منذ أيام وقبل موعد إجراء الانتخابات التشريعية الفرنسية، أطلقت فاليري تريرفيلر، الصديقة الأولي كما وصفتها الصحافة الأمريكية، كلمة علي حسابها الشخصي علي موقع تويتر، تعلن فيها دعمها ومساندتها للاشتراكي المنشق أوليفييه فالورني والمنافس الشرس لروايال في الجولة الثانية من الانتخابات، فكتبت تقول "تحية لفالورني الذي ناضل إلي جانب أبناء لاروشيل منذ سنوات... أتمني لك حظاً سعيداً". مما أثار عاصفة سياسية كان لها دويها في أرجاء فرنسا، خاصة مع قرار الاشتراكيين وأولاند دعم المرشحة السابقة للرئاسة في انتخابات عام 2007 أمام نيكولا ساركوزي، وإجراء عملية إنقاذ سياسية للحزب بعد أن استطاع المرشح الآخر جمع أصوات من نواب اليمين وحزب الاتحاد من أجل حركة شعبية. وكانت روايال حققت في الدور الأول تقدما علي منافسها الاشتراكي، إذ حازت 32٪ من أصوات الناخبين، في حين حاز منافسها 28٪ من الأصوات. وهذه الكلمة في حرب نسائية لم تمر مرور الكرام، بل تناولتها الصحف علي أنها تدخل مفاجئ من فاليري في الحياة السياسية أرادت بها توجيه طعنة أنثوية لغريمتها، وشريكة حياة الرئيس أولاند السابقة وأم أبنائه، لإغضابها وإثارة أعصابها وبات وضع المرشحة أكثر تعقيداً. فالصحافة البريطانية سردت الخبر وكأنها حرب، فكانت العناوين "حرب الورود"، في إشارة إلي "الوردة" رمز الحزب الاشتراكي الفرنسي. ولم يتوقع أحد في فرنسا أن يكون هذا الموقف ضد من كانت شريكة حياة أولاند، حتي أن البعض اعتقد بأن يكون حساب فاليري علي تويتر تم اختراقه وأنها ليست الفاعلة الحقيقية وراء هذه الرسالة. وحين تأكد الخبر انتقد البعض من اليسار واستنكر تدخل صديقة الرئيس في شئون الحزب ومن ثم الدولة. وقال جان لوي بيانكو نائب الحزب الاشتراكي المقرب من سيجولين إنهم انتخبوا أولاند وليس فاليري التي لا يعرف لماذا تتدخل فيما لا شأن لها به، فقد خرجت عن التحفظ المفروض للسيدة الأولي بالتدخل في الحقل السياسي، فكان عليها التزام الحياد في مثل هذه القضايا. فيما وصف آخرون هذا التصرف بأنه ضربة غير لائقة، لأن سيجولين هي أم أبناء الرئيس الفرنسي، ويتساءلون عما إذا كانت الصديقة الأولي أغفلت ذلك؟. فيما انقض مرشحو اليمين علي الرئيس الفرنسي، ووجهوا له انتقادات حادة. فقال باتريك أوليي، وهو مرشح يميني إن القانون الفرنسي يلزم أن يواكب التطورات، ومن الضروري سنّ قوانين تحدد دور السيدة الأولي بالبلاد. فيما أشارت استطلاعات إلي أن هذه القضية تجمع بين السياسة والحياة الخاصة، وكانت العديد من الأصوات لمحت إلي أن تصرف فاليري نبع عن غيرة لأن زوجها دعم سيجولين صديقته السابقة. ويبدو أن العداوة بين المرأتين لا تعود لليوم، إذ إن تريرفيلر سبق أن انتقدت عدة مرات رفيقة الرئيس السابقة، روايال التي عاشت إلي جانبه نحو ثلاثة عقود. وقالت تريرفيلر إنها لم تصوت علي مرشحة الحزب خلال الانتخابات الرئاسية السابقة عام 2007وهو ما اعتبرت الصحافة الفرنسية أنه جاء بسبب بقاء أولاند إلي جانب روايال منذ 2005. وبعد الضجة التي أحدثتها تصريحات فاليري، قامت مؤخراً بتقديم اعتذار وأعربت عن ندمها علي ما فعلته لصديقها أولاند. وأضافت أنها تلوم نفسها كثيراً، لإضفاء آثار سلبية علي صورة الرئيس. كما تناقلت الأوساط الإعلامية الفرنسية أن أولاند استشاط غضباً وحذرها من عدم تكرار مثل تلك التصرفات. وبالرغم من إعلان روايال، التي كانت تعتبر المرأة الأقوي في الحزب الاشتراكي الفرنسي، هزيمتها أمام فالورني، الذي كان ينافسها علي مقعد في انتخابات الجمعية الوطنية الفرنسية، إلا أنها ستواصل التأثير علي الخيارات المتعلقة بسياسة الدولة. وقالت في حديث أجرته مع فرنسا 24 إن ما حدث هو نتيجة خيانة سياسية، فأولاند تم تدعيمه بالخيانة، واقتبست مقولة فيكتور هوجو الخيانة تخون الخائن دائما. وقد سبق أن خرجت السيدة الفرنسية الأولي عن المألوف معلنة رغبتها في مواصلة عملها كصحفية وهو ما اعتبره البعض لا يتناسب مع وضعها كشريكة حياة رئيس الدولة، بالرغم من لعبها دوراً هاماً والوقوف إلي جانبه أثناء حملة الانتخابات الرئاسية فعملت علي تعزيز موقعه عبر المقابلات الصحافية وشبكات التواصل الاجتماعي إضافة إلي التجمعات الانتخابية. فقد أوضحت قبل وبعد انتخاب أولاند في مايو الماضي أنها ستبتكر وضعا جديدا وقالت محذرة إن السيدة الأولي مجرد دور ثانوي ويجب النظر إليه علي هذا الأساس لكنها لن تكون مجرد ديكور داخل الأليزيه. وفي الماضي شهد قصر الأليزيه غيرة كارلا ساركوزي من رشيدة داتي التي كانت تشغل منصب وزيرة العدل وصديقة مقربة لسيسيليا طليقة الرئيس السابق ساركوزي وظلت المفضلة لديه لبراعتها في عملها. فالسيدة الأولي السابقة تغار من رشيدة خاصة بعد أن دخلت هذه الأخيرة للترتيب العالمي لمائة شخصية نسائية يمتلكن الجاذبية، كما تذكرها دوماً بغريمتها سيسيليا. وتردد أن كارلا طلبت من رشيدة أن توقف رسائل الهاتف التي ترسلها لزوجها في كل الأوقات لأن ذلك مرفوض، وبات هناك تنافر بينهما بعد انتشار شائعات بوجود علاقة تجمع ساركوزي ورشيدة، لكن سرعان ما أعلنت كارلا بأنها لن تصدق الشائعات مرة أخري ولم يعد هناك غير أن تبدأ صفحة جديدة في علاقتها برشيدة وأن تطبق الحكمة التي تقول "إن لم تستطع قتل عدوك فاجعل منه صديقا"، وأبدت كل منهما الود وقالت عن الأخري كلام مديح.