احترق قلب مصر.. خبر صدمت وقائعه قبل حروفه عيوننا في الأيام القليلة الخوالي. كان ذلك للأسف حقيقة لا مجازاً حينما طالت ألسنة اللهب قلوب المصريين قبل ان تطال مؤسساتهم وتراثهم بل وأجساد أبنائهم. ومع فداحة المصاب فقد تأججت حرارة آلامه حينما اتسع نطاق دلالات أحداثه. وجر العقول جراً إلي أفق ضبابي من الاحتمالات المزعجة في عددها ومددها. وفي سماء هذه الأجواء تراقصت الأدخنة السوداء. وعلي أرضها تواصل الحرق وتعاظم الخرق. وبالرغم من كل ما يمكن ان تبعثه هذه الأحداث ودلالاتها من يأس وإحباط في النفوص فقد عنونت وصيتي لكم بعبارة "... ولم يحترق الأمل" نعم. لم يحترق الأمل. بكل ثقة في المولي عز وتعالي أقول لكم: لم يحترق الأمل بل ولن يحترق لأن الأمل أكبر من وعائه. وحينما يصدر الأمل عن الهمم العالية فلابد ان يجاوز كل الأوعية. وحينما يتعلق الأمل بالسماء حينها يتأبي الأمل أن يحتويه في الأرض وعاء. وحينما يتوثق الأمل بالله دون سواه يصمد الأمل بصمدية الله. وحينها لو احترقت الدنيا جميعاً سيبقي الأمل ولو لم يبق سواه. ان الله الذي فضل بعض النبيين علي بعض. وبعض العباد علي بعض. فضل أيضاً بعض البلاد علي بعض. ولاشك انه تبارك وتعالي فضل مصر علي كثير من البلاد. وفضل عبادها علي كثير من العباد. وقد صح ذلك في الخبر الشرعي بلا ارتياب. ومن ثم فمهما حرقوا منك يا مصر يبقي أملنا في الذي فضلك وهو أمل تفني الدنيا ولا يفني. فلا تقلقي يا مصر.. ولا تهتزي يا كنانة الله. فإن ما يخلفه حريق الظالمين العابثين من رماد سيكون في أيد أصحاب الأمل في الله ذرات تبر يعيدون صياغتها في حلي بهي يزين عنقك. وحلل قشيبة تكسو طولك وعرضك. فلتسلمي يا مصر ما بقي الأمل في الله. وتبقي وصيتي: الأمل في الله والعمل لله. د. السيد عبدالرحيم مهران كلية الشريعة والقانون بأسيوط