سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رئيس هيئة قصور الثقافة سعد عبد الرحمن في حوار شامل للأهالي: أحلم بإنشاء قصور ثقافة في المناطق المحرومة العدالة غائبة علي مستوي الدولة.. والخدمات الثقافية لا تلقي الدعم المطلوب
الدكتور سعد عبد الرحمن الرئيس الحالي لهيئة قصور الثقافة، الشاعر المعروف هو واحد من أبرز أبناء الهيئة المخلصين ، يؤمن بالمنهج العلمي و ضرورة التجديد، استقبل من قبل العاملين بالهيئة بالورود والتهاني للعلاقات الإنسانية الحميمة التي تربطه بهم. د. عبد الرحمن شغل أيضا العديد من المناصب الرفيعة، لعل أبرزها رئاسته للإدارة المركزية للشئون الثقافية، والإشراف علي الإدارة المركزية للدراسات والبحوث، كما ترأس جمعية رواد قصر ثقافة أسيوط، ورئيسا للإدارة المركزية للشئون الثقافية، وأمين عام النشر. كما أنه أحد شعراء معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين، عضو اتحاد الكتاب، عضو المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، وله العديد من المؤلفات والدواوين منها: "النفخ في الرماد"- "حدائق الجمر"- "المجد للشهداء"- وكتاب "التعليم المصري في نصف قرن" الذي نال عنه الجائزة الأولي لأفضل دراسة نقدية في مجال النشر الإقليمي، كما حصد العديد من التقديرات والجوائز منها شهادة تقدير من وزير الثقافة الأسبق يوسف السباعي، بالإضافة لشهادة عضوية فخرية من جمعية إعلام الشرق الأوسط للتنمية والتطوير، وغيرها من التقديرات. الهيئة العامة لقصور الثقافة منذ أن أسسها المفكر أحمد أمين عام1945 بهدف رفع المستوي الثقافي والفني للجماهير من خلال المسرح والسينما والفنون التشكيلية والشعبية والموسيقي والكتاب، لعبت دورا بارزا في الحياة الثقافية منذ إنشائها. علي يد الراحلين سعد الدين وهبة، وسعد كامل. الآن وبعد أكثر من نصف قرن تحولت إلي تركة ثقيلة بعد أن اكتظت بالموظفين، والتهمت الرواتب ميزانيتها، فضلا عن غياب الإستراتيجية الثقافية، بالإضافة إلي تردي معظم المواقع الثقافية، وغلق أغلبها مما أدي إلي عزوف الجماهير عنها. في الحوار التالي تحاول الأهالي التعرف علي خطة رئيس الهيئة الجديد للنهوض بها، وكيفية الخروج من تلك الحالة المتردية حتي يتثني لها القيام بالدور الثقافي المنوط بها علي الوجه الأكمل. غياب الرؤية في نظرك لماذا تحولت الهيئة من منارة ثقافية وفنية إلي تلك الحالة من التردي، ؟ الهيئة تضم 543 موقعا ثقافيا، بعضها مغلق بسبب اشتراطات الدفاع المدني، وذلك عقب حادث بني سويف الأليم، فهناك تدقيق يصل إلي حد التعنت من قبل الدفاع المدني، لذا توقفت أنشطة المسرح في تلك المواقع بينما جميع الأنشطة والأمسيات الفنية والثقافية مستمرة. ولكن هذا لا يعني أنه لا توجد أسباب أخري تعرقل من أداء المواقع الثقافية لعل أبرزها ما يتعلق بالكوادر الثقافية وكفاءتها، وغياب الرؤية الإبداعية والثقافية لدي بعض قادة تلك المواقع، مما يفسر لماذا نجد موقعا صغيرا يتحول إلي منارة ثقافية يجذب إليه الجماهير، رغم ضعف إمكانياته، في حين نجد موقعا آخر أداءه مقصورا وضعيفا، علما بأنه يحظي بكل التجهيزات والإمكانات، ويعود ذلك إلي أن المسئول عن إدارته لا يتمتع بالكفاءة أو بالقدر المناسب من الوعي الثقافي. بالإضافة إلي عدم وصول المستحقات المالية إلي المحافظات البعيدة عن القاهرة بشكل جيد أو لائق، وذلك أمر يدعو إلي الإحباط والشعور بالظلم، ما أدي لعدم الإحساس بالانتماء، الأمر الذي انعكس سلبا علي أداء الموظفين، كذلك هناك مواقع بلا خدمات أو حتي مقاعد!! تبقي المشكلة الأخطر والتي تكمن في جيش الموظفين الهائل بالهيئة والذي يبلغ نحو 18ألف موظف، فالمواقع مكتظة بالموظفين والعاملين، لدرجة أن هناك مواقع علي سبيل المثال لا الحصر تتسع ل15 موظفا فقط لكنها في الواقع تضم أكثر من 80 فردا كما في الأقصر، وأيضا موقع دير مواس وهو بمثابة حجرة صغيرة لكنه به 65موظفا و18 عاملا للخدمات وهذا أمر لا يصدق وبالغ التعقيد. بطالة مقنعة في ضوء ذلك هل يمكن إعادة هيكلة الهيئة والنظر في آلية جديدة لتوزيع العاملين باعتبارها أحد أبرز المشكلات؟ الحقيقة لقد أصبح الوضع في الهيئة أشبه بالمأساة، والمؤكد أن إعادة التوزيع مسألة معقدة لأنه سيظلم العديد من العاملين الفقراء، فهناك حالات إنسانية لا استطيع تجاهلها، لكني أتصور إننا نستطيع التصدي لتلك الإشكالية عن طريق "التدريب التحويلي" وأقصد تدريب العاملين علي ما تحتاجه المواقع الثقافية كي نستغل تلك الطاقات المعطلة، علما بأن الهيئة لديها إدارة مركزية للتدريب في كل إقليم ثقافي، وذلك في تقديري سيجعلنا نتخفف من هذه العمالة التي تشكل بالفعل عبئا ثقيلا يلقي بظلاله علي المؤسسة باعتبارها بطالة مقنعة. لذا أتمني أن تقوم الدولة بإعادة توزيع العاملين، فهناك مؤسسات وهيئات حكومية في حاجة لعمالة، وهناك توجه آخر بأن نستفيد من تلك العمالة في مشاريع محو الأمية وذلك يمكن أن يساهم في القضاء علي الترهل الوظيفي. غضب الأدباء يري بعض الأدباء أن معايير النشر في الهيئة غائبة، بل إن بعضها تخضع للمجاملات ويبتعد أكثرها عن الموضوعية؟ هذا الأمر يتعلق فقط بسلسلتين يصدرا شهريا وهما "أصوات أدبية" ويشرف عليها الناقد محمد عبد المطلب وتقوم بنشر أعمال كبار الأدباء، بينما سلسلة "إبداعات" تنشر أعمال الشباب ويشرف عليها الروائي فؤاد قنديل. والمشكلة ترجع إلي عدم قدرة هذين السلسلتن علي استيعاب الكم الهائل المقدم لها من الإبداعات، لذا تخضعان لنظام قائمة الانتظار التي تصل في بعض الأحيان لسنوات، الأمر الذي يؤدي دوما إلي غضب الأدباء، لذا اقترح مجلس النشر تحويل السلسلتن إلي نصف شهرية، وربما نذهب إلي التوقف عن تلقي إبداعات جديدة حتي ننتهي من نشر القديم. وأعتقد ان مشروع النشر الإقليمي سوف يمكن كل محافظة علي مستوي الجمهورية من نشر أربعة أعمال يختارهم الأدباء أنفسهم، وهذا سوف يتم من خلاله استيعاب عدد أكبر من المبدعين، ومع ذلك لا تزال المشكلة قائمة لأن مصر ولادة وأعداد المبدعين هائلة وفي ازدياد دائم. البعض ينتقد كثرة السلاسل الأدبية، باعتبارها لا ترقي لمستوي النشر بل تمثل إهدارا للمال العام؟ إذا كان هناك شبهة فساد في اختيار أعمال ليست جيدة فهذه مسئولية الأدباء أنفسهم لأنهم هم المنوط بهم اختيار الأعمال الصالحة للنشر. وعلي الرغم من ذلك فهناك كتب وسلاسل تنفد فور إصدارها، مثل كتاب "الجنرال يعقوب" وغيرها، ولدينا العديد من السلاسل الجيدة منها "ذاكرة الكتابة" التي تعمل علي إعادة نشر الأعمال المهمة التي صدرت في القرن العشرين، وسلسلة "دراسات شعبية" و"دراسات نقدية" و"أفاق الترجمة" التي تهتم بالكتاب والمبدعين العرب المهمين، بالإضافة لسلسة "الأعمال الكاملة" التي أصدرت أعمال فؤاد حداد وأدونيس وفؤاد قاعود وغيرهم. وما يتبق من تلك الإصدارات يباع من خلال المعارض والمهرجانات التي تشارك فيها الهيئة، بجانب الإهداءات التي نقدمها للجمعيات الأهلية ومراكز الشباب، والجامعات، وذلك بالطبع يساهم في زيادة التوزيع. أري أن المشكلة تكمن في أن عدد المطبوع أكثر من احتياجات السوق، يضاف لذلك أن العديد من الكتاب ليسوا معروفين للقارئ، بالإضافة إلي أن عادة القراءة تراجعت إلي حد بعيد لدي الشعب المصري. توظيف عشوائي كيف تواجه التراجع الذي حل بالفرق المسرحية، ونوادي المسرح، في ظل غياب الإعلام، وتقلص الميزانية؟ بالفعل هناك أزمة حقيقية تتعلق بالإعلام فهو ليس بالمستوي المطلوب، وذلك يعود إلي أن معظم العمالة موظفة بشكل عشوائي، لدرجة أن التخصصات التي احتاجها لا أجدها رغم هذا الكم الهائل من الموظفين. كما أري انه لا توجد عدالة في التوزيع علي مستوي الدولة، خاصة أن هناك جهات وهيئات تحصل علي ميزانيات عالية، أما الهيئة التي تقدم الخدمة الثقافية فنصيبها محدود للغاية، فلم تتجاوز الميزانية 200 مليون جنيه، تلتهمهم المرتبات وتفاصيل أخري، ولا يبقي للإنفاق علي الإبداعات الثقافية والفنية في جميع محافظات وقري ونجوع مصر سوي 27 ألف جنيه!! ما يؤكد أن الثقافة في نظر الدولة لا تحظي بالاهتمام، في حين بلغت ميزانية الشرطة 9مليارات من الجنيهات، ما يفسر لماذا تراجعت مكانة مصر بعدما كانت لها الريادة علي مختلف الأصعدة الثقافية والسياسية والاجتماعية. مسرح متنقل هل مازالت القوافل الثقافية تلعب دورا في الأماكن المحرومة من الأنشطة والفنون؟ لدينا أربع قوافل، تطوف مختلف الكفور والنجوع والعزب المحرومة من الخدمات الثقافية في كل محافظات مصر، والقافلة عبارة عن سيارة بمقطورة يبلغ طولها 17مترا وبها مسرح متنقل، وتحتضن الفنانين والأدباء والشعراء. لكن المشكلة أن تلك القوافل تكلفتها عالية وتصل إلي 200 ألف جنيه، لذا أحلم بإنشاء قصور ثقافة في كل الأماكن المحرومة من الخدمات الثقافية. وآمل أن أنشئ قصر ثقافة في "واحة سيوه" علي وجه الخصوص لأن بها حرفا يدوية مميزة، يجب أن يتم التدريب عليها، حتي نتمكن من المحافظة علي تلك الحرف التراثية. ما خطتك للنهوض بالهيئة في المرحلة الراهنة؟ سأتصدي بكل قوتي للعقبات التي تعترض طريق تطور الهيئة، وسأعمل علي إزالة الاحتقانات بين الموظفين ، وسأسعي لحل مشاكلهم الخاصة بالمكافآت والحوافز والتثبيت، سأعمل علي راحة زملائي حتي يزول إحساسهم بالظلم وأن يستعيدوا ثقتهم في الهيئة، وبالتالي سينعكس ذلك بالإيجاب علي المؤسسة، وفي الوقت ذاته سأسعي لزيادة ميزانية الهيئة حتي نستطيع النهوض بها. أما فيما يخص الأنشطة الثقافية فقد ارتأينا بعد 25يناير أنه يجب أن نلعب دورا في توعية الناس، لذا عقدنا ندوات حول التعديلات الدستورية، والآن توجد سلسلة من الندوات حول انتخابات مجلس الشعب، ونحن بصدد إعداد برنامج، لتوضيح الحقوق الانتخابية، لنساعد المواطنين علي اختيار مرشحيهم. هيئة قصور الثقافة منوط بها تثقيف رجل الشارع العادي ورفع مستواه الثقافي.. فلماذا يحجم الجمهور عن أنشطة الهيئة؟ المشكلة الأساسية لدينا في فقر الإمكانات، ولو تغلبنا علي مواطن القصور سوف نستعيد ثقة الجماهير ونجذبها مجددا لأنشطتنا الثقافية. وماذا عن قصور الثقافة التي تحمل اسم سوزان مبارك، خاصة أن هناك رغبة حقيقية من قبل الشعب المصري في إزالتها؟ سوف نرفع ذلك للوزير الدكتور عماد أبو غازي لتغيير تلك الأسماء بأسماء شهداء الثورة. إلي أي مدي ستنعكس آثار ثورة 25 يناير علي أنشطة وفعاليات الهيئة؟ الثورة لم تكتمل بعد، ولم تؤت ثمارها المأمولة حتي الآن، لكننا نأمل أن تولي الحكومة الجديدة اهتماما خاصا بالثقافة والمثقفين في ظل الديمقراطية، أؤكد أن هذه المؤسسة سوف تواكب الآفاق الجديدة، وتزداد انفتاحا وتواصلا مع جماهير الشعب المصري، وأعد بألا يحتكر تيار بعينه المواقع الثقافية، أو أن تكون بوقا لأحد وستظل مواقعنا مفتوحة تحتضن كل الوافدين إليها، ذلك لأن المواقع الثقافية ليست حكرا لأحد بل هي ملك لجميع الجماعات الأدبية والفنية باختلاف أطيافها.