هم أغلبية من الشبان يحاولون تغيير معطيات الحياة والتوفيق بين أحلامهم الكبيرة وإمكانياتهم المادية الصغيرة، بعضهم ينزلون إلى ميدان العمل قبل نيل شهاداتهم ليس من باب إشغال وقتهم، بل كي لا تتبخر طموحاتهم بحجة القلة. طلاب مكافحون يبنون مستقبلهم بأيديهم ويحصلون على رزقهم بعرق جبينهم، بعضهم اعتاد هذا النمط من الحياة، وبعضهم الآخر لا يتوانى عن التعبير عن أوجاعه لأن الحياة زادت بقسوتها عليه، انخرطوا باكراً فى سوق العمل لسداد قسط الجامعة أو المعهد، أو لمد يد العون للأهل وأحياناً لتأمين مصروف الجيب الذي أصبح مكلفاً، أو لخوض تجربة استباقية قبل تخصصهم الدراسي. فى البداية يقول أحمد سعيد سيد أنه ومنذ كان صغيراً يعمل إلى جانب دراسته، حيث كان يلتزم بالعمل فى فترة بعد الظهر والليل، أما دافعه للعمل فهي الحاجة المادية التي يقول إنها ليست حاجة خاصة وشخصية فقط بل تشمل مساعدة الأهل، وعما إذا كان عمله بمبادرة ذاتية أم بدافع من الأهل؟ أجاب: جاء بمبادرة مني لأن العمل يشعرني بالإستقلالية، والعمل فى سن صغيرة يؤدي إلى شخصية قوية واستقلال فى القرار، وهناك فارق كبير بين الجلوس فى المنزل وانتظار المصروف من الأهل، وبين العمل ومساعدتهم. أحمد 20 سنه فى السنة الثانية معهد حاسب آلي ويعمل مشرف بيع فى فرع من فروع شركة تنتج اسطوانات وبرامج وألعاب الكمبيوتر، ويؤكد أن من حسن حظه ان الشركة تراعي ظروف دراسته فى أوقات العمل بما يسمح له بحضور الدراسة. ويؤكد هاني محمد عبد الصبور 23 عاما كلية الحقوق أنه يعمل ليدفع مصروفاته الدراسية ويساعد أهله، وحتى يتمكن من وفاء التزاماته يعمل من الرابعة ظهراً حتى منتصف الليل فى مركز لكتابة الرسائل وترجمتها، ويستطيع أن يوفر من مصروفه الشخصي لأنه لا يدفع تنقلات، بحكم أن عمله وسكنه وجامعته تقع فى منطقة واحدة، ولكن يضيع هذا التوفير فى اجرة السكن، ويقول هاني أن العمل والعلم عندما يتلازمان يؤديان إلى تجربة مفيدة فى الحياة، وأنا أنظم حياتي وفق أولويات أولها مساعدة الأهل ثم مصاريف الجامعة ثم مصروفي الشخصي. أما محمد عادل 23 عاما حاصل على شهادة بكالوريوس تجارة ويحضر الآن دبلومة فى التمويل الدولي ويعمل بائعا فى محل تمتلكه اسرته لبيع المشغولات الذهبية، ويجد الوقت الكافي لدراسته وعمله يقول اعتدت أن يكون وقتي مثمراً منذ كنت صغيراً فكيف سيكون الآن، لو كنت من غير عمل كنت سأشعر بالملل بالتأكيد من حياتي، حيث اجد متعتي فيه إلى جانب تحقيقي لذاتي. سعيد عطية 19 عاماً يدرس فى الثانوية الصناعية قسم لحام ويعمل لكي يكمل تعليمه ومساعدة الأسرة، حيث يعمل بائعا فى سوبر ماركت ويقول أن العمل علمني الكثير واشعر بحلاوة الإعتماد على الذات، حيث ارى بعض زملائي فى الدراسة من غير العاملين لا يتمتعون بأي احساس بالمسئولية، ويتمنى بعد انتهاء دراسته أن يفتح مشروعا متخصصا فيما درسه. ويعمل محمود عبد الفتاح 17 عاماً الذي يدرس فى الثانوية الصناعية قسم تشكيل معادن، بائعا فى سوبر ماركت ويقول لقد اعتدت على هذا النمط من الحياة ولا يزعجني ابداً، ويحلم أن يكمل دراسته ويدخل معهد المساحة ثم يلتحق بكلية الهندسة. ويعد محمد عبد المجيد الذى يبلغ من العمر 12 عاما، من الأطفال الذين تحملوا مسئولية انفسهم ورسموا لأنفسهم مستقبلاً مليئاً بالمصاعب، لكنه يتميز بالكفاح، فرغم انه صغير السن ومن المفترض أن يقضي نصف يومه فى المرح واللهو مع اصحابه، إلا انه يستيقظ مبكراً كل يوم صباحاً مسرعاً ليذهب لمدرسته، وبعد انتهائها يعود للمنزل ليأكل ثم يذهب لعمله حيث يعمل صبي جزار ليتمكن من الحصول على لقمة العيش دون الحاجة وطلب المساعدة والعون من أحد، يغسل وينظف المحل ويقطع اللحمة ثم يوصلها لمنزل الزبون، ويحصل على الإكرامية التي تكون ليست كبيرة، لكنه يقول الحمد لله استطيع أن ادخرها لتنفعني فيما بعد، ويشير محمد إلى أنه يحصل على مرتب اسبوعي يشتري منه احتياجاته البسيطة ويعطي بعضه للأهل ويقوم بادخار القليل الباقي ليكون عوناً له فى المستقبل ويعتمد على نفسه لا أسرته، وهو فى السنة السادسة الإبتدائية ويتمنى أن يكمل تعليمه ويحصل على مؤهل عال ويعمل بوظيفة مرموقة عندما يكبر وأن يُكوّن بيت وأسرة، ويشكر محمد صاحب العمل على انه يسمح له فى اثناء الدراسة أن يأتي للعمل بعد الظهر