جهل طلابنا بسيرة الرسول صلي الله عليه وسلملم يأت من فراغ وإنما له اسباب عديدة لعل من اهمها ان مناهج التربية الدينية سطحية وعقيمة في تناولها للموضوعات وفي مقدمتها السيرة النبوية . لأننا في بلد العجائب فإن هذا التحقيق يكشف حقيقة مؤلمة أن هذه المناهج لم تتغير منذ ربع قرن وأن هناك مناهج تم تطويرها وتم دفع المكافآت عنها الا أنها ما زالت حبيسة الأدراج. البداية كانت مع أولياء الأمور حيث قال محمد لطفي . موظف علي المعاش : حينما كان أبنائي في المدارس كنت ألاحظ أن مادة التربية الدينية يشوبها الكثير من القصور خاصة في المرحلتين الثانوية والاعدادية فموضوعاتها سطحية لدرجة كبيرة ومطولة بلا داع ومليئة بالحشو غير المجدي وغير المفيد كما أن عدم اضافتها للمجموع يجعل الطالب والمدرسة والبيت يهملونها تماما لأن الغالبية العظمي من الطلاب لا يذاكرونها كباقي المواد الا ليلة الامتحان كي يضمنوا النجاح ليس أكثر من ذلك وهذه هي الطامة الكبري فإن كانت المدرسة وهي المعلم الأول لأبنائنا تتعامل بهذه الطريقة مع مادة التربية الدينية التي هي عماد الدين والاخلاق فماذا ننتظر سوي أن يصبح شبابنا سطحياً ومشوشاً يسهل استقطابه من جهة من الجهات المتطرفة. ووافقته الرأي شيماء عمرو . ربة منزل. قائلة : علي الرغم من أن أولادي لم يلتحقوا بعد بالمدرسة غير انني ملمة بطبيعة المادة ومحتواها لذا أعيب علي وزارة التربية والتعليم إهمال مادة الدين وعدم إعطائها حقها كباقي المواد فهي بهذا تحقق لأعداء ديننا ما يسعون إليه وهو فصلنا عن ديننا ومبادئ رسولنا الكريم. وطالبت شيماء بضرورة أن يراعي كل مدرس ضميره ويعطي هذه المادة حقها المهدور من باب اتقان العمل واداء الواجب وليعي كل مدرس أنه سيقف أمام الله ليسأل فماذا سيقول؟ يري محسن محمد صاحب محل بوسط البلد. أن محتوي المادة خاصة في المرحلة الابتدائية مناسب لعقل الطفل وقدراته واستيعابه مشيرا الي أنها تقدم سيرة النبي صلي الله عليه وسلم بشكل مرضي ومبسط يستطيع التلميذ فهمه. ضرورة التغيير أبدي رمضان أبو السعود تاجر استياءه الشديد من مضمون مادة الدين خاصة لطلاب المرحلتين الابتدائية والاعدادية مشيرا الي أن لديه وابنتين ولم تستفيدا من قريب أو بعيد من مادة الدين ناهيك عن المعلومات الخاطئة التي يرددها مدرس المادة علي مسامع ابنتيه مطالبا وزارة التربية والتعليم ياعادة النظر في هذه المادة وان تعود كما كانت قوية في الماضي. الدين والأخلاق أرجع مؤمن نصر الدين . الانفلات الأخلاقي الذي يعاني منه شبابنا الي سطحية مادة الدين قائلا : للأسف الشديد لا يوجد تعليم ديني في مصر رغم اننا دولة مسلمة وكأن ذلك مقصود أن تفرغ مدارسنا من مباديء الدين وسيرة النبي صلي الله عليه وسلم التي هي عصب الامة ونجاتها من الهلاك. وأضاف : من يريد أن يعلم أولاده دينهم فليذهب بهم الي المعاهد الأزهرية وإن كانت مليئة بالسلبيات لكنها أفضل حالا من التعليم العام وهذا يظهر جليا في مستوي خريجي الازهر ونظرائهم في الجامعات الأخري. طالب أحمد عبد الله . تاجر. بضرورة تغيير محتوي مادة التربية الدينية في المراحل المختلفة بحيث تعطي أبناءنا الجرعة الدينية المطلوبة وتحصنهم ضد اية