ناقشت الأحزاب عددا من القضايا المطروحة مؤخرا علي الساحة السياسية مثل الدستور الذي تريده البلاد والوحدة الوطنية وملف الفتنة الطائفية وكيفية التصدي لها وغيرها من القضايا التي تهم الجماهير من الشعب المصري، جاء ذلك خلال المؤتمر الجماهيري الذي عقده حزب «التجمع» بحدائق القبة تحت عنوان «مصر إلي أين؟».. ودعا إليه قادة وممثلي الأحزاب والقوي الوطنية. وفي كلمته طالب دكتور «رفعت السعيد» بأن تكون مصر دولة مدنية فلابد وأن تحكم الديمقراطية الشعب وتكون السيادة فيه للمواطن باعتبار أن الدولة مدنية ذات مؤسسات منتخبة ويديرها أجهزتها السياسية مع ضرورة الفصل بين السلطات الثلاث للدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية حتي لا تسيطر سلطة علي الأخري. وأضاف «السعيد» أن هناك ضرورة لتطبيق العدالة الاجتماعية، وحق المواطنة لضمان التكافؤ والمساواة في الفرص بين أفراد الشعب مع الأخذ في الاعتبار إمكانية استرداد جميع الأموال المنهوبة ومنها أموال التأمينات لتوزيع ثمار الدخل القومي ومنع حفنة من كبار الأغنياء من الاستحواذ علي الجزء الأكبر منها وتحديد الحد الأقصي والأدني للأجور. واستنكر «السعيد» أحداث الفتنة الطائفية الأخيرة والتي قد تشعلها المناهج الدراسية وتزرع بذورها في العملية التعليمية وعلي الجميع الاعتراف بوجود هذه المشكلة وحلها في أسرع وقت ممكن. احتقان متبادل وقد اختلف «سامح عاشور» رئيس الحزب الناصري فيما يخص قضية الوحدة الوطنية والملف الطائفي المصري موضحا أنه لا يمكن لأحد أن ينكر وجود مشكلة بين المسلمين والمسيحيين في مصر فهناك احتقان طائفي متبادل ولكي ننجو فعلينا بمعالجة الأسباب حتي نمنع من يريد استخدام هذه الفتنة من أن يصل لأهدافه، وأضاف «عاشور» أن المسلم الحقيقي لا يقبل نهائيا أي اعتداء علي أي كنيسة ونفس الأمر للمسيحي وإنما المشوه من الجانبين في فهم الدين هو من يبحث عن إشعال الفتنة وعلينا تجاوز هذه الأزمة ومعالجة الجذور فقبل الحديث عن النتائج علينا البحث في المقدمات. ويسترجع «عاشور» حادثين في نفس السياق ليوضح ارتباطهما بمرور البلاد بقضايا مهمة في تحديد المصير الأولي حادث كنيسة العياط والذي جاء متزامنا مع الاستفتاء علي التعديلات الدستورية وتسليم السلطة والاستعداد للانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة، والثانية حادث امبابة والذي جاء أيضا في توقيت الحديث عن العفو عن مبارك ورجال نظامه السابق وضرورة الإسراع بإجراء الانتخابات ولا ضرورة من وضع الدستور أولا والذي كان مطلبا شعبيا وسياسيا، ووصف «عاشور» الفتنة الطائفية التي يحاول إشعالها البعض بأنها قنبلة موقوتة يجب مناقشتها بعيدا عن الإعلام علي أساس من الحوار والفهم الصحيح من خلال العودة لقانون دور العبادة الموحد بمرجعية قضائية علي الكنائس والمساجد علي قدم المساواة. ويشير «عاشور» إلي أن ما يثيره بقايا النظام السابق هو محاولة لتحويل اهتمام الشعب عن قضيته الأساسية وهي استقلاله وتقدمه فنحن في اختبار تاريخي. وأكد «عاشور» أن الانتخابات القادمة والتي ستأتي في ظل عدم وجود دستور جديد ستكون غير حرة وغير نزيهة فلا يوجد منهج يحدد ويضبط العملية الانتخابية ولا يوجد أمن لحماية هذه العملية الانتخابية خاصة في ظل انهيار وتراجع دور الشرطة، بالإضافة إلي أن إعادة بناء مصر من جديد لا يتم إلا بدستور جديد يكون هو أساس الحكم ويكمل «عاشور» هل النظام الرئاسي أم البرلماني أم المختلط الأنسب للبلاد؟ كل نظام له مواصفاته الخاصة سواء في الرئيس أو البرلمان فالنظام البرلماني تكون صلاحيات الرئيس فيه رمزية ودور الحكومة هو الأهم مثل الهند وانجلترا أما النظام الرئاسي يكون الدور الأكبر للرئيس وعلينا اختيار الأنسب في ظل تكافؤ الفرص، ويؤكد «عاشور» ضرورة أن تكون إرادة مصر دائما حرة مستقلة دون الخضوع لأي معونات خارجية ويقصد الشأن الفلسطيني وما يملي علينا فيه والذي سندفع ثمنه فيما بعد. جدول زمني أكد «عصام شيحة» عضو الهيئة العليا لحزب الوفد أن مطالب الثورات دائما ما تكون واحدة حيث إنه في بداية القرن كانت ثورة 1919 قائمة علي أساس مطلبين للشعب هما الاستقلال والحياة البرلمانية وهما نفس مطالب ثورة 25 يناير، وعن سؤال «مصر إلي أين؟» يري «شيحة» أنها تسير إلي المجهول فرغم الجدول الزمني الذي فرضه المجلس العسكري وحكومة شرف لتحقيق مطالب الثورة لكنه وحتي الآن لم نر أي برنامج أو تحقيق لأي مطلب، وعن ملف الوحدة الوطنية يقول «شيحة» إن هناك 8 أقباط من إجمالي 30 فردا شاركوا في وضع دستور 1923 وبعد مرور 90 عاما تقريبا عدنا لنتحدث عن فتنة طائفية وهو أمر أصبح مرفوضا علاوة علي استمرار تمرير مشروعات القوانين بلا حوار وطني حولها هو أيضا شأن لن تقبله الأحزاب لأن ذلك يعني أن الثورة لم تغير في المناخ العام أي شيء، ويضيف «شيحة» أن المجلس العسكري فرض جدولا زمنيا ضد إرادة الجماهير فبدلا من أن يضع دستورا جديدا للبلاد حاول إحياء دستور 1971 من جديد في معركة علي الاستفتاء بين هل ستكون مصر دولة مدنية أم لا؟! الأمر الذي أعطي الفرصة للتيار الديني أن يعود فبدل الحديث عن السياسة أصبحنا نتحدث عن الدين والمادة (2). صنع المستقبل وعن مشاريع قوانين الأحزاب ومباشرة الحقوق السياسية التي فوجئ بها الجميع بلا أي حوار حولها يقول «شيحة» علينا أن نرسل رسالة إلي المجلس العسكري توضح فيها أننا لسنا عبيدا بل نحن أصحاب هذا الوطن وعلينا المشاركة في صنع مستقبله من خلال وضع وثيقة دستور جديد ينص علي أن تكون مصر دولة مدنية ديمقراطية حديثة ولكن الخوف كله الآن أن يسلم الجيش البلاد للتيارات السلفية. فرق تسُد وعن السياسة التي يتم اتباعها في البلاد منذ فترة يقول «نبيل زكي» المتحدث الرسمي باسم حزب «التجمع» والأمين العام المساعد للشئون السياسية إنها سياسة «فرق تسُد» التي تظهر مع كل احتلال للبلاد لفرض السيطرة فالحكام يحاولون إلهاء الناس عن جرائمهم ونهب الثروات والانصراف عن القضايا المهمة والانشغال فقط بمن هو مسلم ومن هو مسيحي؟ وخلق مشاحنات بهذه الفتنة التي لا تخدم سوي أمريكا وإسرائيل الكارهتين للتعدد والتنوع الديني ولا يعرفان سوي الانفراد بالسلطة لذلك كان التآمر علي النسيج الواحد. ويشير «زكي» إلي القضايا الحيوية التي يجب الاهتمام بها بعد ثورة 25 يناير وبعد التحرر من الديكتاتور وأبرزها دستور البلاد وحرية الشعب وكرامته حتي نصبح دولة قانون وليس فوضي، وبناء عليه أصبح علي الجميع بذل الجهود وعدم الالتفات لمن يحركون ملف الفتنة لسد الطريق أمام الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وتطبيق مبدأ المواطنة ويريدون تشويه الثورة خاصة أن شعب مصر أوعي من السقوط في مثل هذه الأمور السطحية، وعلي الجميع أن يدرك أن الاستقلال هو المطلب الأهم فلن نسمح بعنصر خارجي أن يتدخل في أمور نحن أقدر من غيرنا علي مواجهتها. العمال فيما أشار «أمين الحزب بالقاهرة» حسين أشرف إلي أن هذا المؤتمر كان من المقرر أن يناقش حقوق ومطالب العمال ولكن بعد ظهور أياد خفية تعبث بالفتنة الطائفية كان من الأهم مناقشة هذه الأمور الخاصة بمستقبل مصر وحماية حقوق الأقباط فيها وهو نفس ما أكده خالد عبدالعزيز شعبان نجل الراحل محمد عبدالعزيز شعبان والذي يسعي لاستكمال المسيرة مع جماهير الحدائق في ضوء برنامج حزب التجمع، أما الناشط السياسي بدائرة حدائق القبة الفنس حنا فقد أكد أن مصر عاشت بعيدا عن الفتنة الطائفية لفترة طويلة ولكن وبعد الأحداث الأخيرة يجب علي النخب المثقفة وقادة الأحزاب توحيد الصفوف من جديد واستنكار ما يحدث سواء من هدم الأضرحة أو حرق الكنائس لأن الشريعة ترفض ذلك.