اليوم مر أحد عشر عاماً علي بداية الاحتفال ب "يوم اليتيم" ولكن مازال الأيتام ضحايا الاعتداءات الجنسية. وتم استغلالهم في الصراعات السياسية والنزاعات الدينية.. والمشكلة الكبري ان الاهتمام بهم "شكلي" بسبب ما يعانيه الأيتام من الفقر الاقتصادي. والضياع النفسي. والتدهور الصحي.. ومن المؤسف ان هناك جمعيات اتخذت من منظومة اليتيم "سبوبة" في حين يعمل آخرون لخدمتهم من خلال آلية فريدة. عن نفسية اليتيم وكيفية رعايته حق الرعاية أشار الدكتور جمال شفيق أحمد رئيس قسم الدراسات النفسية وأستاذ العلاج النفسي بمعهد الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس "خير بيت في بيوت المسلمين بيت فيه يتيم يُحسن إليه وشر بيت في بيوت المسلمين بيتاً يُساء إليه". كذلك قال: "من مسح رأس يتيم كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنة". وقال أيضا: "من عال ثلاثة من الأيتام كان كمن قام ليله وصام نهاره وغدا وراح شاهراً سيفه في سبيل الله وكنت أنا وهو في الجنة أخوين". من الإسلام احترم شخصية الطفل اليتيم وظروفه وأحواله وأوصي به خيراً غير أن المسلمين للأسف والمجتمع وبعض المؤمنين قد نسوا أو تناسوا هذه الأوامر والوصايا الربانية والنبوية واختزلوا هذه الأمور التي تضمن للمسلم الخير والسعادة والفوز برضا الله ورسوله الكريم ودخول الجنة وجعل القضية كلها تقتصر وتنحصر في يوم واحد وهو ما يطلق عليه "يوم اليتيم". أضاف: إن الدراسات والبحوث النفسية والتربوية والاجتماعية والطب النفسي أثبتت ان الأطفال الموجودين بدور الإيواء أو الملاجئ أو المؤسسات الخيرية الخاصة أو دور الرعاية الاجتماعية ونتيجة تقصير المسلمين والمجتمع في حقهم أصبحوا يعانون من الكثير والعديد من المشكلات النفسية التي من أهمها الشعور بالاكتئاب والشعور بعدم الثقة بالنفس والقلق والدونية وانخفاض مفهوم الذات وعدم احترام الذات وفي النواحي الاجتماعية وجود مشكلات الانطواء والخجل والشعور بالوحدة النفسيه وفي المجال التربوي أو التعليمي توجد هناك مشكلات انخفاض مستوي التحصيل الدراسي والتأخر الدراسي والرسوب في بعض المواد وكراهية المواد الدراسية وفي أحيان أخري عدم التوافق الدراسي بصفة عامة أيضا توجد لديهم بعض المشكلات السلوكية مثل الكذب والعدوان والسرقة وعدم الحفاظ علي الممتلكات العامة والخاصة. ومن الناحية الصحية تنتشر لديهم بعض أمراض سوء التغذية وفقر الدم أو الأمراض المعدية. وللأسف نحن في مصر دائماً نلقي باللائمة علي الحكومة أو علي الامكانات الاقتصادية والمادية وتلك حجج واهية ومضللة ومزيفة. وهناك نقطة خطيرة وهي الحاجات النفسية للأطفال وهي حاجات أساسية وهي الشعور بالحاجة للحب والعطف والود والحنان والاهتمام هذه الأمور تحتاج أن نوظف أوقاتنا في أداء العبادات والأعمال الصالحة ورعاية الأطفال الأيتام مقترنة بالعبادة وبالإيمان وبطاعة الله ورسوله الكريم. في ضوء الظروف والأحوال النفسية والمادية والاجتماعية والتربوية والتعليمية تقدم شيماء