30 يونيو الموجة الثانية لثورة 25 يناير لاستعادة الثورة المسروقة 3 اسباب وراء رفضي المشاركة في حكومة الببلاوي حوار: حسين البطراوي دعا د. جودة عبدالخالق، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة القيادي البارز في حزب التجمع إلي تأسيس حزب للشباب أو عدد محدود من الأحزاب للشباب وتقديم الدعم المالي والإداري لهم حتي يتمكنوا من خوض الانتخابات سواء البرلمانية أو الرئاسية المقبلة، مشيرا إلي أنه أحد الأخطاء الجسيمة التي وقعت فيها ثورة 25 يناير هي غياب الشباب عن الإطار السياسي الفاعل في المجتمع.. ووصف ما حدث في 30 يونيو من احتشاد الجماهير بشكل غير مسبوق بأنه الموجة الثانية من ثورة 25 يناير لتصحيح مسار الثورة التي تم سرقتها لصالح الإخوان المسلمين، مؤكدا أن الشعب أصبح الرقم الأول في المعادلة السياسية في مصر لأول مرة. وطالب د. جودة في حواره مع «الأهالي» بتوجيه خطاب سياسي مهم من قبل الحكومة الجديدة يوضح ويكشف حقيقة الأوضاع الاقتصادية في مصر، ويطالب كل المواطنين بتحمل أعباء هذه المرحلة مع عدالة توزيع هذه الأعباء، وأكد ضرورة الاهتمام بالإنسان المصري في المعادل الاقتصادية في تقديرك.. هل ما حدث في 30 يونيو انقلاب عسكري أم انقلاب شعبي؟ الحديث عن أن ما حدث في 30 يونيو هو انقلاب عسكري هو «كلام فارغ»، فما حدث في ذلك اليوم هو خروج حشود غير مسبوقة من الشعب المصري بكل طوائفه، وليس الشباب فقط، تطالب بتنحي الرئيس، بعد ما رفض د. محمد مرسي إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وما حدث في 30 يونيو هو الموجة الثانية لثورة 25 يناير لتصحيح الأوضاع بعد ما سُرقت الثورة لصالح فصيل معين وهو تيار الإسلام السياسي خاصة الإخوان المسلمين. ودلالة 30 يونيو أن الشعب أصبح الرقم الأول في المعادلة السياسية لأول مرة في مصر، فالشعب هو الذي قاد وخرج للمطالبة بتنحي الرئيس، وانضم الجيش إلي مطالب الشعب، فالإرادة الشعبية أصبحت هي الأساس في قبول أو رفض الحاكم أو السلطة الحاكمة. ففي ثورة 25 يناير كان الشعب يريد إسقاط النظام، وفي 30 يونيو أسقطت الموجة الثانية من الثورة نظام الإخوان المسلمين بعد عام واحد فقط من الحكم، بعدما اتضح للشعب الفشل الذريع لهذا الفصيل السياسي في إدارة شئون البلاد والعباد. شرعية الصندوق لكن الإخوان المسلمين متمسكون بشرعية الصندوق.. فهل انتهت هذه الشرعية؟ بداية يجب الإشارة إلي أن الانتخابات الرئاسية الماضية كانت أفضل انتخابات بالمعايير المصرية، وبالتالي لا يستطيع أحد التشكيك في نتائجها، وفوز د. محمد مرسي بنسبة 5.51 بالمائة عبر عن الاتجاه الديمقراطي، والإخوان المسلمين الآن متمسكون بشرعية الصندوق، وأقول لهم إن نتائج الانتخابات لا تعني بالضرورة أن يستمر د. مرسي جالسا علي كرسي الحكم لمدة أربعة سنوات، خاصة بعد أن اتضح أن أداء الرئاسة خلال العام الماضي كان دون المستوي المطلوب، ولم ينفذ الرئيس الوعود التي قطعها علي نفسه خلال جولته الانتخابية وكذلك لم ينفذ برنامجه الانتخابي الذي انتخبه الشعب علي أساسه، وبالتالي فإن الحديث عن شرعية الصندوق لا محل له، لأن شرعية الصندوق تبقي طالما ظل الرئيس ينفذ برنامجه ووعوده الانتخابية فقط. انخفاض الشعبية هل يوجد في النظم الديمقراطية آليات للتعامل مع انخفاض شعبية الرئيس أو الحكومة؟ بالطبع، هناك آليات في النظم الديمقراطية للتعامل مع حالة الرفض الشعبي للرئيس سواء كان هذا النظام جمهوريا أو برلمانيا، وبالتالي الحديث ينطبق أيضا علي رئيس الوزراء في النظام البرلماني، فإذا استشعر الرئيس أو رئيس الحكومة انخفاض ثقة الشعب، فإنه يدعو إلي انتخابات مبكرة، ويعود مرة أخري إلي صناديق الانتخابات، في هذه الحالة رئيس الجمهورية أو الحكومة هو الذي يبادر ويطالب بانتخابات مبكرة، ومن الممكن أن يحوز علي ثقة الشعب مرة أخري ويعود للحكم، وهو ما كان د. محمد مرسي يرفضه باستمرار رغم تزايد حالات الغضب الشعبي للإخوان المسلمين. وهناك آلية أخري في بعض الدساتير، وهي جمع التوقيع لإجراء انتخابات مبكرة في حالة انخفاض شعبية الحاكم، وتضع هذه الدساتير نسبة، وعدد معين من عدد السكان لتتم الانتخابات المبكرة كما حدث في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدةالأمريكية بعد انخفاض شعبية عمدة الولاية. والدكتور محمد مرسي كان يرفض دائما وباستمرار العودة مرة أخري للاحتكام للصناديق بعد تزايد حالة الغضب الشعبي، مما رفع سقف مطالب حملة تمرد من انتخابات مبكرة إلي ضرورة عزل وتنحي الرئيس مرسي عن الحكم. مصدر السلطات هل تعتبر 30 يونيو ثورة بديلة عن ثورة 25 يناير؟ التكيف السياسي لما حدث في 30 يونيو هو موجة ثانية للثورة المصرية التي انطلقت في 25 يناير، لتصحيح مسار الثورة، فقد سبق أن حذرت من سرقة الثورة المصرية لصالح فصيل معين، وكان ذلك مبكرا في مارس 2011، وكنت في ذلك الوقت أتولي وزارة التضامن الاجتماعي، وفي أثناء توديع حجاج المحافظات عبر الكونفراس طالبت الحجاج بالدعوة لمصر وللثورة المصرية أن تستمر، فقد كانت هناك محاولات من جماعة الإخوان لسرقة الثورة. ودلالة الحشود العظيمة في 30 يونيو أن الشعب أصبح حقيقة مصدر السلطات علي أرض الواقع، وليس مجرد كلمات في الدستور. تصحيح المسار هل ستصحح 30 يونيو مسار ثورة 25 يناير؟ الخطأ الجسيم في ثورة 25 يناير كان في ترتيب المرحلة الانتقالية، والتي بدأت بالانتخابات البرلمانية ثم الرئاسية وبعد ذلك كتابة الدستور وفقا للإعلان الدستوري الصادر في مارس 2011، أما الآن وبعد نجاح الموجة الثانية من الثورة وما اتخذ من إجراءات حتي الآن بتعطيل الدستور بعد عزل رئيس الجمهورية، وبعد الإعلان الدستوري الجديد نضع الثورة في مسارها الصحيح الآن كتابة الدستور أولا أو تعديل بعض بنود بتوافق بين كل القوي السياسية، وسيحدد الدستور النظام السياسي والاقتصادي للدولة، وتحديد السلطات والحريات والواجبات وهذا هو الأساس لإجراء انتخابات برلمانية ثم رئاسية. حزب للشباب لعب الشباب دورا مهما في ثورة 25 يناير وفي الموجة الثانية للثورة.. لكن للأسف دائما يختفي الشباب من إدارة المرحلة.. فكيف يمكن تمكين الشباب؟ أحد الأخطاء الجسيمة في الموجة الأولي من ثورة 25 يناير، أن الشباب الذي أنجز هذا العمل الضخم في 25 يناير وفي الموجة الثانية من الثورة في 30 يونيو حتي الآن مازال بعيدا عن العملية السياسية، لأنه لا وجود له في الإطار السياسي الفاعل في المجتمع، فلا يوجد تشكيلات حزبية تضمن هذا الشباب، والمهم جدا في هذه المرحلة الإعلان عن تأسيس حزب للشباب أو عدد محدود من الأحزاب للشباب، فقد آن الأوان لتنظيم الشباب في شكل أحزاب سياسية، فالشباب مازالوا غائبين عن الساحة السياسية، فالشباب من الناحية الديموجرافية يمثلون نحو 50% من سكان مصر، ولا يجوز