أحب عادل وديع فلسطين الإبداع وقد انعكس همه السياسي علي تفكيره الإبداعي، بهذه الكلمة قدم الروائي محمد جبريل، الندوة التي أقيمت مؤخرا في نادي القصة لمناقشة المجموعة القصصية الجديدة للطبيب والكاتب د. عادل وديع فلسطين وهي «رحلة مع الله والإنسان». وفي رؤيته للمجموعة أوضح الأديب الروائي والناقد يوسف الشاروني أن عادل وديع بدأ الإبداع في سن متأخرة لكنه قدم إبداعا جيدا، وفي مجموعته القصصية «رحلة مع الله والإنسان» نجد هذه القصص تتنوع من حيث استخدامها للضمائر، كما يسيطر المونولوج علي قصص أخري والديالوج، وتعد قصة «الملك هو الله» وعنوانها مستمد من قالبها: ديالوج، ولعل أروع قصص المجموعة، وربما أطولها وهي ثالث قصة بضمير المتكلم فهي قصة ورحلة مع الله والإنسان، القصة من سيرة طبيب بين الحياة والموت، وقد تداخلت القوالب القصصية في هذه القصة بحيث نستطيع أن ننسبها إلي القصة القصيرة بالمعني المتطور، وفيها يقص علينا د. عادل وديع مرحلة من مراحل أعلي التوتر التي مر بها في حياته، وذلك حين اكتشف عند بلوغه الستين أنه مصاب بورم سرطاني في البروستاتا، وهو الطبيب الذي يدرك تماما مدي خطورة هذا الورم، واعتبر ذروة القصة وذروة توترها في تلك اللحظات الفانتازية التي عاشها بطلنا صاحب ضمير المتكلم عندما نقلنا معه إلي رؤيا جدلية تنبؤية حين تراءي له طيفان تجادلا مصيره أحدهما يدعوه والآخر يعارض هذه الدعوة، وبينما ارتفعت نهنهات زوجتي وبكاؤها اختفي الرجلان أو الملاكان، وتختم هذه اللوحة التي تحفر مشاهدها في ذاكرة كل من يقرؤها بظهور مريم العذراء، واضعة خدها علي يدها، ناظرة إليه ثم اختفت، مما يعني استدعاءه تراثه الديني في هذه اللحظة من ذروة التوتر، وهذه أروع قصص المجموعة بلا جدال فهي مصورة من الواقع لكن بخلطة سحرية تتأرجح بين العالمين الداخلي والخارجي لمبدعها. وفي رؤيته النقدية للمجموعة أوضح الشاعر عيد عبدالحليم، أن فكرة الأديب المؤرخ موجودة عند د. عادل وديع، وهو مثقف بدرجة كبيرة ومهتم بفكرة الشخصية المصرية، فهو يكتب من داخل الإطار وأول ملاحظة لي علي المجموعة، أنها قصص نفسية، يغوص داخل الشخصية بحثا عن جوهر الإنسان، ويبدأ من نقطة القوة لهذه الشخصية، فقد بدأ بقصة المتمرد واستبداد الذات وقسمها تقسيمات هي تقسيمات الشخصية المصرية، لأنها شخصية حاملة لتناقضات كثيرة، أيضا نجد أن معظم القصص شخصياتها تنطلق من بؤرة إيمانية بحثا عن اليقين، كذلك يؤكد المؤلف فكرة الزمن، والزمن عنده دائري، يبدأ من لحظة الكتابة مباشرة، هو يبحث عن خلاص أو خروج من إطار الذات إلي رحابة التعامل مع الآخر. كذلك نجد معظم القصص تبدأ من صراع، هناك أزمنة متعددة، وهذا يحدث دائما في الرواية، معظم الأبطال كلهم مأزومون نفسيا ومقهورون كما في قصة «طرقات» هو فيها متشابك حتي في ذاته، فبداخله خوف، وهذا ما كان يسيطر علي الشخصية المصرية طوال الثلاثين عاما الماضية والتي عبرت عنها القصة بشكل رمزي.