احتفلت أسرة ¢عقيدتي¢ الأسبوع الماضي بعيد ميلادها وصدورها وظهورها الثاني والعشرين لتبدأ عامها الثالث والعشرين بحول الله وقوته. وهي كما بدأت أسرة واحدة مترابطة. حتي وإن اعترضت علاقات أفرادها بعض الخلافات. فهذه هي طبيعة البشر. لأن الله تعالي لو شاء لجعل الناس كلهم أمة واحدة أو رأيا واتجاها واحدا. لقد صدرت ¢عقيدتي¢ في الأول من ديسمبر عام 1992 في ظروف بالغة الحساسية. تشبه إلي حد كبير الظروف التي تشهدها مصر حاليا. من ارتفاع حدة ووتيرة الإرهاب والتطرف الديني ونقيضه من التطرف اللا ديني. واستطاعت بفضل الله سبحانه وتعالي. ثم بفضل حكمة وحنكة قياداتها في تلك الفترة. ابتداء من الأستاذ سمير رجب ثم الأستاذ السيد عبد الرؤوف- رحمه الله- ثم جميع أفراد كتيبة عقيدتي. العبور بسلام وأمان من الأمواج العاتية والمتلاطمة التي كانت تعترض طريقها. مُتغَلِّبة علي اتهامها بالميل الحكومي أو المعارضة أو حتي للتيارات الإسلامية الموجودة آنذاك. وفي هذا السياق أتذكر قول أستاذنا الراحل ¢السيد عبد الرؤوف¢ الذي كان دائما ما يردد أن عقيدتي تسير علي حد السيف. فالحكومة تراها معارضة. والمعارضة تراها مُستأنسة حكوميا. والجماعات الإسلامية تنظر لها باعتبارها صوتا للأزاهرة. والأزاهرة أنفسهم لا يبالون بمن يقف معهم! وهكذا ظلت ¢عقيدتي¢ تتلمس خطاها رويدا رويدا حتي ¢حفرت¢ و¢نحتت¢ اسمها بأنامل أبنائها الذين ضحوا بالكثير من مغريات الصحف الموجودة آنذاك. في سبيل صمود ونجاح الجريدة الدينية الوحيدة التي صدرت عن مؤسسة قومية. مُحتسبين عملهم عند الله لأنهم يعملون في مجال الدعوة قبل الصحافة. وكان شعارهم الذي أعلاه قائدهم الراحل ¢السيد عبدالرءوف¢ أن العمل في عقيدتي رسالة قبل أن يكون مهنة. فطافوا المحافظات والقري والنجوع مع كوكبة من العلماء والدعاة لنشر صحيح الدين ومواجهة الفكر المتشدد والمتطرف دينيا وعلمانيا. حتي ¢خلقت¢ لها مكانا متميزا في قلوب قرائها قبل عقولهم. والذين صاروا ضمن كتيبتها وليسوا قرّاء عاديين. وكانوا سببا رئيسيا في إنجاحها بعد توفيق الله ثم جهود أبنائها. وتمر السنون العجاف والأعوام الوفيرة لتزدهر عقيدتي. وتُخرّج أجيالا من العمالقة في المهنة. والإعلام عامة. ولم تكتف بأبنائها الذين شهدوا وتحمّلوا مشاق البداية. حتي عندما تعرضت مؤخرا لهزة عنيفة نتيجة القرارات الأخيرة للمجلس الأعلي للصحافة بتعيين زميل لنا من خارج أسرة عقيدتي رئيسا للتحرير. وجدنا هؤلاء الزملاء الأحدث مع القدامي هم الأشد والأكثر حرصا علي مستقبل الجريدة. فكان موقفهم قائدا ومؤثرا في مواجهة الأزمة الأخيرة. ولا يبق إلا أن يُكَلِّل المجلس الأعلي للصحافة هذه المسيرة من الكفاح والنجاح بالحفاظ علي تماسك وترابط هذه الأسرة العظيمة بتاريخها وانتمائها لمكان تعلّمها و¢أكل¢ عيشها.