«الحكومة الائتلافية» تنذر بصراع بين الإخوان والمجلس العسكري فاجأت جماعة الإخوان المسلمين وجناحها السياسي «حزب الحرية والعدالة» الرأي العام والأحزاب والقوي السياسية بالإعلان عن استعدادها لتشكيل حكومة «ائتلافية» يرأسها أحد قيادات الحزب. ففي حوار لبرنامج بلا حدود علي قناة الجزيرة يوم الخميس الماضي قال المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الإخوان «نطالب بحكومة يمثل فيها أكبر قدر ممكن من التيارات التي فازت في البرلمان، وأن تتكون من عدد من المتخصصين.. نطالب بالإسراع بتشكيل حكومة ائتلافية واسعة، وهذه الخطوة لا تكفي بمفردها، ولكن لابد أيضا بالإسراع بتكوين المحليات وانتخاب المحافظين.. هناك مبادرة أن يكون التمثيل في الحكومة حسب نسبة التمثيل للأحزاب في البرلمان، ونوسع المسألة للشخصيات العامة الوطنية من التكنوقراط حتي ولو من خارج البرلمان والأحزاب». وأصدر حزب الحرية والعدالة يوم الأحد الماضي بيانا أعلن فيه استعداده لتشكيل حكومة ائتلاف وطني بالتعاون مع القوي السياسية والحزبية في البرلمان أو خارجه، وقال «إن الثقة التي منحها الشعب للبرلمان المنتخب تلزمنا بتحمل هذه المسئولية التي يدعمها الشعب ويقف وراءها». والإشكالية التي يثيرها هذا الإعلان والذي يستند إلي القواعد والتقاليد السائدة في الدول الديمقراطية حيث يكلف الحزب الحاصل علي الأغلبية في البرلمان أو الكتلة الأكبر داخل البرلمان بتشكيل الحكومة، أن الإعلان الدستوري الذي يحكم البلاد الآن - ومن قبله دستور 1971 الصادر في ظل نظام الحزب الواحد - ينص علي أن رئيس الجمهورية «المجلس الأعلي للقوات المسلحة الآن» يعين رئيس الوزراء ونوابه والوزراء ويعفيهم من مناصبهم، ولا يلزمه بأن يكون هؤلاء من الحزب الفائز في الانتخابات، وبالتالي فلا يستطيع حزب الحرية والعدالة اتخاذ قرار إسقاط الحكومة القائمة «حكومة د. كمال الجنزوري» وتشكيل حكومة ائتلافية برئاسته إلا بموافقة المجلس الأعلي للقوات المسلحة، والذي يبدو متمسكا بحكومة الجنزوري. وعندما سأل مقدم البرنامج «الشاطر» عن الموقف في حالة رفض المجلس العسكري إقالة حكومة الجنزوري وتكليف الحرية والعدالة بتشكيل الحكومة، قال خيرت الشاطر «.. ستكون هناك قرارات عدة يقوم بها البرلمان مثل محاولة سحب الثقة والضغوط والنزول للشارع، فهناك خيارات كثيرة»، وهو ما يعني وقوع مواجهة بين المجلس الأعلي للقوات المسلحة والحرية والعدالة، الأول يتسلح بالنص الدستوري، والثاني بشرعية الانتخابات ومجلس الشعب. والمشكلة الأخري تتعلق بتشكيل الحكومة الائتلافية في حالة موافقة المجلس الأعلي للقوات المسلحة، فالحوار الدائر حتي الآن يتناول توزيع الحقائب الوزارية علي الأحزاب ونصيب كل حزب والأشخاص الذين يتولون هذا المنصب أو ذاك، دون التطرق إلي الأساس الذي يقوم عليه أي ائتلاف، وهو برنامج الحكومة. ويري المراقبون أن البرنامج الانتخابي الذي طرحه حزب الحرية والعدالة والذي يتضمن واقعيا استمرار نفس السياسات الاقتصادية والاجتماعية المطبقة في مصر منذ عام 1974 والقائمة علي روشتة صندوق النقد والبنك الدوليين وهيئة المعونة الأمريكية والتي تنص علي تخلي الدولة عن أي دور في الاستثمار والتنمية وتوفير الخدمات الأساسية والرهان علي القطاع الخاص المحلي والعالمي وآليات السوق الرأسمالي، والتي ثبت فشلها وأدت إلي ازدياد الفقر وارتفاع نسب البطالة وشيوع الفساد وتراجع التنمية.. هذا البرنامج يتناقض مع أهداف ومطالب ثوار 25 يناير، ومع برامج الأحزاب والقوي اليسارية «التجمع - التحالف الاشتراكي» وأحزاب ليبرالية «المصري الديمقراطي الاجتماعي» وغيرها، وبدون التوصل لبرنامج مشترك يقوم علي تنازلات متبادلة فلن تتشكل حكومة ائتلافية، إلا إذا اقتصرت علي حزب الحرية والعدالة والأحزاب التي تسير في فلكه، آخذين في الاعتبار أن حزب النور الذي يحتل الترتيب الثاني في مجلس الشعب يختلف برنامجه الاقتصادي والاجتماعي جذريا عن برنامج حزب الحرية والعدالة.