يبدو أن المحامية مني ذوالفقار كانت حسنة النية ومتفائلة أكثر مما ينبغي عندما تصورت أن في استطاعتها واستطاعة غيرها من أساتذة وفقهاء القوانين والدساتير، إقناع أعضاء الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور بإعادة النظر في صياغة عشرات المواد المختلف عليها من مسودة الدستور المطروحة حالياً أمام الرأي العام والأخذ بالتعديلات المهمة والضرورية المطروحة عليهم، ثم اتضح أنها وغيرها في واد والأغلبية العددية للتأسيسية في واد آخر! الدليل علي ذلك أن مني ذوالفقار رحبت بالمادة 86 التي تنص علي المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة في كل المجالات وفي الوقت نفسه وجدت أن تلك المادة ستلقي ترحيباً أكثر لو تم حذف عبارة " بما لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية" لأن الإبقاء عليها كما تقول ذوالفقار يتعارض مع المادة 2 التي تنص علي " مبادئ" الشريعة وليس " أحكامها". الطريف أن اللجنة التأسيسية حسمت هذا الخلاف القانوني حول المادة 68 بعد 5 جلسات من التفاوض بين القوي الإسلامية والمدنية بالاتفاق ليس فقط علي إلغاء العبارة أو الإبقاء عليها، وإنما بإلغاء المادة بأكملها من الدستور (..). نعود إلي تحفظات واقتراحات مني ذوالفقار بالنسبة لباقي البنود، فنتوقف أمام المادة 93 الخاصة بحرية العقيدة وممارسة شعائرها، التي تنص علي: [حرية الاعتقاد مصونة وتكفل الدولة حرية إقامة دور العبادة للأديان السماوية علي النحو الذي ينظمه القانون]. واقترحت مني ذوالفقار تعديل هذا النص ليصبح:[حرية العقيدة مطلقة وحرية ممارسة الشعائر الدينية مكفولة. وتكفل الدولة حرية إقامة دور العبادة للأديان السماوية علي النحو الذي ينظمه القانون]. مبررات هذا التعديل ترجع إلي: [حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية حقوق دستورية ثابتة في دستور1971 المادة 64 كما انها ثابتة بموجب المادة 81 من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي شاركت مصر في صياغته وصدقت عليه دون أي تحفظات. ولا يمكن حرمان أي إنسان من ممارسة العبادات الدينية في المنزل أو غرفة الفندق. أما حرية إقامة دور العبادة فيجب أن يصدر قانون لتنظيم الإشتراطات والتراخيص لبنائها باعتبارها جزءا من المخطط العمراني الذي يجب أن يلبي حاجات المجتمع الواقعية علي أساس معايير موضوعية دون تمييز. والنص المقترح يتفق مع التزامات الدولة وفي نفس الوقت يرخص للقانون بتنظيمها]. ومن مادة حرية ممارسة شعائر الديانات، إلي المادة 84 الخاصة بحرية تكوين الأحزاب والجمعيات، التي وجدت مني ذوالفقار فيها ما يثير التساؤل عن أسباب حذف النص السابق علي حظر قيام أحزاب أو جمعيات علي أساس ديني أو سرية أو ذات طابع عسكري؟! فالمادة التي جاءت في مسودة الدستور تقول: [للمواطنين حق تكوين الجمعيات والأحزاب بمجرد الإخطار، وتمارس نشاطها بحرية، وتكون لها الشخصية الاعتبارية، ولا يجوز حلها أو حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائي]. ومن رأي مني ذوالفقار أن هذا النص يحتاج إلي إضافة بالغة الأهمية تنص علي: [ويحظر إنشاء جمعيات أو مؤسسات أهلية أو أحزاب سياسية علي أساس ديني، أو جغرافي، أو يكون نشاطها سرياً، أو ذا طابع عسكري، أو استنادا لأي مرجعية تتعارض مع المقومات والمبادئ الأساسية والحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور].