هل يمكن القضاء علي المخدرات وخفض الطلب عليها أو الحد منها بعد ماتزايدت نسبة الإقبال علي الاتجار فيها وتعاطيها حيث تشير التقارير علي الصعيد العالمي إلي زيادة عدد المتعاطين الذين تتراوح أعمارهم ما بين (15 46عاما) مما يستوجب وجود خطط دفاعية طويلة المدي حتي يمكن بلوغ الهدف بانخفاض مستوي تعاطي المخدرات. يؤكد تاريخ مكافحة المخدرات أنه لايمكن لمجرد حصيلة الجهود الوطنية أو التي تتبع أحد القطاعات أن تؤدي إلي نجاح علي المستوي العالمي إضافة لأن كثيرا من البلاد ذات الإمكانات المحدودة لا تستطيع التصدي للاتجار الذي يمر عبر أراضيها أو داخلها أو مقاومته علي نحو لائق يكبح تفشي الاتجار والتعاطي وتأمل الأممالمتحدة من خلال المكتب المعني بالمخدرات والجريمة بالتعاون مع الدول الأعضاء للحد من المخدرات والطلب عليها وأن تدمج الجهود الوطنية في إطار استراتيجيات دولية متجددة علي أسواق المخدرات بحلول عام 2019 ولتحقيق ذلك من المفترض أن يبدأ علي الفور توجيه العمل لكيفية التعامل مع اقتصادات المخدرات عبر الوطنية غير المشروعة.. ويعتبر التقرير العالمي للمخدرات مساهمة في الوصول لهدف القضاء عليها بمناقشة تحليلية لثلاثة أسواق مخدرات عبر وطنية رئيسية هي أسواق الهيروين والكوكايين والمنشطات الإمفيتامينية في حين أن القنب لاينتج داخل البلد نفسه الذي يستهلك فيه بشكل متزايد وهو يتداول كثيرا بشكل غير رسمي من خلال القنوات الاجتماعية رغم كونه من أكثر المخدرات غير المشروعة شعبية في العالم فإن سوقه أقل خضوعا لتحليل عبر وطني من أسواق فئات المخدرات الثلاث الأخري التي تثير انشغال وقلق المجتمع بشكل متزايد للعلاقة بين الاتجار بالمخدرات وعدم الاستقرار بالمجتمعات لما لها من أثر سيئ علي ازدياد مستويات العنف والفساد خاصة في بلاد العبور وأهمها (أمريكا اللاتينية والكاريبي وأفريقيا الغربية). أسواق رئيسية أسواق المواد المخدرة (الأفيون والكوكايين)، غير المشروعة تمثل أكبر التهديدات في الوقت الراهن للعالم وهما مشكلتان مستمرتان منذ عهد مضي بسبب خطورة آثارهما المضرة وكلتاهما تنبعان من منطقة إنتاج مركزة نسبيا وأغلب مكوناتهما يتصل بعضها ببعض علي نحو مباشر أو غير مباشر وقد اكتسبت المنشطات الامفيتامينية حصة كبيرة من سوق المخدرات العالمية علي مدي العقدين الماضيين وأصبحت تمثل تهديدا رئيسيا لجهود المكافحة الحالية والمستقبلية ومنذ عام 1990 أبلغ مايزيد علي ثلث الدول الأعضاء عن أنشطة متصلة بصنع المنشطات الإمفيتامينية علي الصعيد العالمي يتجاوز العدد الإجمالي لمتعاطي الكوكايين الذي تراجعت مساحته الإجمالية نتيجة لحدوث انخفاض بكولومبيا نتيجة لجهود الإبادة وقد انخفض عدد متعاطي الكوكايين في أمريكا ل5.3 مليون شخص وعلي العكس تضاعف في بلدان الاتحاد الأوروبي فيما تعد أمريكا الشمالية أكبر سوق للكوكايين التي تضم 40٪ من المتعاطين.. أما الهيروين وهو أكثر المواد الأفونية شيوعا واستهلاكا في العالم وهو مشتق من الأفيون ويستهلك ثلثا الأفيون الذي لايحول إلي هيروين في خمسة بلدان فقط (إيران 42٪ وأفغانستان 7٪ والهند 6٪ وروسيا 5٪ وباكستان 7٪)، وهناك يجري أيضا تعاطي مواد أفيونية