عقدت الأمانة العامة لحزب التجمع اجتماعاً يوم الاثنين 28 مايو 2012 .. وناقشت نتائج انتخابات المرحلة الأولي من انتخابات الرئاسة وأصدرت البيان التالي الذي حظي بإجماع الأعضاء. اليوم وبعد عام ونصف من ثورة 25 يناير المجيدة تعود مصر لتجد نفسها في مأزق حقيقي إذ أستبعد جميع المرشحين المعبرين بشكل أو بآخر عن القوي المدنية والليبرالية واليسارية ولم يتبق للإعادة سوي مرشحين أحدهما يمثل اليمين الذي يتخذ من الدين ستاراً لتحقيق أهدافه في الاستحواذ علي كل مفاصل السلطة في مصر والثاني يمثل يميناً يصفه البعض بأنه ينتمي إلي النظام السابق وإن كان يتمسك بالدولة المدنية . ولكي ندرك حقائق هذا الوضع يتعين أن نعود إلي البداية: فعقب تسلم المجلس العسكري إدارة البلاد أتجه وبوضوح نحو جماعة الإخوان وتجلي ذلك في تشكيل لجنة وضع التعديلات الدستورية والسكوت علي المخالفات الفاضحة التي ارتكبتها الجماعة ثم الإعلان الدستوري والذي تضمن مواد خانقة الأمر الذي أفضي بمصر إلي نفق مظلم جري حفره بعناية وبعمد متعمد ليقود مصر إلي ما نحن فيه الآن . وعندما جرت انتخابات مجلسي الشعب والشوري وفق قانون أكدنا منذ البداية عدم دستوريته وفي إطار ممارسات تفتقد التكافؤ واحترام الدستور والقانون حيث أنفقت في الانتخابات تلال من الأموال وسادت عملية الاتجار بالدين واستخدام البطاقات الدوارة وإنفاق الأموال في سوق النخاسة الانتخابية كانت النتائج التي منحت جماعة الإخوان نسبة لا تستحقها في واقع الأمر. ولعل الجماعة هي أول من يدرك ذلك ولهذا مارست كل الحيل للاستحواذ علي أغلبية لجنة وضع الدستور بهدف تضمين الدستور نصاً يحصن البرلمان الحالي من الحل. ثم جاءت نتائج الجولة الأولي للانتخابات الرئاسية صادمة للإخوان فقد حصلوا في انتخابات الشعب علي عشرة ملايين صوت وبضع مئات من الآلاف وبينما حصلوا في الجولة الأولي من الانتخابات الرئاسية علي أقل من نصف هذه الأصوات وذلك بعد أربعة أشهر فقط من ممارسات استهدفت الاستحواذ علي كل مفاصل السلطة واستبعاد أي دور للآخرين جميعاً بمن فيهم حلفائهم في حزب النور. وعلي الجانب الآخر نجد قوي الدولة المدنية والليبرالية والثورية خاضت الانتخابات ممزقة وعاجزة عن أي توحد في معركة مصيرية وقد ألح حزبنا وبوضوح علي ضرورة اختيار مرشح واحد للثورة متعهداً بألا يكون عقبة أمام هذا الاتفاق. وتحاول جماعة الإخوان ومرشحها أن تجمع صفوفاً حولها عبر وعود يعرف الجميع أنها لم تف بها.. ولأن نقطة الضعف في معسكر الدولة المدنية ودولة المواطنة هي عدم توحده خاصة ما تجلي في انقسام شباب 25 يناير إلي أكثر من 136 ائتلافا بما أضعف الجميع ولأن الموقف الراهن هو موقف حاسم في تاريخ الوطن فإننا ندعو الجميع الي التوحد حول مواقف محددة نناضل جميعاً من أجل تحقيقها . وهي مواقف تحدد طبيعة مصر التي نريد. حقوق المواطنة - نريد مصر دولة مدنية ديمقراطية ليبرالية تحمي حقوق مواطنيها جميعاً علي قدم المساواة . المرأة تماماً كالرجل والمسيحي تماماً كالمسلم والفقير تماماً كالغني . وينص دستورها علي تجريم أي فعل تمييزي علي أساس الجنس أو الدين وعلي حقوق متكافئة في بناء دور العبادة للديانات السماوية. - نريد مصر دولة تحمي العدل الاجتماعي الذي يعني حد أدني انساني للأجر متوافقاً مع حد أقصي لا يزيد علي ثلاثين مثلا للحد الأقصي وضرائب تصاعدية تحقق تحمل الفئات الأكثر ثراء مسئولية أكثر في دعم الحقوق الاجتماعية الواجبة من تعليم جيد وعلاج صحي انساني المستوي وحقوق السكن وغيرها . - إعلان واضح وتعهد بالعمل علي تأسيس دولة مدنية ديمقراطية حديثة ، تقوم علي مبدأ المواطنة الكاملة وتحقيق المساواة بين المواطنين جميعاً في الحقوق والواجبات وعدم التفرقة بينهم بسبب