إن سألت أي إنسان عن مدي حبه للخير أو للشر فإن الإجابة هي "حب الخير".. ولتكن هذه هي نقطة انطلاقنا إلي الخير قولاً وفعلاً في هذا الحديث!! وهنا نقول إن الممارسة الديمقراطية التي يجانبها الصواب تحت ستار "الحرية المطلقة" دون إدراك أن الحرية المطلقة مفسدة مطلقة هي العقبة الكبري في سبيل تحقيق التنمية الشاملة بصفة عامة والتنمية الاقتصادية بصفة خاصة بل إن سوء الممارسة الديمقراطية هو الذي يعطل عجلة الإنتاج والتقدم لدرجة أن التقدم هنا في جميع المجالات يكون تقهقراً وتقدماً للخلف وليس إلي الأمام ولا إلي المستقبل.. واعني بذلك "القراءة المقلوبة" لحق التظاهر الذي يقال إنه حق مطلق في التعبير عن الرأي طالما أنه تظاهر "سلمي".. وهذا المعني المغلوط هو السائد في كل وسائل الإعلام في مصر منذ ثورة يناير .2011 التظاهر خلالها في الاطاحة بنظام حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك ثم نجح التظاهر مرة أخري في الاطاحة بنظام حكم "الإخوان" المتمثل في شخص الرئيس السابق الدكتور محمد مرسي ومن اختارهم لمعاونته خلال العام الذي جلس فيه علي سدة الحكم منذ الثلاثين من يونيو سنة 2012 إلي خروج الشعب علي هذا النظام بالملايين في جميع ميادين الجمهورية ومدنها وقراها ونجوعها في الثلاثين من يونيو سنة .2013 وهنا يأتي دورنا في حديث اليوم عن الممارسة الديمقراطية التي يجب أن تكون ممارسة سليمة خالصة لوجه الله وليست عقبة في طريق التتنمية الاقتصادية وغير الاقتصادية.. ذلك أن الممارسة الديمقراطية حق أصيل لكل مواطن كامل للأهلية علي أرض أي وطن سواء في حرية الرأي والنقد البناء لأي قرار يجانبه الصواب علي أي مستوي من مستويات إصدار القرارات بدءاً من مجرد قرار بسيط علي مستوي أسرة واحدة أو فريق عمل أو جمعية خيرية أو لجنة نقابية إلي مستوي القرارات الوزارية والرئاسية بل ومستوي القوانين التي تحمل شبهة عدم الدستورية.. وها هي مصر الآن تصنع الدستور الذي يجب أن يحدد معالم الديمقراطية السليمة التي تقوم علي حرية إبداء الرأي بكل وسائل التعبير عن الرأي بصفة عامة وبالتظاهر السلمي بصفة خاصة والتظاهر السلمي هو الذي يقينا فعلاً أن يكون سلمياً "سلمية حقيقية" لا أن يبدأ "سلمياً" ثم يتحول إلي العنف و التجريح والتشهير والتدمير والتخريب. وعلي أية حال فإن الشعب المصري - مثل معظم شعوب العالم - يجانبه الصواب في ممارسته للديمقراطية بصفة عامة وفي التظاهر "السلمي" بصفة خاصة!! ولكي نعود إلي الصواب الآن في فكرتنا عن الممارسة الديمقراطية "لبكره" وللمستقبل كله فإننا نقول في ختام هذا الحديث بفضل الله وتوفيقه ما نرجو أن تتم مراعاته في الإشارة إليه "دستورياً" بمعرفة لجنة الخمسين لإعداد الدستور المزمع إعداده علي خير بمشيئة الله.. نقول في ذلك ما يلي: أولاً: أن حرية الرأي مكفولة للجميع في كل دساتير العالم تقريباً إلا أن هذا المعني يساء فهمه دائماً ما لم يتم تحديد الإطار العام النافع والمفيد له بالنص علي أن تكون حرية الرأي مكفولة للجميع ولكن دون المساس بهيئة الدولة وعدم الإخلال بنظامها العام وتوقف أي حوار يقول أحد المشاركين فيه إنه لم يتم التوافق معه أو مع جميع القوي السياسية في الوقت الذي لا يريد فيه هذا التوافق إلا لمصلحة شخصية أو حزبية أو طائفية علي حساب مصلحة الوطن كله!! ثانياً: إن التظاهر وسيلة مشروعة للتعبير عن الرأي ولكن إذا تم الافصاح قبل التظاهر عن مطالب المتظاهرين لمن يهمهم أمر الاستجابة لهذه المطالب أو رفضها للصالح العام وليس لمجرد مصالح المتظاهرين.. إذا تم الافصاح عن ذلك وتمت الاستجابة للمطالب فلا تظاهر وإن لم تتم الاستجابة فليتم اللجوء إلي القضاء وبالتالي فلا تظاهر إلا بعد استنفاد كل وسائل التقاضي أمام منصات القضاء بالوسائل المشروعة وليس بالتظاهر أمام أو داخل أية محكمة وفي النهاية لن يكون هناك تظاهر.. ومع ذلك إذا لم يقتنع أصحاب المطالب بعدم احقيتهم في الاستجابة لكل أو بعض مطالبهم فليكن التظاهر بشروطه التي يحددها القانون والاعراف الدولية تظاهراً سلمياً وإن خرج عن السلمية يتم التعامل مع هذا الخروج بالقانون وإيقافه فوراً و محاكمة من يجنح فيه إلي الإضرار بالوطن أو المواطن محاكمة عادلة وعاجلة وحاسمة وناجزة!! ثالثاً: إذا كانت الممارسة الديمقراطية في الانتخابات عنوانها هو صوت الناخب في صندوق الانتخاب فليفهم الجميع ويدرك بكل الموضوعية والاخلاص أن صوت الناخب "شرعاً" تنفيذ لأمر الله في أداء الشهادة فلا يجب أن يتخلف الناخب عن التدفق الجماهيري السلمي الصامت "بلا هتاف مع أو ضد أحد" لأداء هذه الشهادة.. و"قانوناً" فإن صوت الناخب هو اقتراع سري في صندوق الانتخاب وهذا يقتضي أن يكون الناخب عقيدته في مرشحه الحزبي أو المستقل سواء كان هو حزبياً أو مستقلاً. فهل تستطيع مصر أن تنفذ هذه الفكرة اليوم وفي كل يوم "لبكرة" وللمستقبل في أي وقت حتي تكون رائدة في الممارسة الديمقراطية السليمة ومحققة للتنمية الشاملة بلا مشاكل أو عقبات؟!