إلغاء الدوري .. يهدد بالقضاء علي الجيل الذهبي لمنتخب مصر منذ أن أسدل الستار علي منافسات الجولة الخامسة عشرة للدوري الممتاز المصري في موسمه رقم 54 في الثاني والعشرين من يناير الماضي، توقف النشاط الكروي بسبب ثورة الخامس والعشرين من الشهر ذاته. الحديث عن استئناف الدوري في القريب العاجل أو إلغائه بات الشغل الشاغل لكل متابعي الشأن الرياضي المصري منذ اجتماع ممثلي أندية الدوري مع مسئولي الإتحاد المصري لكرة القدم الأحد قبل الماضي وهو الاجتماع الذي طالب خلاله هؤلاء المسئولين المجلس الأعلي للقوات المسلحة باستئناف المسابقة التي أنهي الزمالك نصفها الأول في مقعد الصدارة وذلك في أقرب وقت وبالكيفية التي يراها.. توقف النشاط الكروي في مصر في الماضي كان سبباً مباشراً في تراجع كرة القدم المصرية في عدة حقبات زمنية، حيث ساهم توقف النشاط الكروي لأكثر من موسم عقب العدوان الصهيوني علي سيناء عام 1967 في القضاء علي جيل كامل من المواهب وحتي عندما تم استئناف مسابقة الدوري في بداية السبعينيات لم يسعف هذا منتخب مصر في إحراز لقبه الثالث في كأس الأمم الأفريقية رغم إقامتها علي أرضه عام 1974. المرة الأخيرة التي تم إلغاء الدوري خلالها موسم 89/90 بفرمان من محمود الجوهري لإفساح المجال أمام منتخب مصر للاستعداد للمشاركة في نهائيات كأس العالم بإيطاليا عام 1990، وتراجعت بعدها نتائج منتخب مصر بشدة.. ولم يعرف أبناء النيل طعم النجاح علي كل الأصعدة إلا عندما نجحوا في التتويج بكأس الأمم الإفريقية ببوركينافاسو مع الجوهري نفسه بعد ثماني سنوات من جُرمه في حق الكرة المصرية.. دوري 2010/2011 بين الإلغاء والاستئناف، قضية أصبحت مطروحة بشدة في الوسط الرياضي وصاحبها العديد من الأسئلة التي تحتاج لإجابات شافية وواضحة علي وجه السرعة.. هل يتم استئناف الدوري المصري مجدداً؟ أم يتم إلغاؤه بسبب الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد؟ وإذا تم استئناف النشاط هل ستقام المباريات دون حضور جماهيري كما نادي البعض بسبب غياب قوات الأمن ؟ وماذا عن رفض سمير زاهر ومعظم الأندية استئناف المسابقة في مدرجات خالية بسبب الخسائر الفادحة الناتجة عن التعاقدات الإعلانية التي أبرمها مسئولي (الجبلاية) ومعظم أندية الدوري مع المعلنين بالإضافة إلي بيع حقوق الدوري للقنوات الفضائية اللذين أصبح من حقهم مقاضاة الأندية والجبلاية للحصول علي مايتكبدوه من خسائر ماليه بسبب توقف الدوري. هل يمكن أن يتم استئناف الدوري بحضور الجماهير مع تولي عناصر من قوات الجيش المصري تأمين الجماهير وهي التي تعودت علي الحضور لمساندة الثلاثي العسكري في المسابقة (حرس الحدود و طلائع الجيش والإنتاج الحربي)؟ أم أن تامين مداخل ومخارج الملاعب المصرية وحماية الجماهير واللاعبين وأطقم الحكام داخل هذه الملاعب يحتاج إلي مقومات خاصة و تدريبات نوعية غير المتوافرة في قوات الجيش المصري؟ ماذا عن الخسائر المتوقعة فنياً و مالياً إذا تم إلغاء الدوري هذا الموسم؟ وهل ينعكس هذا علي مستقبل الكرة المصرية سواء علي صعيد المنتخب الذي يستعد لموقعة جنوب إفريقيا المصيرية نهاية مارس الحالي في الجولة الثالثة للمجموعة السابعة ضمن تصفيات إفريقيا لكأس الأمم الإفريقية بغينيا الاستوائية و الجابون 2012 ، وكذلك علي الأندية المصرية التي تستعد لخوض غمار الدور الأول لبطولتي دوري أبطال إفريقيا و كأس الإتحاد الإفريقي في مارس أيضاً؟ من يعوض الأندية عن الملايين التي تكبدتها في إبرام صفقات بالملايين من لاعبين و أجهزة فنية في المرحلة المقبلة؟ وهل الظروف الاستثنائية والمنعطف التاريخي الذي تمر به مصر المحروسة يتطلب من الجميع التضحية في سبيل مصر التي أعادت ثورتها الوليدة الانتماء لشباب نجح النظام السابق و آلاته الإعلامية المضللة في قتلها بامتياز علي مدار أكثر من ربع قرن؟ مراهنة البعض علي تغير سلوك الشعب المصري فيما بعد 25 يناير وكيف أظهر معدنه الماسي عن طريق ثورته البيضاء التي صاحبها بتكوين ما يعرف باللجان الشعبية لحماية الممتلكات العامة و الخاصة أثناء فترة الانفلات الأمني و ما تلاها من حملة تنظيف الشوارع والميادين التي شهدت الثورة . هل طال هذا التغير سلوك مشجعي كرة القدم وأصبح الخوف من تجاوزات هذا الجمهور أو ذاك في سبيله للتلاشي لأن الانتماء لمصر والخوف عليها أصبح أهم بكثير من الانتماء للأهلي أو الزمالك وغيرهما؟ ماذا عن الرأي الذي يتوقع أن تشغل منافسات الدوري - الذي ظهر بشكل استثنائي هذا الموسم في القمة و القاع- الجماهير الرياضية التي شاركت في الثورة بفاعلية عن الدفاع عن مكتسبات الثورة والعمل علي القضاء علي الفساد الذي استشري في أرض الكنانة كالنار في الهشيم في عهد النظام الساقط؟ الواقع يقول إن استئناف النشاط الكروي في مصر هو الأقرب للتنفيذ رغم الصعوبات التي تواجه هذا الأمر ، وذلك لأن الخسائر الناجمة عن إلغاء الدوري هذا الموسم لا يمكن مقارنتها بالمكاسب التي يتوقع أن يثمر عنها إلغاء المسابقة علي كل المستويات، ولعل المظهر الحضاري الذي ظهر به أول لقاء رسمي علي ملعب الكلية الحربية بين الزمالك و ضيفه ستارز الكيني في إياب الدور التمهيدي لدوري أبطال إفريقيا يعطي أفضلية لعودة النشاط الكروي في مصر في أقرب وقت ممكن.