ماسك يعتبر ترامب المرشح الوحيد القادر على حماية الديمقراطية    الكويت: سحب جنسية 63 شخصا بينهم متهمان في قضية سرقة القرن العراقية    تبون يثني على العلاقات بين الجزائر وموسكو    غزة.. الاحتلال يقتحم قرية مردا شمال سلفيت ويهدد أهلها    الكشف موقف أحمد فتوح من المشاركة في السوبر الإماراتي    ملك إسبانيا: الحرب في غزة جلبت دمارا لا يوصف ويجب أن تنتهي    «مفيش خروج من البيت».. محمد رمضان يفاجئ لاعبي الأهلي بقرارات جديدة نارية (تفاصيل)    انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة اليوم وتحذيرات من الشبورة المائية على الطرق السريعة    أحمد السقا يمازح علاء مرسي ويبعده عن ابنته ليرقص معها (فيديو)    ستجني ثمار مجهودك اليوم.. توقعات برج الجوزاء في يوم الأحد 6 أكتوبر    رسميًا.. رابط منهج العلوم رابعة ابتدائي pdf والخريطة الزمنية للشرح    والد زين الدين بلعيد ل "الفجر الرياضي": كرماني لا يمثلنا ولذلك جاء بشاهدة كاذبة ليعكر الجو    أول تعليق من كارفخال بعد تعرضه لإصابة قوية مع ريال مدريد    من دعاء النبي | اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطأي وعمدي    السيطرة على حريق فيلا بالتجمع الأول    ضبط تشكيل عصابي تخصص في سرقة المساكن بمنطقة حدائق القبة    غارات إسرائيلية عنيفة على طريق المطار ومناطق متعددة بالضاحية الجنوبية لبيروت    44 ألف سيارة.. الحكومة تعلن مفاجأة جديدة بشأن ذوي الهمم    في ذكرى انتصارات أكتوبر.. كيف خدع «السادات» إسرائيل؟    تفسير آية | تعرف على معنى كلمات «سورة الفلق»    لتجنب التسمم الغذائي.. الخطوات الصحيحة لتنظيف وغسل «الفراخ»    شعبة الدواء تكشف عن سبب ظهور السوق السوداء    «مصر للطيران» تنقل 286 مصريًا عالقين في لبنان إلى أرض الوطن.. صور    الأمن العام يداهم بؤرة إجرامية.. ومصرع 3 عناصر شديدة الخطورة بقنا    «زي النهارده».. وفاة الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد 6 أكتوبر 2012    غريب: استبعاد إمام عاشور من المنتخب «فني».. وكنت أتمنى ضم نجم الزمالك    الإعلامية السعودية ملاك الحسيني تعلن انفصالها بعد إقامة دعوى فسخ نكاح..ماذا قالت؟    قبل عرضه.. تعرف على تفاصيل فيلم آل شنب    حمد إبراهيم: أثق في لاعبي الإسماعيلي..ويجب أن نكون على قلب رجل واحد    مدحت شلبي: نجم الأهلي يهدد بالرحيل    عيار 21 يسجل 3600 جنيها.. مفاجأة بشأن ارتفاع أسعار الذهب    عالية المهدي: الدعم النقدي ليس حلا لمشاكلنا.. و85% من الأسر رفضته في 2006    يقي من الخرف والألزهايمر.. 5 فوائد صحية لتناول البيض    ريهام أيمن أمام حمام السباحة و"سيلفي" مايان السيد وهيدي كرم.. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    رئيس " الحرية المصري": انتصارات أكتوبر ستظل علامة بارزة في تاريخ العسكرية المصرية    حدث في منتصف الليل| حقيقة تعرض البلاد لشتاء قارس.. وأسباب ارتفاع أسعار الدواجن    من أسرة واحدة.. إصابة 6 أشخاص في حادث سيارة ببني سويف    البيع تم قبل شهور.. مصدر مقرب يكشف مصير مطعم صبحي كابر    حدث بالفن| علاء مرسي يبكي في فرح ابنته وأخرى تجري عملية جراحية وحقيقة وفاة إعلامي شهير    استئصال ورم كبير من قلب مريضة بمستشفى جامعة أسيوط    رابع مُنتج للمشروبات في العالم يبحث التوسع في السوق المصرية    عرض «فرص الاستثمار» على 350 شركة فرنسية    قفزة في سعر الفراخ البيضاء والبلدي وثبات كرتونة البيض بالأسواق اليوم الأحد 6 أكتوبر 2024    أحمد عبدالحليم: الزمالك استحق لقب السوبر الإفريقي و«الجماهير من حقها الفرحة»    « عز يرتفع والاستثماري يتراجع».. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 6 أكتوبر 2024    إعلام لبناني: صعوبات في وصول الإطفاء والدفاع المدني لأماكن الغارات الإسرائيلية    أعشق السينما ومهمومة بكل تفاصيلها.. كلوديا حنا عن مشاركتها كعضو لجنة تحكيم بمهرجان الإسكندرية    وائل جسار: عايشين حالة رعب وخوف في لبنان.. ودعم مصر مش جديد علينا    "نيويورك تايمز" ترصد تأثيرات صراع الشرق الأوسط على الاقتصاد العالمي    كنيسة الروم بلبنان لأهل الجنوب: نحن بحاجة للتمسك بأرض أجدادنا لا تتركوا أرضكم ودياركم    تعيينات وتنقلات جديدة للكهنة في مطرانية الأردن للروم الأرثوذكس    نائبا رئيس الوزراء أمام «النواب» غدًا    مصرع طفلة وشقيقها سقطا من الطابق السادس أثناء اللهو ب15 مايو    جوجل والجنيه.. دعم ل«الصناعة المحلية» أم عقاب لصنّاع المحتوى؟    نقيب الأطباء: الطبيب في مصر متهم حتى تثبت براءته عكس كل المهن    رمضان عبدالمعز: الاحتفال بنصر أكتوبر مهم لأنه أمر إلهي    رئيس جامعة الأزهر: الله أعطى سيدنا النبي اسمين من أسمائه الحسنى    إشراقة شمس يوم جديد بكفر الشيخ.. اللهم عافنا واعف عنا وأحسن خاتمتنا.. فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة دستور يخترع العجلة
نشر في الأهالي يوم 17 - 09 - 2013

لماذا نعدل قديما، ولماذا نكتب جديدا؟ وأساسا لماذا أسقطنا أقدم؟ فلنتخيل لو أننا قلنا لا للتعديلات الدستورية، وكتبنا دستورا ساعتها، فهل نحن الآن نسعي لأن نكتب ما فاتنا في 2011 ؟! أو في 1954.
ظني أننا بهذا نعمل عمل الموظف البيروقراطي الذي يعيش منعزلا داخل أرشيفه، غير عابئين بالتجربة التي دخلت فيها مصر في أطول عامين ونصف مروا علي أرض الكنانة، أو يمكن لأي أمة أن تعيشها. وكأن تلك التجربة لم تنعكس علي إدراك كنه الدولة المصرية. وكأن حبلا لم يشتد ويتصل ليربط تاريخنا، قديمه وحديثه، ويبصرنا بأبجدياتنا التي كادت تنمحي، وبالألغام الدقيقة المطمورة في ربوع الوطن وعلي حدوده و في قادم أيامه، والتي حلنا دون أن تنفجر في وجهنا دفعة واحدة، لتتناثر ذات اليمين وذات اليسار .أنا لا أريد أن أكتب ما حُرمت من كتابته عام 2012، أو أن أثأر لما استغلق علي فهمي حين أسقطنا دستور 1971، ولم نجن غير إعلان دستوري سمح بقيام أحزاب علي مرجعية دينية عام 2011 !
أنا أريد أن أكتب قصة التشوهات التي طالت الدين والمخاطر التي حاقت بالوطن من جراء استخدام الدين كحامل شعبي يأتي علي أكتافه الحزب الحاكم ليغتصب الوطن ويمتطي أعمدته، ويأمر بما ينافي مصلحة الدولة المصرية ، فإن لم تنصاع يدكها، الأعمدة والدولة معا. أريد لتستوعب القصة معني تعبير ( الترسانة الدعوية ) الذي أطلقه تنظيمهم الدولي في اجتماعه بتركيا، تلك الترسانة التي صنَّعت أسلحتها في مصر عبر عقود، ليس من حديد بل أثير من كلمات تنطلق عبر الميكروفونات، فالقنوات المحلية، فالفضائية، وتُطبع رصاصا مسموما في أوراق. أريد لعام مضي أن يكون دليلا قاطعا علي فشل الجناس الناقص بين الشريعة والشرعية في احتواء معني مصر . وعليه فإنها ليست مغالبة تيار " مدني" علي تيار " إسلامي "، أو معركة سياسية كما يسوق بقايا المنتفعين من الواجهة الدينية، أو من يظن ذلك من القوي السياسية داخل لجنة الخمسين !
