أكد الدكتور أحمد عيسي المعصراوي شيخ عموم المقاريء المصرية أن السبب الرئيسي في تراجع مستوي الأداء القرآني في مصر هو عدم رعاية الكتاتيب وضعف مستوي المحفظين الذين يمارسون عملهم دون اقرار من لجان رسمية وفنية تبين أن مستواه يصلح كمحفظ.. مؤكدا أن المسابقات علي كثرتها لا تصنع حفظة متقنين. وناصحا الشيخ الطيب بأن يتبع نهج الشيخ جاد الحق في ترخيص الكتاتيب ورقابتها ومتابعتها لما في ذلك من خير كثير لحفظة القرآن. أشار إلي أننا نعيش عصر المتاجرة بالقرآن وهو ما أفسد مستويات الحفظ المتقن بين أبنائنا حول كل هذه القضايا دار حوار الدكتور المعصراوي ل "عقيدتي" والذي تحمله هذه السطور : * بداية ما هي الأسباب الحقيقية لتراجع الأداء القرآني في مصر دولة التلاوة التي اضحت دولة الحفظة؟ ** في الحقيقة سبب تراجع الضبط والاتقان في الأداء القرآني هو انشغال الكثير من المحفظين ومانحي الاجازات بسرعة الإنتهاء من الكم علي حساب الكيف فيهم بأن يختم للحافظ في فترة وجيزة ثم أن فترة التأسيس التي تعد هي فترة البناء بالنسبة للحافظ صغيرا كان أم كبيرا ولو تم التأثيث علي أساس متين ثم بعد ذلك يأتي كم الحفظ. إذ الحفظ يأتي بكثرة المراجعة والتكرار لكن أبدا لا يأتي الضبط والإتقان ومن هنا يكمن الخطر والتهديد ثم أثناء المراجعة والحفظ والتسميع فيخطييء الطالب في آية أو في كلمة والسرعة تتسبب في الأزمة حيث يسرع للانتهاء من الطالب ليتولي الذي يليه وهذا لا يمكن أن يأتي بحفظة متقنين كما كان الأمر من قبل في العهد الأول للكتاب وهذا يحتاج من السادة المشايخ والمحفظين بداية أن يهتم في طلابهم والحفظة الذين يتعلمون علي ايديهم بأن يهتموا بمخارج الحروف والإدغام والتخفيف وضبط الأحكام التجويدية من مد وغن لأننا نجد الأبناء حفظة كثيرين لكن تراجع حسن الأداء يجعلنا نقول إن الأداء سييء وليس حسنا فلا يوجد تميز ولا ضبط. نعم نحن مع أن يكثر الحفظة لكننا نبغي حفظا ضابطا متقنا كما كان الأمر من قبل في الأجيال السابقة علينا وفي أجيالنا والأمر هنا أجده ينصب علي المحفظين أنفسهم. * فضيلة الشيخ.. نحن تعلمنا في الكتاتيب وكذا أجيالكم. وكان في السابق توجد لجان رسمية تختبر المحفظين وترخص للكتاتيب وتقوم علي متابعة العمل بها.. فلماذا رفعت الدولة يدها عن الكتاتيب الآن تماما؟ ** الدولة الآن تقيم مسابقات كثيرة للقرآن الكريم علي مختلف مسمياتها وتنفق فيها الملايين رغم أن المسابقات لا يمكن بأي شكل أن تقدم لنا حفظة متقنين لأنها قائمة علي وقت معين للمتسابق ويدخل علي الامتحان ثم ينتهي بذلك الأمر واللجنة تقدر له حفظه وجهده من خلال هذا الوقت القصير الذي عادة لا يتخطي أربعة اسئلة في عشر دقائق علي الأكثر وهو ما نجد فيه أن هناك كثيرين جدا يحفظون القرآن لكن لا يوجد أحد علي الإطلاق يأخذ 100% وولي الأمر يهمه ان ابنه لا يخطيء ويطالب بأن يأخذ الدرجة النهائية متناسيا الضبط والاتقان رغم انهما أهم شيء لحفاظ القرآن وكذا ضبط الأحكام والحفظ يكون في الأصل بالتلقين إذ أنه هكذا لقنه جبريل عليه السلام للنبي صلي الله عليه وسلم وهكذا وصلنا وآيات القرآن تؤكد أن الرسول صلي الله عليه وسلم كان مأمورا وملزما بصفة