استقطابات من أي نوع. وأضاف : اننا نواجه حرباً اعلامية شرسة هدفها تدمير أخلاق ابنائنا وتدنيس معتقداتهم الدينية والأخلاقية فهذه الفضائيات الدنيئة يقف وراءها أناس لا دين لهم ولا أخلاق إن لم ننتبه لذلك جيدا ضاع أولادنا. سطحية المدرس يشير الدكتور رضا كامل استاذ اللغة العربية إلي انه من المفترض أن تكون مادة التربية الدينية مرحلة بناء للطفل بحيث يتشرب الفكر الوسطي المعتدل البعيد عن الغلو والتطرف وياحبذا لو قام بتدريس هذه المادة مدرس خاص بها غير مدرس اللغة العربية ويفضل أن يكون من خريجي جامعة الازهر راعية الفكر الاسلامي المعتدل في مصر والعالم العربي حتي نضمن أن تصل للطالب معلومة صحيحة مائة بالمائة غير مشوشة وغير مشكوك فيها وذلك لأن خريج الأزهر متمكن لدرجة كبيرة ولديه حصيلة دينية كبيرة علي العكس تماما من خريج التربية والتعليم الذي يتسم بالسطحية والتشويش وضآلة المعلومات الدينية ناهيك عن المعلومات الخاطئة التي يصدرها لأبنائنا بسبب جهله وعدم إلمامه بالموضوعات المختلفة لذا علي الدولة حتما أن تطبق هذا الأمر وتستعين بخريجي الأزهر واذا كان الأزهر يستقطب أبناء الدول الاسلامية من شتي بقاع الأرض ليتعلموا صحيح الدين علي أيدي علمائه الافاضل فالاولي له أن يعلم ابناءنا وسطية الدين. وأضاف : للأسف الشديد الطالب يتخرج في المرحلة الثانوية وهو يعاني من فراغ ديني وشخصيته الاسلامية ضائعة وغير موجودة بالمرة فلا نجده يعرف شيئا عن الفقه أو المعاملات أو حتي السيرة فلو حتي كان المنهج المقرر ضعيفا وسطحيا فمدرس الازهر يمكنه اضافة الكثير من المعلومات علي هذا المنهج وتطعيمه بمعلومات اضافية شيقة تزيد من حصيلة الطالب الدينية. واشار الي أن الطالب المصري معروف عنه انه لا يذاكر الا المادة التي سترفع من مجموعه اما مادة الدين فغير مضافة للمجموع لذا يتركها كلية ولا يهتم بها الا ليلة الامتحان وهذه مشكلة لابد من القضاء عليها اذا أردنا تحصين أبناؤنا ضد التطرف الفكري والانحراف الأخلاقي المتفشي في مجتمعنا. لا شكوي منها علي العكس تماما أكد الدكتور حسن شحاته الخبير التربوي وأستاذ مناهج التربية الدينية بوزارة التربية والتعليم أن كل مناهج التربية الدينية المقررة علي طلاب المراحل المختلفة تم وضعها علي أيدي أساتذة متخصصين وباشراف كامل من الأزهر الشريف لذا يمكننا القول انها وضعت بأيدي تربويين وعقول أزهرية وباعتباري خبيرا تربويا يمكنني الجزم انها مناسبة ولا يشوبها أية شائبة ومعتدلة وتمنح الطالب الجرعة المطلوبة لانها تحقق القدر المناسب المشترك للعبادات والسيرة والتهذيب وتمت مراجعتها بشكل دقيق وعلمي كما انها تقدم سيرة النبي صلي الله عليه وسلم وسيرة خلفائه الراشدين بشكل رائع وتعطي أمثلة من سيرة النبي يرسخ من خلالها قيما اسلامية رفيعة المستوي بالاضافة الي ذلك فهي تقدم التاريخ الاسلامي بشكل شيق وجذاب. وأضاف : منذ وضعت مناهج التربية الدينية عام 1989 لم يشكو أحد منها سواء الكنيسة أو الجماعات المتشددة وهذا إن دل علي شيء يدل علي اعتدالها وشمولها والتزامها بالعموميات والمفاهيم السليمة والآيات المناسبة الهادفة والأحاديث النبوية المناسبة .. فالشكوي الوحيدة التي وصلتنا