علي رأس كل مصري أنت يا أم الشهيد.. تلد وتربي وتقدم فلذات كبدها فداء للوطن فما أعظمها هذه الأم وما أصبرها علي مافقدت، ولا يقل الأب عن الأم في مثل هذه الحالة من العظمة وإن شعر بكسر الظهر بعد أن فارقه أغلي من ربي ليلقي ربه وكان يتمني أن يحمله في كبره كما كان يحمل ابنه في الصغر ومع ذلك تكمن في قلبه حقيقة يدركها بايمان أن من فارقه امانة ردت إلي ربها واستوفت عمرها ولم يبق لها في الدنيا شربة ماء أو نسمة هواء ولكن ما يكسر قلبه هو غدر من هانت عليه قتل نفس بلا ذنب خيانة من أعداء لا يريدون الحياة إلا لهم وتسكن قلوبهم كل الوان الخسة ولا تحمل ضمائرهم أي قدر من الايمان وتتلوث أيديهم بحمل السلاح لإراقة الدماء الطاهرة بأسلوب وحشي همجي جبان وإن كانوا قد استطاعوا الهرب بعد هذه اللحظات العصيبة علي شهداء الوطن وأهل الوطن الشرفاء إلا أنهم لن يستطيعوا الهرب من خالقهم الذي يمهل ولا يهمل وقال في كتابه العزيز »إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ« فسيموتون جميعا وتفارق أرواحهم الأجساد وان اختلفت الاسباب ولكن هناك موتا آخر عاشه ومازال يعيشه هؤلاء الجبناء قاتلو أبناء الوطن وهو الموت الاجتماعي الذي تفارق فيه الأخلاق الاجساد وتعمي الأبصار وتصم الآذان وتتحجر القلوب ويتشدقون بإعلاء كلمة الاسلام والإسلام منهم برئ وعندما يتعثر منهم من يتعثر يتنكر ويكذب ويستنكر ما فعله. فلا تحزني يا أم الشهيد وارفع رأسك يا أبا الشهيد وان كان موت الضني الغالي آلمنا جميعا فكلمات الرسول صلي الله عليه وسلم تواسيكم لقوله: »ما يجد الشهيد من مس القتل إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة« وقال صلي الله عليه وسلم: »عرض علي أول ثلاثة يدخلون الجنة شهيد وعفيف متعفف وعبد أحسن عبادة الله ونصح مواليه«.