عرف النبي صلي الله عليه وسلم منذ اليوم الأول لرسالته أنه سيواجه كثيرا من العقبات والصعوبات. وأنه سيهاجر من مكة.. فلقد سمع من ورقة بن نوفل: ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك!! فقال: أومخرجي هم؟ قال: نعم.. لم يأت نبي بمثل ما جئت به إلا أوذي. وشاء الله أن تكون هذه الصفوة المختارة من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم خير أمة أخرجت للناس. كما اقتضت حكمة الله أن يجعل طريق الإيمان محفوفا بالصعوبات لبناء هؤلاء العظماء من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم. ولقد علم هؤلاء الأبطال أنهم سيستهدفون لإيذاء كثير» فقد سمعوا ربهم -في قوله تعالي- "أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء. وزلزلوا حتي يقول الرسول والذين آمنوا معه متي نصر الله ألا إن نصر الله قريب". ثم سمع هؤلاء الأفذاذ قول نبيهم لخباب بن الأرت: "لقد كان من قبلكم ليمشط بمشاط من الحديد مارون عظامه من لحم أو عصب ما يصرفه ذلك عن دينه. وليتمني الله هذا الأمر حتي يسير الراكب من صنعاء إلي حضرموت ما يخاف إلا الله. والذئب علي غنمه" ولذا اتصف هؤلاء الصفوة المختارة بصفات عديدة منها: "الإخلاص" هو أول صفة تقترن بالإيمان الحق. ومع كون هذه الصفة من صفات القلوب التي لا تري» فقد تجلت واضحة في سلوك أولئك المهاجرين الذين تركوا وطنهم وأهليهم وأموالهم وخرجوا إلي غربة لا يعلم إلا الله مداها!! وطريق حافل بالأخطار والصعوبات. وقد كان يمكنهم أن يعيشوا أفضل حياة دنيوية لو استجابوا لما دعاهم إليه قومهم.. لكن إخلاصهم في عقيدتهم. وسمو نفوسهم وأرواحهم وسيطرة إيمانهم الكامل عليهم- كل ذلك جعلهم يهجرون كل المتع الزائلة. والمظاهر الخادعة. والرغبات الشيطانية ويتوجهون بنفوس صافية. وأرواح طاهرة مخلصة إلي ربهم وما يأمرهم به. ثم إلي نبيهم وما يدعوهم إليه مبتغين في كل ذلك الفضل والرضوان من الله سبحانه وتعالي وحده. الشيخ محمد عطية شكر موجه عام بالأزهر الشريف