من توليفات مختلفة ويبقي الهيروين أخطر هذه المواد وأكثرها إثارة للمشكلات دوليا.. والمنشطات الامفيتامينية هي مجموعة من المواد الاصطناعية المكونة من (مجموعة الامفيتامينية والميتافيتامينية والمثيكاثينون) ومواد من مجموعة الاكستاس (المثيلين ويوكس ميثامفيتامينية وأشباهه ويكون صنعه علي مقربة من أسواق المستهلكين الرئيسية وقد اكتشفت ما يزيد علي ثلث البلدان أن هذه المنشطات تصنع علي أراضيها كما ازداد عدد المختبرات السرية للمنشطات في الأرجنتين والبرازيل وجواتيمالا وجمهورية إيران وسري لانكا وكانت أكبر البلاد إبلاغا عن هذه المختبرات الولاياتالمتحدة والتشيك واستراليا والصين وسلوفاكيا ونيوزيلندا وهولندا وكندا والمكسيك ورغم هذا فإن العدد المبلغ عنه ليس دقيقا لوجود عدد من البلاد لاتبلغ عن المختبرات التي لديها علي نطاق واسع. اتجار واستهلاك مع زيادة ضبطيات الاتجار بالكوكايين والهيروين علي حد سواء وانخفاض ضبطيات المورفين يتسم تتبع الضبطيات بالتعقيد لكونها منتجات لها جاذبية في أسواق المال المختلفة التي أدت إلي زيادة معدلات لأكثر من ثلاثة أمثالها ويكمن الخطر الداهم من صميم استهلاك المخدرات من المتعاطين ذوي المشاكل (متعاطو الحقن) الذين تم تصنيفهم بمدمنين يواجهون آثارا اجتماعية وصحية خطيرة ويقدرون علي أساس التقديرات العالمية بحوالي 38.16 مليون متعاط وعالميا قد أمكن تقدير نسبة المتعاطين الذين تلقوا علاجا بحوالي 11 مليونا وبقي 33.95 مليون من ذوي المشاكل لم يتلق علاجا.. ومازال غياب البيانات في كثير من البلاد يقف عائقا أمام الإسراع في اتخاذ خطوات إجرائية جديدة تساعد في تخفيف عدد المستهلكين والمتاجرين خاصة في أفريقيا وأجزاء من آسيا وجزر المحيط الهادي وتتراوح كمين المواد المخدرة المستهلكة والمبحر بها بالأطنان فبلغت نسبة آسيا الوسطي في القوقاز والصين سنويا 3 أطنان و70 طنا بالاتحاد السوفيتي وجمهورياته وكمية آسيا الوسطي حوالي 5 أطنان استهلاكاً واتجار أوروبا ل 4 أطنان وغالبية المخدرات إما أن تستهلك أو تضبط في باكستان وهي بلد عبور هام عبر إيران ويعاد شحن أغلبه إلي أوروبا وبعض بلاد آسيا وأفريقيا والإمارات التي يعاد شحنه مرة أخري إلي الصين وأفريقيا الشرقية والجنوبية ويقوم المتاجرون الباكستانيون أيضا بتشغيل العديد من دروب الاتجار الجوية والبحرية إلي أوروبا وفي المقام الأول المملكة المتحدة وهولندا.. وقد أثار الاتجار بالمخدرات تحديا للاستقرار السياسي علي محورين: الأول يشمل البلدان التي يستمد فيها المتمردون والعصابات المسلحة الخارجة علي القانون الأموال من فرض ضرائب علي إنتاج المخدرات والاتجار بها أو حتي من إدارتها والثاني يتعلق بالبلدان التي لا تواجه هذا الوضع ولكن يبلغ المتاجرون فيها ما يكفي من القوة لتحدي الدولة من خلال المواجهة العنيفة أو نشر الفساد علي المستويات العليا.. فتزيد نسبة العنف وجرائم القتل ويطالب التقرير العالمي للمخدرات بالعمل للوقوف ضد هذه الجرائم وتعزيز السلم وسيادة القانون والتصدي لها بالتخطيط والاستراتيجيات المتكاملة للمكافحة علي المستوي العالمي ويمكن للأمم المتحدة المساعدة في تنسيق هذا المسعي.