القول إن الأحزاب القائمة تضم الشباب، لأنهم ليسوا فاعلين في هذه الأحزاب. لابد من العمل الآن للبحث عن وسائل لتنظيم الشباب في تنظيم سياسي «محترم» أو في عدد محدود من الأحزاب، ودعمه تنظيميا وماليا وسياسيا بحيث يتمكن من خوض الانتخابات المقبلة سواء البرلمانية أو الرئاسية، وهي الطريقة الصحيحة لتمكين الشباب. الانتخابات المقبلة الآليات المطروحة حاليا لفرز وإبراز المرشحين المتوقعين أصبحت وسائل الإعلام.. فهل تتوقع ظهور شخصيات جديدة؟ أنا أقابل العديد من فئات الشعب وبتقول كل الشخصيات التي خاضت الانتخابات الرئاسية العام الماضي «اتحرقت»، إذن نريد وجوها جديدة، والآلية لبروز هذه الوجوه هي الأهلية السياسية، وليست شاشات التليفزيون، التي تحولت إلي «مكلمة» ومن كثرة ظهور الشخص يصبح شخصية عامة ونعينه وزيرا وهذا خطأ، فالآلية الصحيحة هي الأهلية السياسية التي تفرز الشخصيات الحقيقية وهذه مسئولية الدولة والمجلس الأعلي للقوات المسلحة والحكومة في دعم الشباب لتكوين حزب سياسي لهم لفرز وجوه جديدة قادرة حقا علي قيادة الدولة سواء في البرلمان أو في الحكومة والرئاسة. الأوضاع الاقتصادية كيف يمكن لحكومة د. حازم الببلاوي وهو خبير اقتصادي العبور من الأزمة الاقتصادية التي تشهدها مصر؟ في البداية لابد أن تحظي هذه الحكومة بتأييد كبير في الشارع المصري حتي تستطيع أن تعمل، وعلي هذه الحكومة أن تكاشف الشعب بحقيقة الأوضاع الاقتصادية من خلال خطاب سياسي مهم، أزعم أن هذا الخطاب السياسي غاب عن مصر منذ ثورة 25 يناير، وأن هذا الغياب كان وراء كل هذه الاضطرابات التي شهدناها في الفترة السابقة. فلابد من خطاب سياسي موجه للشعب المصري كله لطمأنة الناس بأن مصالحهم لم تتأثر، وتؤكد أن السلطة الحاكمة لن تتواري مع أي فساد، وأن تكاشف الناس بحقيقة الأوضاع الاقتصادية في مصر، مطالبة كل مواطن مصري أن يتحمل قدرا من التضحية إلي أن يتم العبور من هذه المرحلة الصعبة، لكن لابد من أن يكون هناك توزيع للأعباء الاقتصادية تتناسب مع قدرة الشخص علي التحمل. وهذه نقطة مفصلية، ويمكن ربطها بأن ندفع عربون تحرر من الخارج سواء أمريكا أو صندوق النقد الدولي، وأعتقد أن مثل هذا الخطاب يثير المزاج العام للمصريين ويخلق الروح الوطنية. ولكن أخطر ما يمكن أن يحدث في هذه المرحلة هو الانصياع للمطالب الفئوية غير العادلة منهم خلال المظاهرات والضغط علي الحكومة، ثم يجب أن تأكد الحكومة في خطابها السياسي قدرتها علي المواجهة بحزم سواء أمنيا وسياسيا لكل من يخرج عن الطريق المرسوم. تسيير الأعمال وهل تتوقع نجاح هذه الحكومة في تحقيق أهداف الثورة؟ أولا ليس من الإنصاف الحكم علي حكومة د. حازم الببلاوي الآن، فالوقت مازال مبكرا جدا للحكم عليها، ولكن كل المؤشرات تؤكد أنها حكومة تنتمي إلي اليمين الوسط، والحكومة الثورية، لابد أن تلتزم بمعايير وشعارات 25 يناير وهي.. عيش – حرية – عدالة اجتماعية، والشارع المصري خاصة بعد 30 يونيو وعلي أرض الواقع يريد تطبيق هذه الشعارات، وترجمتها، والشارع بهذه الشعارات هو أكثر نزعة لليسار بينما تشكيل الحكومة أقرب لليمين. خصوصا أنه صاحب تشكيل هذه الحكومة تدفق المساعدات من دول الخليج وبعد التشكيل سندخل في مفاوضات للاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وهذه التطورات والأوضاع لا تتيح أفضل الشروط لتحقيق العدالة الاجتماعية. لكن لابد من النظر إلي أن أجل هذه الحكومة من 6 إلي 9 أشهر، فبعد إقرار الدستور وإجراء الانتخابات البرلمانية سيعاد تشكيل حكومة جديدة، فالحكومة الحالية حكومة أقرب إلي حكومات تسيير الأعمال، وتغير بعض القواعد الاقتصادية إذا أمكن خلال فترة عملها. اعتذار لكن لماذا اعتذرت عن تولي إحدي الحقائب الوزارية في حكومة د. حازم الببلاوي؟ هناك عدة أسباب لاعتذاري أولا الحالة الصحية خاصة بعد إجراء العملية الجراحية منذ نحو العام، وثانيا في تقديري أنه لابد من وجود درجة عالية من التجانس بين أعضاء الحكومة حتي تستطيع الحكومة أن تباشر أعمالها. ولدي تجربة باشتراكي في 4 وزارات في وزارة أحمد شفيق الثانية، ووزارتي د. عصام شرف، ووزارة د. كمال الجنزوري، وطوال عملي في هذه الوزارات كنت معارضا داخل الحكومة كما عرفني الناس معارضا وأنا خارج الحكومة، لكن كان في هذه الوزارات كتلة حرجة من الوزراء يمكن التفاهم معهم، مثلما حدث في موضوع القمح وتحفيز الفلاح وتوزيع أنابيب البوتاجاز بالكوبونات. والآن لدي إحساس أنه من غير المناسب الاشتراك في وزارة حازم الببلاوي، فجزء من طاقتي سيبدد في مناقشات داخل الحكومة خاصة فيما يتعلق بالعدالة الاجتماعية، فضلا عن أن هذه الوزارة محدودة الأجل، أما السبب الأخير فإنه يوجد لدي ارتباطات داخل الجامعة أريد أن أنجزها. اعتذار آخر ولكن سبق أن اعتذرت عن تولي إحدي الحقائب الوزارية أيضا في حكومة د. هشام قنديل؟ عند تشكيل هذه الحكومة، كان النظام علي الأقل في ذلك الوقت من حيث الشكل متوازن، فلدينا رئيس ودستور رأي أن النظام له صفة الاستدامة، وكان سبب اعتذاري عن تولي هذا المنصب هو معرفتي بالإخوان المسلمين وحقيقة أهدافهم، وكان في تقديري أنه لا يمكن أن يحدث تعايش بيننا وبين الإخوان علي الإطلاق، فاعتذرت. الإخوان هل يمكن دمج الإخوان في الحياة السياسية مرة أخري الآن؟ لابد أن تحرص علي تواجد كل ألوان الطيف السياسي، ولا يتم استبعاد أي فصيل سياسي، بشرط أن يعمل هذا الفصيل وفقا للقواعد المعروفة، وفي مقدمتها البعد عن إقحام الدين في السياسة، فالدين له مجال والسياسة لها مجالها ولابد أن يكون ذلك واضحا في الدستور الجديد، فالإخوان منذ عام كان من الصعب التفاهم معهم، الآن الأمر مختلف خسروا رئيسا وكذلك خسروا قدرا كبيرا من شعبيتهم في الشارع المصري بسبب سوء أدائهم في مؤسسة الرئاسة أو الحكومة وفي مجلسي الشعب والشوري، ولكن أتوقع من الإخوان المكابرة والعناد في البداية، وعلي جميع الأطراف الآن العمل وأن تمد أيديهم للإخوان لتحقيق المصالحة الوطنية. الاهتمام بالإنسان الاهتمام بالاستثمار أهم ما يميز الحكومة الجديدة.. فأين المواطن؟ لو تمكنا من إلقاء خطاب سياسي واضح وإدارة الشأن الاقتصادي بدرجة من المرونة والحصافة والمهنية والحس السياسي ممكن مصر تخرج من أزمتها الاقتصادية، لأن مصر تمتلك الكثير من المقدرات الاقتصادية. ومحتاجين الآن وبعد 30 يونيو أن نعيد الاعتبار للإنسان المصري في مواجهة ما يسمي الاستثمار في المعادلة الاقتصادية، وأن نفكر في صياغة علاقة تجمع بين الاهتمام بالاستثمار سواء المحلي والأجنبي والاهتمام بالمواطن الذي عاش في حرمان لمدة طويلة، وأيضا من منطق أن الاستثمار لم يحقق ما يرجو إليه من أرباح إلا في وجود قوة عمل مدربة، فعندما نفقر هذا الشعب فحكم السوق باعدت والعكس صحيح مما يشجع الاستثمار في مصر.