الدين أو العرق أو الجنس أو العقيدة أو المذهب أو الانتماء السياسي والحزبي بحيث تنال المرأة حقوقاً متساوية تماماً مع الرجل والمسيحي تماماً كالمسلم والفقير تماماً كالغني وتجريم أي تفريق بين هذه الأطراف ، وينظم العلاقات فيها دستور مدني وضعه بالتوافق بين مكونات المجتمع المصري السياسية والتطبيقية والاجتماعية والجيلية ، وتتحقق فيها حرية الأحزاب والنقابات وحقوق التجمع والتنظيم ، وحرية ممارسة الشعائر الدينية واحترام الأديان جميعاً تحت شعار ثورة 1919 “الدين لله والوطن للجميع”، وقيام القوات المسلحة بدورها في حماية استقلال الوطن وسلامة أراضيه. - إلغاء القوانين والمواد القانونية التي تنتهك الحريات العامة وحقوق الإنسان وتتناقض مع الميثاق العالمي لحقوق الإنسان والعهود والاتفاقات والبروتوكولات التي وقعتها وصدقت عليها مصر ، وبصفة خاصة القانون رقم 10 لسنة 1914 والقانون رقم 14 لسنة 1923 وكلاهما خاص بالتجمعات والتظاهرات السلمية ، ومواد في قانون الطوارئ (62 لسنة 1939) وقانون العقوبات (58 لسنة 1937) وقانون الأحزاب (40 لسنة 1977) وقانون المؤسسات والجمعيات الأهلية (84 لسنة 2002) وقانون مكافحة الإرهاب (97 لسنة 1992) . وإلغاء حالة الطوارئ المعلنة منذ 6 أكتوبر 1981 وحتي الآن. عدالة اجتماعية - تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال نظام جديد عادل للأجور والمرتبات ، وممارسة الدولة لدور أساسي في الاستثمار وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين ، وفرض ضرائب تصاعدية علي الدخل وضريبة علي المعاملات الرأسمالية ، وإعادة الاعتبار لدور القطاع العام ، وضمان حقوق العلاج والتعليم والعمل والسكن ، ووضع برنامج للقضاء علي الفقر والبطالة والفساد . وإذ أجمعت الأمانة العامة علي أن أصوات حزبنا ومؤيديه ستكون مع مصالح الشعب دفاعاً عن مستقبل حر وديمقراطي وليبرالي وعادل فإنه من المستحيل أن يصوت حزبنا أو أي من أعضائه أو أصدقائه لصالح مرشح دولة المرشد. ثم يتوجه الحزب بعد ذلك للحوار مع شركائنا في الكتلة المصرية والجبهة الوطنية المصرية والقوي السياسية الأخري للاتفاق علي الخطوة التالية. هذا وإذا كان إعلان قرار لجنة الانتخابات الرئاسية بنتائج المرحلة الأولي قد أستفز بعض الجماهير فاندفعت إلي ميدان التحرير من جديد فإننا نتفهم ذلك تماماً في ذلك أننا ندرك أن هذه العودة إلي ميدان التحرير هي تعبير عن إحساس متراكم بدأ مع تشكيل لجنة التعديلات الدستورية ثم ما تلاها من خطوات أعدت خصيصاً لاستبعاد شباب الثورة وتحجيم دورهم بل ومنعهم من المشاركة الحقيقية لتطوير العمل الثوري إلي فعل حقيقي في إدارة البلاد وذلك ابتداء من قانون الانتخابات إلي الإعلان الدستوري بمادتيه 28 و 60 والتغاضي المتعمد عن الإنفاق الجنوني والذي لم يسبق له مثيل واستخدام شعارات تتاجر بالدين بما أعاق صناع الثورة من الشباب عن أي مشاركة فعلية ، كما نتفهمه عبر إحساس منطقي بأن المتنافسين في سباق الرئاسة لا يعبر أي منهما عن طموح الشباب للمستقبل الذي قامت الثورة من أجله . وهو أمر يتطلب من المرشح الذي يريد قبول الشباب له أن يعلن ويوضح بدون أي تردد قبوله التام بالمطالبة السابقة والتزامه أمام الشعب بتحقيقها بما في ذلك رفض قيام دولة تستحوذ عليها جماعة الإخوان لتفرض عليها دستوراً اخوانياً وتشريعات ترتد بمصر إلي الوراء وممارسات تفرق بين المصريين علي أساس من الجنس أو الدين مع إدانة كل ما سبق من ممارسات معادية لمصالح الشعب والوطن سواء ممارسات جماعة الإخوان أو ممارسات النظام السابق . وفي جميع الأحوال فإن احترام إرادة الناخبين كما عبروا عنها في صناديق الانتخابات هو أمر ضروري وإلا دخلت البلاد في فوضي لا مخرج منها.