ليست المرة الاولي التي يحتدم فيها الجدل والخلاف بين القوي السياسية حول اعمال الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور ويدخل دائرة الاهتمام. حدث ذلك مرارا علي مدي الفترة الاخيرة. لكنه هذه المرة يكاد ينذر بتفجر الموقف خاصة بعد التهديدات التي اطلقتها القوي المدنية وامهلت فيها الجمعية فرصة اخيرة لتصويب تشكيلها أو مقاطعتها والنزول إلي الشارع والاعتصام لتفكيكها. وزاد الموقف التهابا الدعوة التي وجهها الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل لزعماء الائتلافات السياسية المشكلة وعلي رأسهم حمدين صباحي ومحمد البرادعي وعمرو موسي وأيمن نور. للدخول في مناظرة سياسية حول القضايا الخلافية. وخصوصا رؤيتهم لعلاقة الدين بالدولة. فقد اعتبروها فخا الهدف منه اظهارهم امام الرأي العام رافضين للشريعة الاسلامية ومناهضين للهوية الاسلامية. احتدام الموقف بدأ مع تقديم الناشطة الحقوقية. منال الطيب. عضو اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور استقالتها. مبررة إقدامها علي هذه الخطوة برفضها لسيطرة تيار الإسلام السياسي علي خطوات صياغة واقتراح مواد الدستور. بما لا يتناسب مع كونه دستوراً يشمل المصريين جميعا. وأكدت أنها لا تستطع أن تستكمل مشاركتها في الجمعية كي لا تتحمل مسئولية دستور إخواني أو تري دستورا يهين حقوق الإنسان. وينتقص من حق المرأة والطفل. كما هددت حركة 6 إبريل بسحب ممثلها داخل التأسيسية. اعتراضا علي الممارسات غير المقبولة من التيار الإسلامي فيما يخص مواد باب الحريات. تفاعلت الاحداث سريعا بعد الاجتماع الذي شارك فيه عدد من رموز التيار الليبرالي بمنزل الدكتور أحمد البرعي. وزير القوي العاملة الأسبق. لمناقشة آليات عمل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور وما توصلت إليه حتي الآن. اذ حضر الاجتماع الدكتور محمد البرادعي. رئيس حزب الدستور. والسيد حمدين صباحي مؤسس حزب التيار الشعبي. والسيد عمرو موسي مؤسس حزب المؤتمر المصري. والدكتور السيد البدوي رئيس حزب الوفد. والدكتور علي السلمي نائب رئيس الوزراء الأسبق. ومني ذو الفقار. فيما تغيب الدكتور محمد أبو الغار رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي. والدكتور عمرو خالد رئيس حزب مصر. واعلن المجتمعون رفضهم لإدخال أي تعديلات علي نص المادة الثانية من دستور 71. سواء بالإضافة أو بالحذف. وفي أول رد فعل علي الاجتماع طالب الدكتور ياسر برهامي. نائب رئيس الدعو السلفية. وعضو الجمعية التأسيسية. باستفتاء الشعب علي المواد المختلف عليها بالدستور وأن يكون هناك أكثر من "نعم" و"لا" . مؤكدا أن اقتراح قدم بأن تكون الشريعة الإسلامية المرجعية الأولي للتشريع بدلا من كلمة مبادئ. أعرب عن رفضه تصريحات كبار الدستوريين حول المادة الثانية من الدستور واعتبارها مادة ديكورية استنادا إلي اتجاه القوي الليبرالية التي تتمسك بمقولة أن الدولة لا دين لها. ولفت الي إمكانية قبول المادة الثانية في الدستور كما هي شرط أن يضع الأزهر الشريف تفسيراً واضحاً لها بما لا يتعارض مع المذاهب الإسلامية الأربعة. أو أن توضع مادة تؤكد عدم صدور أي قانون يخالف الشريعة الإسلامية. فتيل الأزمة اخذت القضية بعدا اخر في اعقاب مطالبة الدكتور عمرو حمزاوي. البرلماني السابق وأستاذ العلوم السياسية. أعضاء التأسيسية برفض ما يدور داخل الجمعية والدفاع عن الحرية والديمقراطية ومدنية الدولة والتصدي لمحاولات فرض صياغات دستورية تهدد هذه الحريات. أشار الي خطورة الانتقاص من حقوق المرأة والطفل. مؤكدا أن المادة 36 التي تتحدث عن رعاية الدولة للمرأة تحمل دلالات اجتماعية خطيرة تنتقص من حقوقها وربما تؤدي الي التمييز ضدها. واشتعل المشهد بسبب المقالة التي نشرها حمزاوي بعنوان "دستور مصر ليس قضية داخلية فقط". فقد اعتبرها انصار التيار الاسلامي سقطة وطنية غير مقبولة. وهاجم الدكتور محمد البلتاجي. القيادي بحزب الحرية والعدالة. ورئيس لجنة الاقتراحات والحوار بالجمعية التأسيسية للدستور. محاولات التشنيع علي الدستور والدعوة لتدويله واعتبرها استقواء بالخارج ترفضه الجماعة الوطنية. تدويل الدستور وفي ذات السياق. انتقد عمرو عبد الهادي. المحامي وعضو الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور. الدعوات التي تنادي بتدويل الدستور. مؤكدا أن البعض يسعي الي تعطيل التأسيسية وتشويه عملها بهدف اعادة تشكيلها لتحقيق مصالح شخصية. قال ان هناك استماتة من بعض الليبراليين لوضع مواد بالدستور تؤدي إلي تدويل بعض القضايا المصرية. موضحا ان مادة الإتجار بالبشر التي تم التدليس بها علي الرأي العام قدمت لافتعال ازمة لانه معروف أن القوانين الدولية تعتبر المهور المدفوعة للعرائس والزواج لمن هن دون 21عاما هو من قبيل الإتجار بالنساء. وذلك يجعل مصر تحت مظلة تدويل قوانينها. كشف عن وجود اجندة غير وطنية تتضح من اصرار البعض علي وجود مواد تنص علي عدم التمييز علي أساس العرق في باب الحريات. مبينا أن الاعلام تناول القضية دون تدقيق وانساق وراء ادعاءات مضللة. تتجاهل حقائق التركيبة الاجتماعية للشعب المصري. فاقرار هذه المواد معناه الاعتراف ضمنيا بوجود أعراق في المجتمع المصري. مع وجود مواد دستورية أخري تلزم مصر بالاتفاقيات الدولية يقود الي انفصال بعض الاقاليم المصرية. من جانبه. رفض الدكتور عمرو حمزاوي. المقولات التي تتهمه بتدويل الشأن المصري. مؤكدا انه لم ولن يستقوي بالخارج. وأن دعوته لم تكن للاستقواء علي الإطلاق بأي شخص من الخارج ولا تنتقص من الكرامة الوطنية. قال عبد الغفار شكر. نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الانسان. ورئيس حزب التحالف الشعبي. أن الانتهاء من صياغة الدستور مرتبط بمدي استجابة قوي الإسلام السياسي لحسم المواد التي تعتبر أعمدة للدستور. ومنها الشريعة الإسلامة والعلاقة بين الدين والدولة. وكذلك دور الأزهر في الحياة السياسية المصرية. وغيرها من المواد التي تثير الخلاف. ويضيف أن قوي التيار المدني اتفقت علي تعبئة شعبية ضد الجمعية التأسيسية الحالية لوضع الدستور. مشيرا إلي أن مواد الدستور يجب أن تكون موضع توافق عام ورضا شعبي ولا يجوز ان يخضع لسيطرة اغلبية سياسية وتنفرد بكتابته.