ومنذ أن بدأت مرحلة التنفيذ والشيخ البنا يرقب الجيش باهتمام بالغ ويبذل جهده في التقاط أكبر عدد ممكن من الضباط وضمهم إلى صفوف تنظيم سري فى جماعته. وإمعاناً في السرية كان الشيخ يمسك بيده زمام هذا الأمر. وبدأت كوادر الجماعة في التقاط مجموعات من الضباط وتقديمهم واحداً واحداً وفي سرية تامة للمرشد. «وفي هذا الوقت كان الشاب جمال عبدالناصر يقوم بأول أول ارتباطاته السياسية مع شاب أزهري يكبره في السن بسبع أو ثماني سنوات هو أحمد حسن الباقوري (عضو جماعة الإخوان المسلمين)». ومجدي حسنين يقول «كنت حتي 1950 معروفاً بميولي للإخوان، وليس بميولي فقط، بل كنت على علاقة وثيقة بالمرحوم حسن البنا، وكنت أدرب أعداداً كبيرة من الإخوان». وكذلك حسن إبراهيم الذي يقول «كما قمنا بالاتصال مع الإخوان المسلمين من خلال الصاغ المتقاعد محمود لبيب وكان المرحوم حسن البنا يلتقي بنا». وخالد محيي الدين كان على علاقة لفترة من الوقت بالشيخ حسن البنا.. ويورد أحد الباحثين قائمة بأسماء أعضاء مجلس قيادة ثورة يوليو 1952 وانتماءاتهم السياسية فيحدد الانتماءات التالية : عبد الحكيم عامر : إخوان مسلمين. كمال الدين حسين : إخوان مسلمين. جمال عبد الناصر : الوفد- إخوان مسلمين. أنور السادات : مصر الفتاة – الإخوان المسلمين. ولفترة من الوقت كان أنور السادات ذا علاقة وثيقة بشكل خاص مع الشيخ البنا وقد تحدث عنها تفصيلاً فى كتابه «صفحات مجهولة». كذلك كان رشاد مهنا وحسين الشافعي على علاقة بالإخوان. ويقول أحد الكتاب إن جمال عبدالناصر قد سئل في أحد الاجتماعات التمهيدية للضباط الأحرار «هل نتوقع من الإخوان خيراً؟» وأجاب عبد الناصر نعم خير كثير». ويروى خالد محيي الدين في حديث شخصي معه أن الضباط كانوا يلحقون مباشرة بتشكيل سري وأن مراسم انضمامهم كانت توحي بالسرية المطلقة حيث تتم البيعة في غرفة مظلمة ويقسم الضباط على مصحف ومسدس. ويؤكد أحمد حمروش فى كتابه «قصة ثورة 23 يوليو» أن كثيراً من الضباط قد انفضوا عن الجماعة إبان حرب فلسطين بسبب تدخل القيادة السياسية للجماعة في التكتيكات الفنية قتالياً، ضارباً لذلك مثلا بالشيخ محمد فرغلي الذي كان قائداً لمتطوعي الإخوان فى حرب فلسطين، والذي صمم على أن يهجم الإخوان على أعدائهم متراصين سنة عن رسول الله، الأمر الذي أوقع فيهم خسائر فادحة، والذي دفع عددا من الضباط إلى التمرد على تعليمات الجماعة والانفضاض عنها. والسؤال هو : ماذا كان يريد البنا من هذا النشاط المكثف في صفوف الجيش؟ والحقيقة أن هذا السؤال، قد وجه في اجتماع سري عقد في جزيرة الشاي وحضره جمال عبد الناصر والصاغ محمود لبيب المستشار العسكري للمرشد، ووجه عبد الناصر السؤال وأجابه محمود لبيب «علينا أن نبدأ في تكوين مجموعات من الضباط ذوي الإيمان والعقيدة، وعندما يحين الحين نبرز جميعاً في صف واحد لنتصدي لعدونا ونمنعه من محاربة دعوتنا».