شهداء مصر من جنودها.. كرمهم الله بمكانة مميزة في رحيلهم عن الحياة.. ونحتسبهم عند الله شهداء.. ورحيلهم عن الحياة لم يأت بشكل طبيعي كما نتوقعه لنهاية حياتنا.. ولكن في أيام مصر الحالية القاسية جاء رحيلهم نتيجة غدر من إرهابيين استحلوا الدماء فعملوا تذبيحاً وتمثيلاً بجثث شهداء هم حراس للوطن قال عنهم رسولنا الكريم ([) إنهم إحدي العينين اللتين لا تمسهما النار يوم القيامة لسهرهم علي حراسة الوطن وحمايته لنعيش نحن جميعاً - وحتي من غدروا بهم - آمنين. ويذهب الشهيد مطمئناً راضياً إلي ربه.. ويعيش أهله ما بين إحساس الفقد لفلذات أكباد لا ولن تُُعوض أبداً ولن يروهم ثانيا وقد قُطع ما بين تواجدهم معاً للأبد وبين رضاء بقضاء الله وحكمه بأن آتوه شهداء مُكرمين.. هؤلاء الأهل يعيشون شهادة أبنائهم وقد قُتلوا غدراً آلاف المرات ويتخيلون يومياً في عذاب لا يُطاق كيف كانت ميتتهم بشعة وكيف مثُل بأجسادهم أو ذبحوا أو حُرقوا أحياء.. ولن ينقطع عن أم أو أب لشهيد استشعارهم اليومي وبإلحاح ما مر بابنهم من عذاب لا يُطاق حتي لفظ الأنفاس.. وعلي هذا التصور إلي حد المعايشة اليومية تستمر الحياة قاسية موجعة علي أهل الشهيد الذين يموتون يومياً بعذاب يصل بهم إلي حد انتقال الألم الجسدي لأجسادهم في نفس مواضع عذاب الابن.. ولا يُخفف عنهم إلا أملهم بأن أبناءهم إن شاء الله في جنات النعيم.. هؤلاء الأهل الموتي يومياً بعذاب فلذات أكبادهم لا يشعر بهم أحد منا نحن الآمنون الذي من أجل أماننا وأمن بلدنا العظيم قدموا أبناءهم للوطن راضين بأمر الله وراضين أن يمضوا باقي حياتهم مقطوعا عنهم جزء غال.. وراضين أن يقدموا للوطن المزيد لو احتاجه.. وراضين أن يسعد الناس جميعاً بالأمن بسبب ما قدم أبناؤهم من حياة. وفي اللوحات أمامنا نجد تعبير فنانين نحتاً وتصويراً عن آلام ما تحت الجلد التي أصبحت جزءاً بل كُلاً من ألم مدفون ما بين اللحم ومجري الدم يتجدد يومياً يُعانيه والدا الشهيد.. فنري أعمال الفنانين : محمد العلاوي الذي قدم في عمله النحتي بكاء ابن الشهيد ويد الأم فوق كتفه تخفف من آلام فقد الصغير لأبيه.. وقدم الفنان فريد فاضل آلام أم الشهيد واحتسابها لابنها عند الله شهيداً وقد رضيت بأن يكون ابنها (الأم هنا رمز لمصر) هو الفداء لبقاء الملايين من أبنائها فوق أرضهم آمنين.. وقدم الفنان حسن فؤاد انكفاء أبوي الشهيد علي آلامهما في صبر جميل.. وقدم الفنان داود عزيز الأم الثكلي علي أبنائها.. والأم في لوحة الفنان سامي صلاح نراها نموذجا للرضاء بقضاء الله في ابنها.. وفي لوحتي الفنان الكبير مصطفي الرزاز نجد الأم محتضنة ابنها شهيداً فداء مصر وفي اللوحة الأخري تحمل هي وأبناؤها جسده إلي مثواه.. أما الشهيد في منحوتة وسام أبو طيرة فنراه وقد امتلكه الألم والحزن وقد التفت ذراعاه حول نفسه كي يتماسك صبراً. إننا نجد في النهاية أهل الشهيد هم بيننا الأكثر عطاء وألماً ورضاء بقدر الله وزهداً في الحياة وقد أدركوا مغزاها ومداها.