نظم مركز القاهرة لحقوق الإنسان يوم السبت الماضي مائدة مستديرة حول «كيف سيضمن الدستور الجديد حقوق الإنسان» شارك فيها عدد من قيادات الأحزاب ومنظمات حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين، وثلاثة من أعضاء لجنة الخمسين لكتابة الدستور، وهم «مني ذوالفقار» نائب رئيس اللجنة و«حجاج أدول» و«حسين عبدالرازق». وامتد النقاش لعديد من القضايا، ولم يقتصر علي حقوق الإنسان في الدستور، كاشفا عن غياب كثير من المعلومات والحقائق عما يدور في لجنة الخمسين، رغم الجهد المميز الذي يبذله محمد سلماوي المتحدث باسم اللجنة ومعاونيه. وكان التساؤل الأول الذي طرح خلال مناقشات «المائدة المستديرة» يدور حول مسئولية اللجنة.. وهل يقتصر عملها علي تعديل دستور 2012 المعطل أم كتابة دستور جديد، وهو تساؤل أظن أنه حسم منذ أقدمت لجنة الخبراء العشرة القانونية علي حذف 32 مادة من دستور 2012 وتعديل أكثر من 130 مادة، وأكدت لجنة الخمسين أنها ستعمل علي كتابة دستور جديد عندما أعلنت منذ اليوم الأول أن المسودة المحالة إليها من لجنة الخبراء العشرة ودستور 2012 الذي تم إسقاطه بثورة 30 يونيو وإعلان 3 يوليو ومشروع دستور 1954 ودستور 1923 وغيره من الوثائق الدستورية المصرية والعالمية، هي مراجع سيتم الاستعانة بها في كتابه دستور 2013. وأثار بعض المشاركين في «المائدة المستديرة» ما اعتبره تركيزا من لجنة الخمسين علي موضوع «الهوية» وتجاهل القضايا الاقتصادية والاجتماعية، وانجرار «اليسار» لهذا الاتجاه وقد فاتهم أن العمل في لجنة الخمسين انقسم إلي ثلاث لجان «لجنة الدولة والمقومات الأساسية» وتختص بالمواد من 1 إلي 36، و«لجنة الحقوق والحريات العامة» وتتناول المواد من 37 وحتي 75، و«لجنة نظام الحكم» وتهتم بباقي مواد الدستور، وانتهت اللجنة الأولي من مناقشة المواد من 1 إلي 16 التي تشتمل علي مواد «الهوية» ولم تصل أي من اللجان إلي المواد المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتي تحظي باهتمام اليسار وممثلي العمال والفلاحين، بل كثير من القوي والشخصيات الديمقراطية في لجنة الخمسين، إضافة إلي أن حسم موضوع الهوية والمواد الخاصة بالدولة والمقومات الأساسية سيؤثر بالقطع في صياغة كل مواد الدستور الأخري. كما أثير موضوع الفئات والطبقات الضعيفة وأهمية التمييز الإيجابي لها، بما في ذلك نسبة ال 50% للعمال والفلاحين وكوتة المرأة، وسيناء والنوبة، بل والأمازيغ ، وقبل ذلك كله الأقباط، وكلها قضايا حقيقية مطروحة أمام اللجنة وتحتاج لاجتهادات جديدة. وهناك اتجاه للتمييز الإيجابي لكل هذه الفئات والطبقات لفترة زمنية محددة، كما أن الاتفاق علي نظام القائمة النسبية غير المشروطة قد يساعد في حل هذه المشاكل. ولم تكن هذه هي كل القضايا التي طرحها المشاركون في المائدة المستديرة التي دعا إليها مركز القاهرة لحقوق الإنسان، فقد أثار المشاركون قضايا المواطنة ومنع التمييز وأهمية ديباجة الدستور في حسم القضايا المبدئية، وأهمية عدم الإحالة للقانون فيما يخص الحقوق والحريات العامة، ومرجعية المواثيق والاتفاقات والمعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان والحريات العامة، والحقوق الاجتماعية والاقتصادية، والتأكيد علي دولة القانون وعدم هيمنة السلطة التنفيذية علي بقية السلطات، وتحديد وتقليص سلطات رئيس الجمهورية أيا كان نظام الحكم الذي ستستقر عليه اللجنة، وضرورة أن تضع اللجنة الرأي العام في المجتمع في حسابها، فمشروع الدستور الذي ستنتهي إليه اللجنة يحتاج للموافقة عليه حصوله علي نسبة عالية من المشاركة والتصويت لصالحه في الاستفتاء الذي سيجري عليه. وأظن أن لجنة الخمسين تضع كل هذه القضايا في اعتبارها، وهو ما أكدته «مني ذوالفقار» نائب رئيس اللجنة خلال حديثها الختامي في هذه المائدة المستديرة.