قالوا عن كرمه إنه كان أجود من الريح المرسلة وهو أجود ما يكون في رمضان.. وكان شديد العبادة لربه خاصة في رمضان ولقد ذكر ابن عباس فقال: "كان أجود الناس بالخير، وأجود ما يكون في رمضان وكان إذا لقيه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة".. وكان من عادة النبي(صلي الله عليه وسلم) أن يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، ولما فرض الصيام علي المسلمين في السنة الثانية من الهجرة، كان هذا الشهر الكريم شهر عبادة وقراءة القرآن الكريم بجانب الصوم.. قال تعالي: " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدي للناس، وبينات من الهدي والفرقان، فمن شهد منكم الشهر فليصمه، ومن كان مريضا أو علي سفر فعدة من أيام أخر، يريد الله بكم اليسر، ولا يريد بكم العسر، ولتكملوا العدة، ولتكبروا الله علي ما هداكم، ولعلكم تشكرون" البقرة 183 والصوم يعلم الناس الصبر في الشدائد، ويفتح الطريق للتقوي.. يقول تعالي: "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام، كما كتب علي الذين من قبلكم، لعلكم تتقون" البقرة 183 ••• وكان الرسول (صلي الله عليه وسلم)، يعتكف في المسجد في العشر الأواخر من رمضان يلتمس فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.. قال أبوهريرة: كان النبي (صلي الله عليه وسلم) يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما".. ••• ويقول الكاتب الإسلامي أحمد التاجي في كتابه سيرة النبي العربي محمد رسول الله (صلي الله عليه وسلم) قرن رسول الله (صلي الله عليه وسلم) صيام رمضان بالصدقة فيه علي الفقراء والمساكين.. وكان النبي في رمضان خاصة أجود من الريح المرسلة.. فقد كان جبريل عليه السلام يدارسه القرآن في هذا الشهر الكريم.. فكان الرسول (صلي الله عليه وسلم) يري من حق الشكر عليه لربه أن يعطي كل محتاج أو مسكين يسأله حاجة، أو يعرف فيه الضر في رمضان.. وذلك من فيض غبطته، وانشراح صدره، باتصاله بالملأ الأعلي عن طريق جبريل، فإذا ما انتهت أيام شهر رمضان دعا المسلمين إلي صدقة الفطر، يعطونها الفقراء والمحتاجين من الأقارب وغيرهم، حتي لا يبقي صيامهم معلقا بين السماء والأرض غير مقبول من رب العالمين.. فزكاة الفطر هي التي ترفع صيامهم لله، وتجعله مقبولا عنده، لما فيها من إشعار الفقراء والمساكين ببهجة العيد، حين تشبع بطونهم، وتكتسي أجسامهم، فيشعرون أنهم جزء من المجتمع حولهم، لا ينساهم، ولا يقتر عليهم بخيرات ربهم.. ويحسن أن تعطي صدقة الفطر في أواخر رمضان أو يوم العيد قبل الصلاة حتي ينتفع بها الفقراء في اليوم المبارك.. ••• والدارس لسيرة النبي الخاتم عليه الصلاة والسلام، يري في سيرته عليه الصلاة والسلام كل ما ينير له الطريق في دنياه وأخراه.. ويري في شخصه عليه الصلاة والسلام المثل الأعلي لكل من يريد أن يعبد الله حق عبادته، وما ينبغي علي الإنسان أن يتحلي به من قيم الحق والخير والجمال، وما يجب عليه إزاء خالقه وإزاء نفسه وإزاء الآخرين.. وقد سئلت عائشة عن عبادته عليه الصلاة والسلام فقالت: كان رسول الله (صلي الله عليه وسلم) يصوم حتي نقول لا يفطر، ويفطر حتي نقول لا يصوم، وكان لا تشاء تراه من الليل قائما إلا رأيته.. ولا تشاء تراه قائما إلا رأيته.. ••• يقول لنا الشيخ محمد أبوزهرة في كتابه خاتم النبيين (صلي الله عليه وسلم).. في المجلد الأول منه عن عبادة الرسول: أنه كان يخفف علي الناس في العبادة، بينما كان يختار لنفسه الأشق، لأنه عليه الصلاة والسلام يطيق ما لا يطيقه عامة المؤمنين فيختار لهم ما لا يشق عليهم ويقول: وهكذا نري عبادته عليه الصلاة والسلام فيها ذكر دائم، وتلاوة للقرآن دائمة.. وكان يحرص أصحابه علي أن يقرأوا وهو يسمع، فإذا ذكروه بأن القرآن نزل علي قلبه قال لهم إنه يحب أن يسمعه من غيره.. ويقول: ومع دوامه علي العبادة التي وصفها القرآن، ودعا إليها وبينها عليه الصلاة والسلام، كان إذا سكت عن القيام بصلاة أو إرشاد عام دائم التفكير في آلاء الله، والتأمل في خلقه، ليدرك عظمته، وكمال سلطانه فلم ينقطع عن عبادة التفكير التي ابتدأ بها قبل أن يوحي إليه.. ولقد قال هند بن أبي هالة ابن خديجة: كان رسول الله (صلي الله عليه وسلم) متواصل الأحزان دائم الفكرة ليست له راحة. وكان كثير الاستغفار، لأن الاستغفار عبادة في ذاته. لأنه إحساس بوجوب الالتجاء إلي الله، وفيه إحساس بقصور ما يؤدي العابد من العبادة واستصغار العمل إحساس بالحاجة إلي الله والقرب منه وعظمته وجلاله، وشعوره بأن عمله مهما يكن كبيرا صغير بالنسبة لله تعالي، ومن يستكثر حسناته كأنه يمن علي الله تعالي في هذه العبادة وأن الشعور بالاستغفار والالتجاء إليه يعد من المن، وأن الصوفية يمقتون الاستكثار ولو من الطائعين. ومنهم من يفضل المعصية التي تحدث ذلا وطلبا للاستغفار علي الطاعة التي يصحبها الاستكثار. ويقول حكيمهم: "إن معصية أورثت ذلا، وانكسارا خير من طاعة أورثت ذلا وافتخارا.". ويقول: ولقد كان سيد العابدين يحصن عبادته بالاستغفار حتي لا يكون منه (صلي الله عليه وسلم).. ••• وما أجمل الإبحار في سيرة النبي الخاتم عليه الصلاة والسلام سواء في رمضان أو غير رمضان.. إنه الإبحار في عالم الجلال والجمال والخير والتوحيد الخالص، وما فيه خير الإنسان في دنياه وأخراه).. إنه كان قرآنا يمشي علي الأرض كما قالت عنه السيدة عائشة رضي الله عنها.. وقالت أيضا عنه: كان خلقه القرآن.. صلي الله عليه وسلم