منذ أن انتصب منبر الإسلام تحت سماء مكة بقيادة محمد- عليه الصلاة والسلام- وأعداؤه وخصومه يقذفونه بقذائف الباطل ليلا ونهار. وينسبون إليه ما لا يليق بشرعه وتعاليمه. لا لذنب اقترفه. ولا لجرم حمله. لكن لأنه يصارع الباطل وأهله. ويقذفه بالحق دوما. ويقطع دابر المبطلين. إلا أن المؤلم غاية الألم. أن يخرج أفراد ينتسبون له. ويرتكبون جرائم ضد الإنسانية باسمه. ويقطعون الرؤوس. ويُمثّلون بالجثث تحت صيحات التكبير والتهليل. ودعاوي الجهاد. ويعادون أصحاب الأديان. والملل الأخري. بل ويعترضون علي فئات من المسلمين انفسهم بسبب معاص وقعوا فيها فيكفرونهم باسم العلم والدين. الأمر الذي جعل الإعلام الغربي يستغل هذه الصور والوقائع ضد الإسلام أسوأ استغلال. ويشوّه صورته. ويقدمه للعالم بحسبانه دينا همجيا متعطشا لسفك الدماء وقتل الأبرياء. ويحث علي العنف والكراهية بين الناس كافة. وللأسف نري شريحة من وسائل إعلامنا تنشر ما يروجه الإعلام الغربي في هذا الشأن بسرعة وبدون روية. غافلة عن الآثار السلبية التي يمكن أن تلحق بالبلاد والعباد من هذا النشر وأغراضه. والحقيقة أن ديننا الإسلامي عقيدته وشرائعه تخالف ذلك تماما. بل من يتعرف علي مصادره ويقف علي حقيقة تعاليمه وسماحة نبيه وثقافة أصحابه الراقية في معاملات الناس ودعوتهم للسلم وحسن الخلق وطيب الحديث. لعلم الفرق الشاسع بين مياه زمزم ومياه المستنقعات. وأن ديننا لا يعلم اتباعه العنف ولا القتل للأبرياء. ولا التطرف ولا الإرهاب مطلقا. ومن يريد أن يتعرف علي الوجه الصحيح لهذا الدين فلا يصح أن يحكم عليه من خلال تصرفات وسلوكيات افراد لا تعرف هويتهم. ولا قامتهم العلمية في فهم الدين ونصوصه وتعاليمه: "فالحق لا يُعرف بالرجال. إنما الرجال يُعرفون بالحق" ومنبع الحق عندنا هو كتاب الله. وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام. ففيهما الدواء الشافي لكل داء. وفيهما الحل لمشاكل الدنيا كلها. لذا كان نبي الإسلام -عليه الصلاة والسلام- رسولا للعالمين. ورحمة الله للناس أجمعين بل للحيوان قبل الإنسان فهو القائل -عليه الصلاة والسلام-: "دخلت امرأة النار في هِرِّة لأنها حبستها ولم تطعمها ولم تُطْلِقها تأكل من خشاش الأرض" رواه البخاري ومسلم "ودخل رجل الجنة في كلب سقاه لما رأي العطش قد ألمَّ به" متفق عليه. بل هو القائل أيضا محذرا من القتل والترهيب والتمثيل حتي للحيوان: ¢ما من إنسان يقتل عصفورا فما فوقها بغير حقها إلا سأله الله عنها يوم القيامة¢ قيل : يا رسول الله. وما حقها؟ قال: ¢حقها أن يذبحها فيأكلها. ولا يقطع رأسها فيرمي برأسها¢ حسَّنه الألباني في صحيح الترغيب - 2266. بل "إن النبي نهي أن تُحبس البهائم حتي تموت" متفق عليه. وفي الحروب نهي عن المثلة والتعذيب ونصح قادته قائلا : "لا تقتلوا وليدا طفلا ولا امرأة ولا شيخا كبيرا" رواه البيهقي وغيره. لذلك يحتاج العالم الآن إلي هذه النصائح والتعليمات النبوية ليرحم الناس بعضهم بعضا وتتعدي رحمتهم لتصل إلي الحيوان كما أمر سيد الأنام -عليه الصلاة والسلام- ولا يمكن أن يقف العدوان الإرهابي علي الآمنين وتحل مشاكل العالم بأسرها إلا باتباع تعاليم هذا النبي الكريم واخوانه المرسلين ولقد تنبه لهذا الأمر كبار المستشرقين في الغرب والذي يكمن فيه أكثرية خصوم الإسلام : تنبه عقلاؤهم الذين درسوا تعاليم هذا النبي المصطفي بموضوعية. وحيادية فقالوا فيه قولة الصدق. فها هو المستشرق الإيرلندي- برنارد شو- يُقْسِم ويقول: "والله لو أن محمدا بن عبد الله موجود الآن بيننا لحل مشاكل العالم ريثما يتعاطي فنجانا من القهوة" ويقف المستشرق ¢مايكل هارت¢ معظما. ومبجلا. ومؤديا التحية بإخلاص لسيدنا رسول الله وذلك في كتابه ¢عظماء العالم¢ فيقول بعد دراسة عن ضوابط العظمة التي يجب أن تتوفر في عظماء الدنيا. والتي وضعها هو بنفسه دون غيره. والتزم بها في كتابه يقول: بحثت. ودققت علي من تنطبق هذه المعايير والضوابط فوجدتها في: مائة عظيم من عظماء العالم. يتقدمهم في العظمة محمد- صلي الله عليه وسلم. والسؤال هل: هناك من فرض علي هذا الرجل. وغيره. هذا القول ليقله ويكتبه. وينشره في كل أصقاع الدنيا؟ لا أحد. إنما هو الضمير. والموضوعية العلمية. ومع شكرنا لمن فعل هذا إلا أننا لسنا في حاجة إلي من يُعرّفنا بنبينا. وديننا وعقيدتنا. فنبينا لم يعلم أبناء أمته سوي: حسن الخلق. ولطف الحديث. وحسن الجوار. والرأفة. والرحمة بالإنسان. والحيوان. فثقافة المسلم الحقيقية. والتي دعا إليها نبينا الكريم ليست هي ثقافة التطرف والعنف والإرهاب كما يزعم الخصوم اليوم في كل عصر. بل هي ثقافة "فاصفح الصفح الجميل" وهي ثقافة اللطف. والحنان وطيب القول. والمستمدة من قوله تعالي :¢ قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذي¢ وهي ثقافة التعاون علي الخير. والسلم والأمن العام قال تعالي : "وتعاونوا علي البر والتقوي ولا تعاونوا علي الإثم والعدوان" ونبينا أكد علي هذه الثقافة الراقية فقال: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" رواه البخاري. وفي رواية أخري في مسند أحمد "من سلم الناس من لسانه ويده" ولفظ: ¢الناس¢ يشمل مسالمة المسلم. وغير المسلم أيا كان دينه. وخلقه. ومذهبه. وللحديث بقية