رغم روح التفاؤل التي سادت الانتخابات البرلمانية.. ورغم تلاشي المخاوف من أي مشاكل واضطرابات تعكر سير العملية الانتخابية في مرحلتها الأولي.. وما استتبعه من ارتفاع مباشر وسريع للبورصة المصرية واسترداد جزء كبير من خسائرها إلي نحو 24.3مليار جنيه في ظرف يومين ، بعد موجة عنيفة من الخسائر التي منيت بها خلال الأسبوع الدامي بالتحرير الذي سبق الانتخابات والمقدرة ب30 مليار جنيه.. إلا أن المراقبين للأحداث يرون أنها موجة تفاؤل محفوفة بالمخاطر لأنها مرتبطة بمدي نجاح المرحلتين الثانية والثالثة من انتخابات مجلس الشعب علي غرار المرحلة الأولي.. ويعزي ذلك الحالة المزاجية للمستثمرين التي يسودها نوع من الترقب والحذر انتظارا لما سينتهي إليه تشكيل المجلس ،في تمثيل جميع التيارات والاتجاهات والأفكار في المجلس الجديد ! لا شك في أن سير المرحلة الأولي من الانتخابات البرلمانية بهذا الشكل الراقي دون خروق، أثبت باليقين القاطع أن الاستقرار السياسي هو كلمة السر نحو استقرار سوق المال بشكل خاص والاقتصاد المصري بشكل عام.. وهو ما ترجمته مؤشرات البورصة بشكل سريع وحيوي بالدرجة التي جعلتها تعوض في اليوم الأول فقط بعد الانتخابات حوالي 13 مليار جنيه من خسائرها، كما أنه من المتوقع أيضا أن تشهد البورصة ضخ سيولة جديدة خلال الفترة القادمة ، خاصة مع اتجاه الأوضاع نحو سياسة الاستقرار.. بالإضافة إلي تحسن الوضع الاقتصادي بصورة عامة وسط احتمالات مؤكدة بتحسن التصنيف الائتماني للسوق المصري من قبل المؤسسات العالمية بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية ، مما يدعم توقعات تحسن النمو الاقتصادي بصورة جيدة خلال الفترة القادمة ،ومما سينعكس بدوره علي سوق المال. لكن هناك علي الطرف الأخر محللين مازالوا يتخوفون من نتائج المرحلتين القادمتين من الانتخابات وأنه ربما تؤثر علي المؤشر حيال سيطرة التيار الإسلامي علي أغلبية المقاعد خاصة بعد تقدم حزب الحرية والعدالة الإخواني وحزب النور السلفي علي مقاعد المرحلة الأولي من الانتخابات، كما أن المستثمرين كانوا ينتظرون أن تتضمن حكومة الجنزوري الجديدة وزارة للاستثمار تعمل علي دعم سوق المال والبورصة ، وحتي يكون هناك نوع من القرارات الفعالة التي تحسن أداء السوق خاصة وقت الأزمات. وبعيدا عن هذه المخاوف إلا أن الدكتور محمد عمران رئيس البورصة المصرية اعتبر المكاسب الكبيرة التي سجلتها الأسهم المصرية والتي تجاوزت ال24مليار جنيه كانت بمثابة رد فعل طبيعي لسلامة الانتخابات البرلمانية واطمئنان للمستثمرين علي مستقبل مصر السياسي والاقتصادي، خاصة بعد أن فاق السلوك الحضاري للمصريين خلال المرحلة الأولي للانتخابات كل التوقعات ليس فقط في عملية الإقبال علي الاقتراع، ولكن أيضا في الحرص علي إتمام العملية الانتخابية بسلام ونزاهة ،وبالتالي فإن مرور المرحلة الأولي من الانتخابات بهذا الشكل الراقي أعطي رسائل عديدة لجميع المؤسسات الاستثمارية العالمية بشأن المستقبل الواعد للاقتصاد المصري ،خاصة بعد انتهاء المرحلة الانتقالية ..كما أن هناك تقارير دولية بدأت تظهر لتؤكد بأن الاقتصاد المصري أصبح من الاقتصاديات الواعدة خلال الفترة المقبلة ،منها تقرير صادر من مؤسسة أرنست أند يانج والذي وضع الاقتصاد المصري ضمن 4 دول من المتوقع أن تتصدر الاقتصاديات الأسرع نموا في العالم خلال العام المقبل ، خاصة بعد تراجع النمو الاقتصادي لمصر خلال العام الحالي . وأكد أن أداء البورصة بعد الانتخابات يؤكد مدي حاجة البلاد للاستقرار السياسي والذي سينعكس بدوره علي الاستقرار الأمني والاقتصادي ،كما أن سرعة تشكيل البرلمان يعني أن الملفات الاقتصادية ستوضع ضمن أولويات الدولة في الفترة القادمة..