..على مرسي أن يعي أنه رئيس لكل المصريين وليس زعيماً للجماعة أجرت الحوار: رانيا نبيل استقال من عضوية حزب الوفد في سبتمبر 2010 لما شهده من تحول وانقلاب علي ثوابته الليبرالية والعلمانية ومغازلته للتيارات الراديكالية والإخوان المسلمين. هو المؤسس والمنسق العام “للتيار العلماني القبطي” عام 2006 والمعني بطرح ومناقشة القضايا المصرية المتعلقة بتكريس ثقافة المواطنة والدولة المدنية، ويصدر بيانات تبين رؤيته في القضايا العامة المصرية. عضو الجمعية المصرية للتنوير التي أسسها الراحل الدكتور فرج فودة، عضو مؤسس ل “جماعة مصريون ضد التمييز الديني” المعنية بكشف ومقاومة كل اشكال التمييز ضد المهمشين والمرأة والأقليات بكل صورها، له أبحاث في قضايا المواطنة، والخطاب الديني، ودور الاعلام والتعليم والثقافة في تأكيد مدنية الدولة. شارك في إعداد مشروعات قوانين منها، شروط وضوابط ومواصفات المرشح لمنصب البطريرك، تنظيم المشاركة الشعبية في ادارة الكنيسة، المحاكمات الكنسية، الأحوال الشخصية للمسيحيين. تعليقك علي فتنة دهشور؟ أرفض اطلاق مصطلح “الفتنة الطائفية” علي أحداث قرية دهشور، هي ليست فتنة طائفية بقدر ماهي احتقان داخل القرية ووجود العديد من المشكلات بها. وأن ماحدث يرجع لغياب الوعي والأمن وغياب حلول حقيقية بين طرفي الأزمة كأفراد وليس كمسلمين ومسيحيين، خاصة أن بينهما مشكلات عديدة منذ سنوات. أري أن تحويل هذه الأحداث لفتنة طائفية يمثل عدم السعي لحل حقيقي، ويجب تحميل كل الأطراف مسئوليتهم وتطبيق القانون علي جميع الأطراف ولا تحل المسألة كالعادة بالجلسات العرفية. شكل الخريطة السياسية في مصر عقب فوز محمد مرسي؟ غير القلق تماماً من المشهد الذي تمر به مصر حالياً، لأننا مازلنا حتي الآن في حالة ارتباك، والرؤية لم تتضح بعد. وأعتقد انها صورة مؤقتة، وربما تحمل لنا الأيام مفاجآت ومقدمات تشير الي تغييرات ربما تكون صادمة لكثيرين، والرهان الأساسي حسب قراءتي للشارع، سيكون علي الشعب المصري، وأي تطرف هو تطرف غير مقبول سواء اذا كان تطرف الي أقصي اليمين أو الي أقصي اليسار، والشعب المصري بتركيبته شعب اختار التنوع والتعدد، وهو أمر ليس بجديد عليه بل منذ أيام أجدادنا الفراعنة، وربما هذا سر بقاء المصريين حتي الأن. وبالرغم من كثرة الارتباكات لكنه لن يكون المشهد الأخير، ومعه يصعب تحديد ملامح الصورة، لما تحويه من حالات الغليان واختلاط الأمور ببعضها. مصير الجمعية التأسيسية الثانية للدستور؟ أنا في رأيي أنها ستزول، ومهما كان هناك من تلاعب سياسي، أو تلاعب في القضاء، ومحاولة لفرضها بالقوة الجبرية، الا انها جمعية تحمل داخلها مقومات ، وبحسب ما يتم تسريبه من داخل الجمعية فهناك محاولات حثيثة لاختطاف مصر الي المربع الديني وتحديداً الي المربع الاسلامي وبالتالي الصدام مع السمة الأساسية في مصر وهي التعدد والتنوع، وبالتالي لن يكتب لها البقاء وحتي لو بقيت لن يكتب لكل مايحدث فيها النجاح. ماذا عن الخلاف حول المادة الثانية؟ التطور التاريخي في الصراع حول المادة الثانية، تطور من حالة الخلاف ما بين الابقاء والالغاء، فكانت نبرة الالغاء عالية عندما كانت موجة الدولة المدنية عالية أيضا، لكن بعد اختطاف الدولة من قبل الاسلام السياسي، تحول الخلاف حول ما بين ان تبقي المادة الثانية كما هي وبين اختطافها الي مزيد من التشدد. لكن أعتقد انها ستبقي كما هي بنصها في دستور 1971، خصوصا بعد رفض الأزهر ان يكون هو المرجعية النهائية للشريعة، لعلمه التام بالسعي من قبل الاخوان والسلفيين للسيطرة علي الازهر. تحديد الأديان في الدستور؟ هناك تطور يشير الي اننا في سبيلنا للدخول في نفق مظلم، ففي البداية كان حديث الأغلبية باللجنة عن غير المسلمين، ثم تحول الامر لأنهم رأوا ان اضافة “غير المسلمين” ستضم بهائيين وشيعة وكذا، ومن ثم عادوا يرددون حقوق “الأديان السماوية”، بعدها اكتشفوا ان ذلك يصطدم مع عقيدتهم -وليس مع الاسلام- لأن المسيحية الحالية كما يؤمن بها المسيحيون ليست ليست المقصودة لديهم، لأن المسيحية التي يؤمن بها المسيحيون فيها قضايا خلافية شديدة مع الاسلام وبالتالي، فهم لا يعتبرون ما بين أيديهم الان هو ديانة سماوية، ومعها عادوا مرة اخري ليقولوا “حقوق المسيحيين واليهود”، وبهذا التحديد حتي يهربوا من وصف هاتان الديانتان بأنهما “أديان سماوية”، وهو ما يؤكد ان التوجه لدي المسيطرين علي اللجنة التأسيسية هو توجه متطرف ومتشدد وليس في صالح طبيعة مصر المتعددة والمتنوعة. بماذا تقرأ ستمرار الكنيسة باللجنة التأسيسية؟ أنا مع صوت الشباب الرافض لاستمرار الكنيسة باللجنة التأسيسية، لان بقاء الكنيسة مع ارتفاع نبرة التطرف داخل اللجنة، سوف يجعل منها المحلل لتمرير الدستور، ولن يغفر التاريخ لممثلي الكنيسة مشاركتهم في هذا الجُرم في حق مصر. كيف تقرأ خطابات د. محمد مرسي؟ يغلب علي خطاباته البعد الديني، ويبدوا انه لم يخرج بعد فكرياً من جماعة الاخوان المسلمين، ويحتاج لفترة حتي ينتقل الي خطابات الرئيس السياسية. وسيكتشف يوماً انه ليس زعيماً في جماعة الاخوان، بل رئيسا لكل المصريين، وهو ما سيفرض عليه اموراٌ كثيرة، ربما الخبرة، المصادمات مع المجتمع المدني، المصادمات التي حدثت مع القضاء مؤخرا، أو ربما انه سيكتشف ان الواقع اكبر كثيرا مما قدمه من التبسيط المُخل من حلول خلال ال 100 يوم وغيرها، وبالتالي كل هذه الامور تتجمع لتغير من خطاباته، ولو لم ينتبه لهذا فهو يضع مبررات سقوطه. كيف فجرت ثورة يناير؟ الشرارة الأولي لثورة يناير كانت في أحداث كنيسة العمرانية، التي اقتحمتها قوات الأمن المركزي في أكتوبر 2010 قبيل الثورة بشهرين، لان قبل هذه الاحداث تحديدا لم تكن هناك مواجهات صريحة بين المواطنين العزل غير المسيسين وبين السلطة ممثلة في وزارة الداخلية، وأستخدم فيها الرصاص ضد المدنيين، وانتهت الي هزيمة الداخلية، الأمر الذي أعطي ربما بارقة أمل للشباب أن يحذوا حذوهم ليصعدوا من هذه المواجهة، فكانت أحداث 25 يناير. ماذا عن جماعة الاخوان المسيحيين؟ هي جزء من حالة الاضطراب السياسي، الذي يمر به المجتمع ككل، وبالتالي لا أتوقع لها النجاح. ولكل من قرأ التاريخ السياسي داخل وخارج مصر، يعرف تماما أن التجارب السياسية لا تستنسخ، لان كل تجربة سياسية هي بنت ظروفها وأهدافها ومكونيها أو مفجريها، وبالتالي فجماعة الاخوان المسلمين لا يمكن بحال من الأحوال استنساخها في الجانب القبطي لاختلاف المنظومة الفكرية بين الجماعتين، بالاضافة الي ان الاخوان المسلمين استمروا لثمانين عاما يعملون تحت الأرض، وهو أمر غير متوفر لمن يريدون استنساخ هذه الفكرة، أيضا لن يستطيع الاخوان المسيحيون تكوين مليشيات عسكرية كما كونتها جماعة الاخوان المسلمين في تنظيمهم الخاص. فضلا عن أنها فكرة تعطي شرعية لوضع الجماعة فكان اول من بادر بالترحيب بالفكرة كانت التيارات الاسلامية وترحيبهم، ومن رفضها كانوا المثقفون والمدنيون. هجرة المسيحيين في الفترة الأخيرة؟ في نظري لا أري ان معدلات الهجرة زادات في الفترة الأخيرة، انما هي معدلات طبيعية، وربما كان الدافع اليها اقتصاديا اكثر ما هو ديني، لان طبيعة المصريين في مجملهم الالتصاق بالأرض والهجرة بالنسبة لهم تجربة صعبة، وحتي لو كان هناك بسبب ديني أعتقد أنها هجرة مؤقتة، وسنري أمواجا من العائدين لوطنهم بعد انتهاء الجملة الاعتراضية المسماة ب”الاسلام السياسي”. سوف يعين الرئيس نائبا مسحيا.. كيف تري هذه الخطوة؟ في هذا الامر جانب مهم، اذا خلُصت النوايا واذا كان الرئيس صادقاً، فانه يكسر حاجز مشاركة المسيحيين في السلطة وليس مشاركتهم في المشهد السياسي، وبالتالي أنا مُصر علي أن يكون النائب مسيحياً وليس ممثلاً عنهم، فنحن بهذا قد قسمنا الوطن الي تقسيم طائقي واصبح هناك من يعبر عن المسيحيين ومن يعبر عن المسلمين وهكذا.. ومن هنا تكون الخطورة الشديدة، ونحن نُصر علي ان يكون التعيين في اتجاه مشاركة المسيحيين في السلطة، وهو ما يتطلب معرفة صلاحياته ومدي مشاركته في الملفات السياسية، حتي لا يتحول في النهاية الي سكرتير أو وجهة لتسويق تيار الاسلاميين عند الغرب. هناك رأي يري أن حل قضية فلسطين سيكون علي حساب مصر؟ سيؤدي هذا لتسارع نفور الشارع، لان المصريين من الممكن ان يتسامحوا في الكثير، لكن لن يتسامحوا مع اختراق مصريتهم. فالقضية الفلسطينية هي قضية مصرية بالأساس، ولا يستطيع أحد المزايدة علي مصر فيما دفعته من ثمن لحساب هذه القضية تحديداً، لكن هناك خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها وهي الأرض المصرية، الجنسية المصرية، الكرامة المصرية، ونحن لا نقبل علي الاطلاق هذه المزايدات الرخيصة لحساب جماعة او تيار وليس لحساب مصر. ما موقفكم من المرشحين لمنصب البابا؟ هناك ورقة يتم اعدادها من قبل مجموعة من المفكرين والمثقفين والأراخنة من القاهرة والأسكندرية تحديداَ، وهي ب”مثابة النداء الاخير” لاعادة التذكير بالقواعد الكنسية الأولي المنظمة لاختيار البطريرك التي كانت محل جدل منذ منتصف القرن العشرين، لأنه اذا أصرت القيادات الكنسية علي الاستمرار في الموافقة علي ترشح الأساقفة والمطارنة ونحن ليس لدينا مطران عام، وبالتالي فاللائحة تبيح ترشحهم في مخالفة القوانين الكنسية الأصيلة، في القرنين الرابع والخامس في مجمع نيقية ومجمع قسطنطين. ومن ثم يجب تدارك هذا الامر ، حتي لا نستكمل حالة الارتباك السائدة في الشأن العام، ومعروف انه في لائحة 1957، لم يكن هناك منصب الأسقف العام بل تم استحداثه في 62 برسامة الأنبا شنودة كأول أسقف التعليم والخدمات. ماذا لو تم رفض مطلبكم؟ لو لم يتم الالتفات لمطلبنا، سيتحمل وزر هذا أمام الله كل من أمتدت أيديهم لكسر قوانين الكنيسة. نحن نريد أن نغسل أيدينا من المشاركة في اختطاف الكنيسة من القيادات المخالفة للقواعد والقوانين المستقرة في التقليد القبطي، وقد دفعت الكنيسة الأرثوذكسية عبر التاريخ ثمناً غالياً من دماء ابنائها للحفاظ علي هذا التقليد. وبالتالي نحن نريد أن ننبه تحت مسمي الفرصة الأخيرة، حتي لا نقع في كارثة