الهوية ليست مواد كما يسوّق المتاجرون. الهوية ما أعاد اكتشافها الوجدان الجمعي المصري، وما كانت من الأسئلة المطروحة في أجندة 25 يناير، لكن عام الاخوان وحلفائهم صهر المصريين وقلَّبهم علي أوجاع الماضي البعيد والقريب، ومخاوف المستقبل بالدرجة التي تمثلت فيه الجموع التي خرجت في 30 يونيو جوهر هويتها التي كادت تنطمس وجلتها جلوة صائغ تاريخ عبقري، وحدت بصرها فامتلأت ثقة بمسار الخروج نحو أهداف تاهت في خضم معركة الخدع، وحيل التزييف،والإذلال المعنوي والمادي …
تجلت حقيقة أنك تملك أكبر تجمع للمسيحيين في الشرق الأوسط تحيطهم وتضمهم أغلبية مسلمة، وتشع روحانية المهد المسيحي علي الكل الوطني. انبعثت من رقادها فكرة أنك لست فقط تضم قسطا وافرا يحارون في تحديده من آثارالعالم القديم والوسيط، بل أنت مؤتمن علي الضمير الإنساني. أنك شعب يحمل بين طياته التاريخية وربوعه أزهر الألف عام، ويزيد، ومدينة الألف مئذنة، وسينما المائة عام، ويزيد، إذ شهدت الإسكندرية – بعد أيام من ظهوره في باريس – هذا السحر اللانهائي في خيالات المبدعين عبر الأجيال !
أنت كل هذا وأنا كل هذا، وهو حمل ثقيل قد تنوء به الجبال، وتقصر الشعوب عن حمل أمانته وتعقداته، وتتعثر وقد تنكفيء. لكن اللحظة واتتنا وثمن الاستيعاب سددناه ونسدده، كاملا ويزيد، وخرجنا .
وأنتم جالسون تكتبون دستور مصر الأحدث لا يفوتنكم هتافات العام الماضي ضد جميع أشكال النفاق الديني والفتنة الطائفية، ولا يغيب عن أسماعكم أجراس الكنائس التي دقت مع آذان المغرب صوما واحدا، ولاتترفعوا علي حلة المحشي الألومنيوم في الميدان، والمدعوكة بسلك الالومنيوم، تقلبها المرأة فينعكس مشهد الوفاق الوطني في وهجها، بينما تنطق بخلاصات الحكمة التي أنضجتها النار الهادئة طويلة النفس . لايغيب عنكم دبيب أقدامنا في طول البلاد وعرضها، ولا سعة الخطوة الهاربة من الحكم الفظ عدو الحضارة .
وما تمكن أعداء الحضارة إلا بانهيار مقومات الحضارة. لا يغرنكم انكشاف المؤامرة وحجم الخداع عن العوامل التي مكنتهم من تنفيذ المؤامرة والخداع. فما كانت نقطة التلاقي الطهور في الميدان أول مرة ، والطاقة المحيطة بها، والممتدة حتي ملازمي البيوت والحجرات في طول البلاد وعرضها إلا جماع مظالم تنسمت عدلا مقبلا، وراودها أمل في حياة كريمة، وترقبت إزاحة الغمة .
