كانت لفتة نضالية ذات دلالة مهمة، هي أن يصدر مجلس قيادة ثورة 23 يوليو، قانون الإصلاح الزراعي يوم 9 سبتمبر 1952، ففي هذا اليوم من عام 1881 كان اندلاع الثورة العرابية، تلك الثورة التي يحددها المناضل خالد محيي الدين – في تقديمه لكتاب الأساس الاجتماعي للثورة العرابية» تأليف الدكتور رفعت السعيد عام 1966، بأنها «ثورة للفلاحين- ليست موجهة ضد الاستعمار فحسب وإنما أيضا ضد الإقطاع». فبقدر ما برزت المستهدفات السياسية – وطنيا وديمقراطيا- للثورة العرابية، بقدر ما كانت حريصة علي تحديد هويتها الطبقية.. كثورة فلاحين. فأحمد عرابي لا يكتفي بوصف حركته الثورية بأنها «حركة فلاحين»، بل وضع في خطته المعلنة للحكم- أهم مطالب الفلاحين آنذاك: - إلغاء السخرة كأسلوب عمل يمارسه – فعليا- كبار الملاك الزراعيين ضد الفلاحين. - القضاء علي استئثار – بل احتكار- كبار ملاك الأراضي لمياه النيل. - حماية الفلاحين من المرابين والبنوك الأجنبية الذين يخططون للاستيلاء علي أراضيهم. .. ومن هنا كان العداء الشرس والسافر لهذه الثورة من كبار ملاك الأراضي، للدرجة التي أوجزها كبار المؤرخين- الأجانب قبل المصريين- في أن «الذي هزم عرابي ليس الجنرال ويلسون، ولكن خيانة سلطان باشا وبعض كبار الملاك الزراعيين». ومن هنا أيضا كان التفاف الفلاحين حول الثورة وتشكيل جيشها، وتحمل تضحياتها، وتواصل أملهم فيها- حتي بعد الهزيمة- باحتضان شاعرها وداعيتها عبد الله النديم، وتقديم كل صور الحماية والتخبئة له حتي يواصل مسيرته النضالية. وتحمل الفلاحون في سبيل ذلك الكثير وقدموا صورا من البطولة والصمود حتي وهم تحت أعواد المشانق. ولن تذهب ثورة عرابي وتضحيات الفلاحين هباء، وسيتواصل نضال الحركة الفلاحية بعد ثورة 25 يناير الباسلة- التي هي امتداد للثورة العرابية ولكل نضالات الشعب المصري – حتي ينال الفلاحون حقوقهم الطبيعية في الأرض والعدل والحياة الإنسانية الكريمة.