ونوه بأن أداء السوق خلال الأسبوع الماضي شهد إقبالا كبيرا من المستثمرين علي شراء الأسهم المصرية التي باتت رخيصة للغاية بعدما بيعت بأثمان بخسة نتيجة لعدم استقرار الأوضاع خلال الفترة الماضية ،متوقعا استمرار نشاط البورصة والمضي في تعويض خسائرها حال استمرار استقرار الأوضاع السياسية والأمنية. ولأن التوقعات تشير إلي أن استقرار الأوضاع من شأنها إعادة النظر في تصنيفات مصر الائتمانية التي أخذت تتراجع بالسالب خلال الفترات الماضية بسبب الأحداث.. فإن الخبير الاقتصادي ونائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل و الاستثمار محسن عادل يري أن التصنيفات الائتمانية تستند إلي معايير مستقرة وآليات معتمدة تقوم وكالات التصنيف بالاستمرار بمراجعتها وإعادة تقييمها وتحديثها. وكان عددا من المؤسسات الدولية قامت بتخفيض تصنيف مصر الائتماني لديها أكثر من مرة عقب وقوع حوادث اضطراب أمني في البلاد.. إلا أن هذه التصنيفات مرشحة للمراجعة من قبل هذه المؤسسات بعد الأداء الراقي للمصريين في المرحلة الأولي من الانتخابات البرلمانية هو ما قد يظهر في الأيام المقبلة. وكانت مجريات المرحلة الأولي للانتخابات البرلمانية ، وانعكاساتها علي الوضع الاقتصادي المصري قد شهدت اهتمامات عالمية ،خاصة بعد أن عززت المكاسب التي حققتها البورصة المصرية الأمل في إمكانية استعادة الزخم الاقتصادي، وعودة الاستثمارات مجددا إلي السوق المصرية مع عودة الاستقرار وتحقيق الديمقراطية.. فقد علق عدد من المحللين الدوليين علي إجراء الانتخابات البرلمانية وكيف يمكنها أن تساهم في كبح جماح خسائر الاقتصاد المصري وعودة الثقة بشكل نسبي إلي المستثمرين .. حيث أوضح المحلل المالي الامريكي جون سوليفان أن استعادة الاقتصاد المصري لعافيته تستلزم عددا من الاشتراطات تتمثل في إجراء الانتخابات العامة بنزاهة وتشكيل حكومة من "التكنوقراط" تحظي بإجماع القوي الوطنية وإعادة الأمن.. محذرا من استمرار الانقسامات والمشاحنات بين القوي السياسية علي الساحة المصرية سوف ينعكس بشكل سلبي علي ثقة المستثمرين سواء المحليين أو الأجانب في الاقتصاد المصري ، مشددا علي ضرورة استعادة الاستقرار السياسي في أسرع وقت ممكن وتعزيز الصادرات وعائدات السياحة من أجل زيادة احتياطي النقد الأجنبي الذي هبط بشكل " دراماتيكي " عقب ثورة 25 يناير ..كما أن تسريع خطوات المرحلة الانتقالية في مصر لتنتهي بحلول نهاية شهر يونيو المقبل يعد خطوة ايجابية في صالح الاقتصاد المصري داعيا الحكومة القادمة إلي تنفيذ " خريطة طريق " للإنقاذ الاقتصادي تركز علي زيادة الصادرات وتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال إقرار الحد الأدني والأقصي للأجور. ومن جانبه اعتبر إدوارد ونري كبير المحللين الماليين بمؤسسة كابيتا للاستشارات المالية الدولية بواشنطن أن تحسن الاقتصاد المصري عقب الانتخابات البرلمانية يتوقف علي احتواء حالة عدم اليقين التي تسيطر علي الساحة السياسية المصرية محذرا من أن التداعيات السلبية الناجمة عن تقليص التصنيف الائتماني لمصر..وأضاف أن المستثمرين المحليين والأجانب ينظرون إلي الانتخابات المحلية باعتبارها "إشارة " علي قدرة صانع القرار في مصر علي إعادة الاستقرار السياسي والأمني وضخ دماء جديدة في الاقتصاد المصري . وأوضح إلي أن معدل النمو الاقتصادي المتوقع في مصر لن يزيد علي 1.2 ٪ العام الحالي نتيجة تراجع معدلات التدفقات الاستثمارية الأجنبية وعائدات السياحة مشيرا إلي أن السياسات التي أقرتها الحكومة المصرية السابقة استهدفت بشكل نسبي تحقيق الاستقرار الإجتماعي بدرجة أكبر من استرداد ثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد المصري. . خاصة بعد موجة الاضطرابات التي شهدتها مصر خلال الأشهر القليلة الماضية.