ظهرت في وسائل إعلامنا هذه الأيام برامج تدعي أنها تناقش ظاهرة الإلحاد في مصر. وأن المجتمع واقف علي شفا حفرة من ناره. بل شاء الله تعالي أن أشارك في مناقشة هذا الموضوع في إحدي الجلسات الحوارية في مركز معلومات مجلس الوزراء الشهر الماضي. وأمر كهذا يناقش في مقر كمجلس الوزراء يعني أن هناك من يري: هز الثوابت وتصدع الأمن العقدي والفكري. ولو وقع هذا فما أسهل أن يهتز الأمن الوطني العام في البلاد.. والبلاد ¢ مش ناقصة ¢ كما يقال. ومعلوم أن الإلحاد بمفهومه المعروف هو: ¢ عدم الاعتراف بوجود الله تعالي ولا برسله ولا بدينه ولا بقيمه وتعاليمه¢. ومبلغ علمي أن هذا البلد الذي أمّنه الله تعالي في كتابه. وأنجب أنبياء. وتحركت علي أرضه أقدام رسل ونجي في نيله موسي الكليم. وزاره المسيح.وجلس وأمه الصديقة علي ربوة من أرضه ¢ ذات قرار ومعين ¢ بنص كتاب رب العالمين. ووصي بأهله إمام المرسلين عليه الصلاة وأتم التسليم لا يمكن أن يصاب بحمي الإلحاد. ولا يمكن أن يكون الإلحاد ظاهرة فيه. ولا يمكن لشبابه الواعي أن يقع بسهولة في حضن هذا الإلحاد. بل هذا القول ضرب من الخيال. وتخويف لا محل له من الواقع. فالظاهرة إن كانت فكرة تعني: انتشارها في أغلبية المجتمع.وأن الناس قد استسلموا لها واحتضنوها. وكل من يقابلك ستجده لا يعترف بوجود الله ولا رسل الله. ولا تجد من يدعو لمعروف. وينهي عن منكر. ولا يوجد قانون خلقي رادع. فالكل ملحد. باسم الحرية الشخصية المدعاة. واللا منضبطة بقواعد ولا شروط. وهذا يكذبه واقع الأمة المصرية بعنصريها مسلمين ومسيحيين. فهتاف الله أكبر يملأ الأسماع. وحي علي الصلاة من مآذن المحروسة تعطر الآذان. وأجراس الكنائس تؤكد تمسك أهلها بدينهم. والتاريخ يشهد بأن مصر حاضنة الدين والتوحيد. ولا يمكن للإلحاد أن يكون ظاهرة ويطرد الدين من القلوب. فمن إذن هذا الذي يريد أن يخوف المصريين؟ ويرعب الآباء والأمهات بأن أبناءهم في بلد الأزهر الشريف والكنيسة قد هجروا الدين وحاربوا تعاليم الأنبياء والمرسلين؟ ولا يمكن التسليم بصدق عناوين البرامج الفضائية والتي ترعب أبناء الوطن. وتقول إن الإلحاد في مصر ظاهرة!! فليت الذين يضعون هذه العناوين في البرامج يكونون علي دراية بتعريف المصطلحات. وما يؤول إليه فهم الناس لها. فظهور شاب أو آخر في برنامج ويستضاف بأنه ملحد ومعه الكثير خلفه لا يصح أن يصدق علي أنه الحق الذي لا ريب فيه. وعليه فالإعلام للأسف هو الذي يضخم هذا الأمر. وينشره ويرعب الآباء والقائمين علي الأمر. وهو أقل مما ينشرون ويتخيلون.. غير أنني لا أزعم أن الإعلام قد يكون قاصدا. ولا متعنتا بل قد يكون الأغلب. العرض بحسن نية وبغرض العلاج. لما يقع فيه أبناؤنا ومن أجل الحفاظ علي أمننا الفكري. وهذا أمر يشكر من أجله الإعلام لو أحسن العرض في حدوده. ووضع الأمر في نصابه. وبين المصطلح الصحيح لما أسماه ظاهرة. فهو في الحقيقة ليس ظاهرة بل داء أو صداع عارض بسيط دخل علي جسد وطننا. ويحاول بكل الوسائل أن يهز أمننا بكل جوانبه. ومع ذلك فهو بهذا المستوي لا يصيب إلا شراذم. ولا يقع إلا بين أفراد. وقد يعدي بلا شك أقرانا لهم ويجب الاعتراف بهذا. وليس الإعراض التام. لذا لابد من تحديد الأسباب. ووسائل الداء. ووضع الدواء وبهدوء.حتي لا ينزعج المجتمع.. وكاتب السطور لو كان له حق في المشاركة في هذا الأمر لطلب من الباحثين وعلماء الأمة ما يلي : -1-الوقوف علي حجم من أصابهم الداء وبدقة في مصر. 2- عدد البرامج الإعلامية العلنية التي تحدثت عنهم. 3- حصرا لصفحاتهم علي الشبكة العنكبوتية. 4- الوقوف علي مطالبهم. 5- أسباب ظهورهم وخطورة أفكارهم. ولعل الأسباب لا تحتاج إلي كبير عناء لدي المعالجين. ومن أبرزها عندي :1- عدم تدريس الدين والأخلاق في مدارسنا وجامعتنا. ثم الإصرار علي ذلك أعواما مديدة. 2- بالإضافة إلي أخطر العوامل وهو:- الإعلام ذاته. وهو نفسه الذي عرض علينا الداء وأسماه ظاهرة!! فقد لاحظنا في الأيام الأخيرة أنه يظهر في برامجه الواسعة أعدادا من الجاهلين يشككون في الدين. ويطعنون في مصادره فرأينا من يهزأ علنا بكتب السنة. وعلمائها كالبخاري ومسلم وغيرهما ومن يطعنون في الغيبيات بلا استحياء. ومن يفعلون هذا ليسوا بعلماء معتبرين في الدين. بل ادعو الحرية الفكرية وباسمها جالوا بفهم قزم في آيات الكتاب الكريم. وجعلوا أنفسهم قضاة وحكاما علي متون السنة الثابتة. بل رأينا واحدا منهم يشكك في تراث الأمة. وعلمائها. وفي الصحابة الكرام الذين قبلنا شهادتهم في نقل القرآن والسنة الصحيحة. ومعلوم أن من يطعن في هؤلاء فهو يطعن في الشهود. وبالتالي الطعن يكون فيما حمله الشهود. وهو"الإسلام ذاته. ومصادره" والأغرب من هذا كله أنه نصّب نفسه مجتهدا معاصرا. وفاهما بسياقته للقرآن. والسنة. ورفض علي الهواء: أن يقبل علم أحد في ذلك. وما زال هذا الطاعن المدعي الاجتهاد يظهر في حلقات اسبوعية في¢ قاهرة المعز. وبين الناس¢ ولقد تعجبت من أطروحاته الغريبة في ثوابتنا. ومن الذي أمده بهذه الترهات التي يلوكها !!! ولما علمت أنه تعلم الإسلام. ليس في أزهر مصر. ولا بين علماء المسلمين المعتبرين. بل في جامعات بريطانيا. وجاء لمصر ليعلمنا الإسلام البريطاني. وكل يوم يتحفنا بما تعلم هناك من شبهات! أيقنت أنه يقاد من عميان. فقلت: ¢أعمي يقود بصيرا لا أبا لكم .. قد ضل من كانت العميان تهديه ¢. فليتنا نتنبه. وننقذ أبناء مصر من هذا الصداع ووسائله. والله من وراء القصد.