عام 1989 كانت من البطريرك وكانت شكواهم تتعلق بوجود بعض الامور لا تتفق والمواطنة ليس في كتب الدين انما كانت في كتب اللغة العربية مثل استخدام أسماء الاشارة هذا مسلم وهذه مسلمة وكانت شكواهم في محلها ماذا سيقول الطالب القبطي فتم تدارك هذا الموقف وتم التغيير. وقال : علي الرغم من غضب الكثير من قرار عدم اضافتها للمجموع الا انه اشاد بهذا القرار واصفا اياه بالقرار الجريء الصائب الذي أصدره الرئيس الراحل انور السادات مؤكدا انه يحقق العدالة بين الطالب المسلم والقبطي مستنكرا رغبة الاخوان في دستور 2012 تحويلها لمادة أساسية تضاف للمجموع. تجربة مريرة أكد الشيخ منصور الرفاعي عبيد من علماء الأزهر أن المناهج الموجودة في المدارس لاتسمن ولاتغني من جوع أضف إلي ذلك الإهمال الجسيم للمادة داخل المدرسة فالمضمون الذي يدرس للتلاميذ من مرحلة الابتدائي وحتي المرحلة الثانوية لايمكن الارتكاز عليه في تربية النشء رغم الأهمية القصوي لهذه المادة في بناء أخلاق وسلوك الطفل.. فالدين قيمة وأخلاق قبل أن يكون عبادات وفي هذا يقول النبي صلي الله عليه وسلم : "إنما جئت لأتمم مكارم الأخلاق" فالرسول حصر بعثته في أن يجعل الناس يتمسكون بالأخلاق الحسنة وتنحية الخلافات جانباً والتعاون مع بعضهم البعض بالمروءة وحسن الخلق.. فهذه قيم أخلاقية لابد أن ندرب عليها الأبناء فالتعلم في الصغر كالنقش علي الحجر. وأضاف : للأسف الشديد الدين مادة ميتة في المدارس لايلتزم بها المدرس أو الطالب وهذا سر نكبتنا وقد عشت التجربة بنفسي حيث جمعنا احد وزراء التربية والتعليم في آخر عهد مبارك ونزلنا إحدي قري محافظة الاسماعيلية وطلب منا إعادة تطوير المناهج وكنت من ضمن المطورين للمناهج اللجنة الدينية. وأضاف الشيخ منصور عبيد : قدمت ضمن خبراء التعليم المختلفين منهجاً جديداً للتربية الدينية سهلا غير معقد يجعل الطالب من الحضانة إلي المرحلة الثانوية يتقبل الآخر ويتعامل برقي وأخلاق رفيعة مع كل المحيطين به وانتهت المدة التي كانت محددة لنا كورشة عمل في الاسماعيلية وحضر الوزير والوكلاء واستمع لنا جميعاً وجاء دوري في الحديث عن المنهج الذي أعددته وأكدت للوزير أن الدين هو صمام الأمن والحفاظ علي أبنائنا وانصرفت من الورشة ولا أدري شيئاً عما حدث بعد ذلك فلم يوضع المنهج ولم يؤخذ بالجهد الذي بذلناه. وقال : لم أتوقف بعد ذلك عن مساعدة التربية والتعليم ولم أيأس ولم أحبط حيث تقدمت الي وزارة التربية والتعليم بعمل منهج للصف الخامس الابتدائي بناء علي اعلان تم نشره في إحدي الجرائد القومية وتم الثناء علي البحث ومنحي مكافأة مالية نظير مجهودي كانت تبلغ 30 ألف جنيه ورغم ذلك عرفت أنه زج المنهج الي المطابع ولم ينشر ولم يطبع ولا أدري السبب حتي يومنا هذا. وأنهي الشيخ منصور كلامه موضحاً أن المنهج الذي أعده كان يشمل بعض الآيات القرآنية البسيطة والتي تم شرحها شرحاً بسيطاً بجانب بعض الأحاديث النبوية الشريفة التي تتناسب وعقل الطفل ثم سردت مجموعة من الأخلاق كالصدق والتعاون والأمانة وختمت هذا المنهج بموضوع عن العلم وتكلمت عن العلم والنبي صلي الله عليه وسلم وكيف كان يحمله في الحروب وأسقطت ذلك علي علم مصر وأهمية احترامه.