فئات كثيرة فى المجتمع تكافح لمجرد البقاء علي قيد الحياة فى هذا الوطن الذي تخلي عن فقرائه وأصبح العيش فيه وحده يتطلب كفاحا ونضالا مستمرا و كل فئة فى المجتمع تكافح علي طريقتها الخاصة ، انضم العنصر النسائي للباعة الجائلين فأصبح مشهدا روتينيا ان ترى فتاة فى عمر الزهور تعرض منتجاتها على ركاب المترو. نزلنا الى المترو وتحاورنا مع الفتيات البائعات وسألناهن عما جعلهن يلجأن لتلك المهنة الصعبة. زينب عبد الرحمن 30 عاما متزوجة وأم لطفلين بائعة ادوات تجميل: حاصلة على دبلوم تجارة كنت آمل فى اكمال دراستى والالتحاق بكلية التجارة ولكن أهلى رفضوا لضيق ذات اليد ثم تزوجت ابن عمى وكانت الحالة ميسورة الى حد ما، وفى يوم سىء تعرض زوجى لاصابة عمل افقدته قدرته على العمل كنا فى البداية نعيش على اعانات ومساعدات أهل الخير ثم بدأت تقل تلك المساعدات حتى اصبحت لا تكفى مصاريف المعيشة الأساسية فتشجعت واشتريت بعضا من أدوات التجميل واصبحت اعمل فى عربات السيدات فى المترو حتي استطيع ان اعيش انا وزوجى المعاق وطفلاى. تركنا زينب تكمل مسيرة كفاحها وانتقلنا لفتاة اخرى رانيا محمد 20 عاما بائعة طرح حريمى: طالبة فى كلية حقوق أسرتى الفقيرة لم تستطع تحمل تكاليف دراستى فى الثانوية العامة فأعتمدت على مجهودى الذاتى ولم ألجأ للدروس الخصوصية او مجموعات التقوية وعند الالتحاق بالجامعة قررت تحمل اعباء مصاريف دراستى عن أبى الموظف الغلبان فعملت فى المترو ابيع طرحا وايشاربات حريمى الى جانب الجامعة ودراستها فأنا اعيش على امل التخرج بتقدير عالى لأتعين فى الجامعة او حتى اجد عملا لأساعد أبى على مشقة الحياة. هدى جابر 25 عاما بائعة ادوات منزلية: اعمل فى المترو منذ سنتين ونصف فأنا مخطوبة لشاب فقير مثلى مرتبه من عمله لن يكفى لبناء منزل لنتزوج فيه حتى بعد 10 سنوات لذلك فكرنا أنا وهو فى طريقة لكسب الرزق والادخار لبناء عش الزوجية فقررنا العمل كبائعين فى المترو فهو أيضا يعمل معى ولكن فى عربات الرجال، كذلك تركنا هدى لتحقيق حلمها هى وخطيبها فى تأسيس منزل متواضع رغم ان الحلم الذى يبدو صعب المنال عليهما هو فى الأساس أحد أبسط حقوقهن على الدولة. رأينا فتاة أخرى صغيرة روت لنا قصتها ميادة على 18 عاما بائعة ملابس حريمى:أنا اصغر سنا كنت اتسول مع أبى فى الشوارع من المارة وكانت هذه هى مهنتنا التى نأكل منها ولكن عندما كبرت فى السن بدأت أشعر بالخجل من كوننا متسولين فطلبت من أبى ان نكف عن هذا رفض فى البداية ثم وافق بعد الحاحى عليه فقررت العمل فى المترو لسد احتياجاتنا دون مذلة لكرامتنا كما فى السابق. القصص السابقة التى روتها اصحابها من البائعات تجعلنا نتوقف قليلا حول وجود طبقات فى المجتمع لم يأخذوا ايا من حقوقهم على الدولة فلجأوا للعمل فى مهن صعبة وشاقة لتوفير مجرد الاحتياجات الاساسية من مسكن وملبس ومأكل وتعليم.