إسماعيل. خبيرة التنمية البشرية بعض الإرشادات والنصائح التي من شأنها أن تقوي وتدعم الصحة النفسية للأطفال الأيتام والتي تقوي شخصيتهم وعزائمهم وتجعلهم مواطنين صالحين نافعين لأنفسهم ولمجتمعهم. معاملة الطفل اليتيم بكل أمانة واهتمام كمعاملة الابن أو الأخ تماماً.. اتاحة الفرصة له ليختلط بالأطفال الآخرين وعدم التدخل المستمر والمبالغ فيه في كل أموره حتي نساعده في أن ينمو وينضج عقلياً.. تنمية الثقة في نفسه وإشعاره بالحب والعطف والمودة والحنان والتقبل وإشعاره باستمرار الأمن والاطمئنان والاستقرار.. تنمية مفهوم الحوار لديه وتنشيطه باستمرار.. احترام مشاعره وتقديرها والثناء عليه.. ضرورة ادخال البهجة والسرور عليه بصفة دائمة ومستمرة.. التعامل معه بلين الكلام والطيبة.. وتشجيعه وتقديره بعد انجاز أي عمل حتي ولو كان بسيطاً وحثه علي الاستمرار والمواصلة.. وتحقيق حاجته إلي اللعب وكذلك تحقيق حاجته إلي الحرية وأهمية تعلم المعايير السلوكية والأخلاقية وتحقيق حاجته أيضاً إلي التحصيل والنجاح وحاجته في تحقيق الذاتا ونمو شخصيته.. ومساعدته باستمرار في حل المشكلات التي تواجهه من وجهة نظره الخاصة مع إشراكهم باستمرار في الأنشطة المختلفة مع المدارس المجاورة أو دور الإيواء المجاورة.. وإشراكهم باستمرار في النوادي الاجتماعية في الحي والمعسكرات وفي المصايف.. ضرورة الاحتفال بأعياد ميلادهم وبالمناسبات الدينية. عن مفهوم اليتيم في الإسلام يوضح الشيخ عادل أبو العباس من علماء الأزهر أن اليتيم في الإسلام هو من مات أبوه في عالم الإنسان وحث الإسلام علي رعاية اليتامي لأنهم أصبحوا في عداد الضعفاء لقوله صلي الله عليه وسلم: "اتقوا الله في الضعيفين المرأة واليتيم". وقد جاء الإسلام واليتامي يعاملون بصورة سيئة حيث انهم يحرمون من الميراث ماداموا لم يبلغوا الحلم ولم يقاتلوا مع القبيلة وهذا قمة الظلم الذي دفع الإسلام إلي تصحيح المسار حيث أوجب علي الأوصياء تنمية أموالهم والحفاظ عليها حتي إذا بلغوا الحلم دفعوا إليهم أموالهم وأشهدوا الشهداء علي ذلك وكفي بالله شهيدا. وقد عبرت الآيات بقوله تعالي: "ان الذين يأكلون أموال اليتامي ظلماً انما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً" وقد ضمن الإسلام لكافل اليتيم الجنة إذا أحسن إليه أدبياً ونفسياً وتربوياً حتي يكون نواة صالحة في المستقبل لقوله تعالي: "ويسألونك عن اليتامي قل إصلاحاً لهم خير وان تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح" فيا ويل المفسدين الذين يعتدون علي أموال اليتامي وعلي حقوقهم بسبب هذا الضعف الآدمي الذي لا يملك معه اليتيم حولاً ولا قوة. وللأسف الشديد عادت أفعال الجاهلية إلي واقعنا فأصبحنا نري المحاكم وقد اكتظت بأكل حقوق اليتامي وبقضايا التزوير والإفساد بعد موت آبائهم وللأسف والحسرة يكون ذلك من طريق الأعمام والأخوال أو غيرهم ممن كان ينبغي عليهم أن يكونوا أكثر الناس محافظة علي هؤلاء الضعفاء بسبب قرابة الدم والنسب والعصب.