فليكن نصب أعيننا عوامل ضعف الدولة المصرية من استشراء جهل، وفقر،وإذلال المواطن المصري إذلالا شاملا ينتهك حقوق روحه وعقله وبدنه. كانت المظلومية واسعة النطاق، وعكس الميدان ظلم قطاعات وطبقات من الشعب للشعب، وجيل لأجيال . ظلمت العاصمة الأقاليم وأخرجت فضلاتها لفضاءات العشوائيات، وبغت الحضر علي القري والنجوع، وتجاهلنا الصعيد والأطراف الحدودية، بنيته السكانية والفكرية حتي استيقظنا علي غربة نشأت لا تعبر فقط عن اختلاف تقاليد وأعراف، بل ربما طالت انتماءً وعقيدة. ( أعلم أن القصة لن تحتمل التفاصيل مساحةً وزمناً، لكن ثمة تفاصيل تفجر قصة قصيرة بامتياز. أحيل اللجنة الموقرة لخريطة أصابتني بالهلع. عرضت إحدي القنوات الفضائية خريطة بمساحات من الأحمر والأزرق تميز المحافظات التي انتصرت لأي من مرشحي الرئاسة في 2012، فبدت كخريطة انقسام مروع بغض النظر عن النتيجة. هي في ذاتها دلالة انفراط وانقسام . )
تسمَّعوا صدي الآهة الكبري التي خرجت من جوف الصمت الطويل دفاعا عن حرية وعن كرامة كادت من فرط قوتها وإصرارها وطموحها أن تهز أركان الوطن ذاته، وتهدد دعائم سلامته وأمنه القومي، لأن الثقة تزعزعت بالكل، من قبل ومن بعد، حتي بات التخوين مشاعا، والكفاءة مدانة، وقطيعة معرفية وتاريخية تفصل الشباب الوطني الأنبل عن الكل، فتعثر الجميع . ووصلنا إلي النقطة صفر من الحركة عندما أصبح الشيء ونقيضه علي خط واحد وبنفس ذات القوة : الشرطة حامي الشعب وحارس سلامته، ومصدر بطشه وتهديده ومحل إيلامه . والقضاء في قفص الاتهام .
من التجربة المصرية في ينايرها ويونيوها، من البعث والسراب، والسقوط والقيامة، تكون القصة. لا تشفُّوا الدساتير السابقة شفا، بل استعينوا بخزائن حكمتها، والفظوا مواطن وبواعث تلعثمها وانحرافاتها. يقولون لن نخترع العجلة. أو لم تخترع ( تمرد ) عجلة شعبية دفعتنا الدفعة التي تكاسل عنها علماء السياسة والقوي السياسية التي استنامت للصيغ القديمة الجاهزة والنمطية التي كادت تودي بالبلاد إلي حتفها. من تراث بعيد للديمقراطية المباشرة علي عهد الإغريق، وتوكيلات للوفد المصري من تاريخ مصر الحديث وثورة 1919، ووعي بالمارد الجماهيري الذي انتفض في يناير 2011 اخترع ( تمرد ) العجلة الثورية الجديدة، واستعدل المسار.
ربما لا تكفي رواية بل روايات ما بعد حداثية لترصد مدي التناقضات، وتزامن الأضداد، والتشكك في كل نص وكل راو، لكني أقترح قصة قصيرة، وربما أقصوصة، تعادل الديباجة في التقليد الدستوري، تستلهم تكاثف الزمن المفاجيء والحاسم في عمر مصر المديد، والذي اختزل في إيقاعه وصوره ودراميته أسئلة الوعي الكبري وقلب موازين عالم ! أريد لابني أن يقرأها قطعةً أدبية مثيرة للتأمل والتمعن من فرط إدماجها لتاريخ مركَّب .
من اختناق الماضي يتسع نطاق المستقبل ومعالمه ومنطلقاته. عندما نضمّن القصة القصيرة عمر السنين التي ضاعت علي مصر وأهلها، وتتوهج حروفها بحرقة أمهات الشهداء وتثور من فداحة الخداع الذي مورس علي شعب أبي فراز، وبما يقابل عِظَم المخاطر التي هددت الوطن والمنطقة العربية … لو أننا اسطعنا أن نكتب ما يشعر أبناءنا بعزم لا يلين للقضاء علي أسباب الفتنة والذل، وكتبنا سطورا تتجلي فيها الوطنية المصرية بحروف من دم سال، كل الدم ، لسطعت الديباجة بأحلام شباب وشابات، وكهول وعجائز وشيوخ، خرجوا حقا من أجل مصر .
عندئذ سنكون اخترعنا العجلة المصرية. وتدور الكليات والمبادئ العامة يسيرة في المتن. أهتم كثيرا بديباجة تستقطر جوهر التجربة المصرية، لا ترهل، ولا شعارات جوفاء مضللة. كفانا ضلالا ونحن فجر الضمير .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.