وكيفية قراءة جبريل عليه السلام للقرآن عليه وبنفس الكيفية لقنه الرسول صلي الله عليه وسلم لصحابته ولذلك وهنا مواقف من السيرة تؤكد أن الرسول صلي الله عليه وسلم دعا لقراءة ضابطة للقرآن الكريم وكذلك يجب أن يكون مشايخنا وجميع المحفظين أما اليوم فنجد المحفظ يهتم بأن يعدد تلاميذه متحججا بأنه يمكن بعد ذلكم أن يجود له رغم أن المشكلة في اي حافظ صغير أن الكلمة لأول وهلة تقرع أذنه تكاد تكون نقشت في صدره وفي قلبه ورأينا ذلك عند كثيرين حينما يحفظ. والأزمة أن الطفل حين يقرأ علي الشيخ يخطيء ولا يوجهه الشيخ فنجد الولد أو البنت يقرأ ويحفظ وهو غير ضابط لآيات الكتاب العزيز فقد يفخم مرققا ويرقق مفخما مما يخل بفن القراءة وطالما الشيخ قد سمع ولم يوجه فقد انتقشت في ذهنه وفي صدره خطأ وهو ما نجده في مسابقاتنا فتجد الحافظ متقنا ثم تجده يخطيء خطأ فادحا وتجده قرأه هكذا من سنين ولم يصحح له ولأن البناء من البداية لم يكن صحيحا. * وكيف نعود للبداية الصحيحة كما يجب؟ ** بالعودة الي الاهتمام بالكتاتيب من خلال عقد لجان اختبارات للمتقدمين لفتح الكتاتيب للأزهر ويختبر المحفظ والقضية أن اللجنة المنعقدة لإجازته يجب ألا تجيزه الا اذا أختبر وتأكد أنه متقن ضابط للاحكام وحافظ أما الآن يجب التفتيش علي الكتاتيب ولو أن لدينا الآن 1000 كتاب لو بقي منهما 100 بمشايخ ضابطين للأحكام والمحفظ متقن وبدل ما يكون فيه 1000 حافظ أنا فقط احتاج ل 100 حافظ متقن فالقضية كلها في التأسيس لنضبط لهم القراءة وياريت نهتم بالاجازات كما يفضل أن يفتح الكتاب من معهم اجازات من مشايخ معروفين ولست أقول ذلك لغرض فلست أقريء أحدا ولا آخد أموالا من أحد لكننا نعيش في عصرنا الحاضر عصر المتاجرة بالإجازات فالقضية ليست قضية دولة فقط ولكنها قضية أشخاص وقضية نفوس إذ أن كثيرا من القراء الذين أخذ الاجازة بتساهل من بعض المشايخ بل ان البعض منهم يعطي الاجازات دون أن يقرأ عليه أحد بمجرد أخذ المقابل المادي ولذا فأنا لا أقصر الأمر علي الاجازة فقط بل أن يعقد الي جانبها اختبار للتقييم فإن كان أقل من 75% فلا يسمح له بفتح كتاب لأن المشايخ المعلمين هم من يزرعون نجد نبتا طيبا خاليا من الأمراض فيجب أن نعالج القضية من المحفظين أنفسهم. * عاصرتم عصر الشيخ جاد الحق وكذا الشيخ طنطاوي ونعيش في العام الأول من عهد جديد لفضيلة الشيخ الطيب.. فأي النهجين تؤكد وتنصح بأن يتبع الطيب في التعامل مع ملف الكتاتيب وتحفيظ القرآن؟ ** أنصح بنهج الشيخ جاد الحق لأنه كان يهتم بالمحفظين فكان يصرف لهم شهرية ويتابع الكتاتيب لكن أن أهتم بالمسابقات وأهمل الكتاتيب فذاك أمر غير مجد علي أرض الواقع ثم أن المسابقات تعني بالحصاد وتهمل الأصل وهو التأشيس وهو ما لن يحدث إلا بالاهتمام بالكتاتيب. * وماذا عن أخطاء المصاحف الصادرة من مختلف دور النشر؟ ** كلها أخطاء طباعية وتجارية بحتة وللإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب توجيهاته التي ستحفظ لكتاب الله هيبته ومكانته وتقف أمام المتلاعبين في عمليات نشر المصاحف وسوف يتم مواجهة دور النشر بالعقوبات الصارمة والتي تحد من تلك الأخطاء التي تعد في أغلبها أخطاء مطبعية.