للضغوط الأمريكية»، وتوقعت صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» أن المجلس العسكري يواجه «رد فعل عنيفا» من الشعب المصري، لأنه صور القضية في البداية بأنها عبارة عن «عملاء خارجين يهدفون لإلحاق الأذي بالبلاد»، والآن يري المصريون أن الحكام العسكريين رضخوا لضغوط الأمريكيين، واعتبرت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الأمريكية أن هناك انتقادات توجه للمجلس العسكري بشأن سياسته «التي تحولت إلي رضوخ للولايات المتحدة».
ومع الدور الأمريكي كشف الستار عن دور جماعة الإخوان المسلمين، فقد أصدر وفد مجلس الشيوخ الأمريكي الذي زار مصر بيانا شكر فيه جماعة الإخوان المسلمين للدور البناء الذي قامت به وحزبها السياسي «الحرية والعدالة» في تسهيل السماح للمتهمين الأمريكيين بالسفر، وأشارت مصادر صحفية إلي اللقاء غير المعلن الذي تم بين «جون ماكين» عضو مجلس الشيوخ الأمريكي ورئيس مجلس إدارة المعهد الجمهوري والمهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في مكتب الأخير، والاتفاق الذي تم خلال اللقاء لاضطلاع الجماعة بدور مع المجلس الأعلي للقوات المسلحة للسماح بسفر المتهمين الأمريكيين، وصدور بيان من حزب الحرية والعدالة عقب هذا اللقاء بساعات قليلة خفض فيه الحزب من لهجته الحادة ضد منظمات المجتمع المدني، كما قال الكاتب والصحفي البارز صلاح عيسي ف «حتي تتم صفقة من هذا النوع، لابد من إجراء اتصالات بأطراف سياسية مختلفة، وربما انتهي التفاهم الأمريكي مع المجلس العسكري إلي ضرورة الحصول علي موافقة من جماعة الإخوان المسلمين، باعتبارهم الطرف الحاصل علي السلطة، ومن الوارد أن تكون أمريكا حصلت علي هذه الموافقة من خيرت الشاطر».
وهكذا تكتمل أبعاد مربع المتورطين في هذه القضية التي تمس سيادة مصر واستقلال القضاء، والتي لا يمكن اعتبارها أحداثا عابرة، بل لابد من أن تتوقف الأحزاب والقوي السياسية الديمقراطية والمجتمع المدني أمامها طويلا، وأن تضع خطة عمل لتحرير الإرادة المصرية من التبعية وتحقيق استقلال القضاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.