لاشك ان ما قام به فضيلة الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية من زيارة مفاجئة إلي المسجد الأقصي أحدثت دويا كبيرا في مصر والعالم وذلك لعدة أسباب أهمها قدسية المكان الذي كانت من أجله الزيارة وأهمية الزائر وتوقيت الزيارة.. ومن حق الدكتور علي جمعة كمواطن مسلم أن تتوق نفسه لزيارة هذا المكان الذي تشد اليه الرحال كما جاء في حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم وبالتالي من حقه علينا أن نحترم قراره وان اختلفنا معه في التوقيت ومهما كانت الاختلافات في وجهات النظر حول الزيارة وتوقيتها والخطوة الجريئة التي اتخذها المفتي ينبغي علينا أن نوقن تماما ان الرجل بشر يخطيء ويصيب رغم ان فضيلته ذهب وهو يعلم مسبقا رد فعل ما يقوم به ويعرف يقينا بأن زيارته ليست تطبيعا مع العدو كما قال البعض ويعي أيضا ان زيارة السجين لا تعني أبدا التطبيع مع السجان وفي رحلته لم يقابل صهيونيا واحدا وانما ذهب وأدي صلاته وجال في الحرم القدسي وخرج. لكنني أقف أمام المعارضين القائلين بأن الزيارة تعد تكريسا للاحتلال الاسرائيلي.. والسؤال الذي يفرض نفسه: ماذا فعلت المقاطعة لفترة طويلة تقارب نصف قرن هل نجا الأقصي الجريح من جرائم اليهود.. بالعكس عاثت اسرائيل فسادا واستباح المتطرفون اليهود حرمة المكان ودنسوا قدسيته وقاموا بالعديد من الأعمال التخريبية من التنقيب والحفر دون خشية من أحد. وإذا كان مفتي الجمهورية قد أقدم علي هذه الخطوة مخالفا بذلك اجماع مجمع البحوث الاسلامية فهو الذي له حق محاسبته وليس لعوام الناس أن تنصب المشانق لفضيلته خاصة ان الرجل عنده من المبررات الفقهية والعلمية ما يرد بها علي العلماء وليس من حق أحد أن يتهم فضيلته بالخيانة والعمالة.. واتهامات ما أنزل الله بها من سلطان.. وإذا كان الشيخ القرضاوي أفتي بحرمة الزيارة وهذا رأيه فإن د. علي جمعة يري فيها شيئا آخر.. فالدين ليس حكرا علي شيخ بعينه أو أي تيار معين. يا سادة يا كرام.. ليتنا نتعلم من رسول الله صلي الله عليه وسلم ومن الصحابة والتابعين أدب الخلاف مع بعضنا البعض ومع شيوخنا ومع العلماء ولنتذكر المقولة الشهيرة للإمام الشافعي رأيا صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب.