بدموع وزغاريد شيعت مصر شهداء الواجب في سيناء، الذين سقطوا في عملية إرهابية خسيسة استهدفت ارتكازاً أمنياً لهم في منطقة "البرث" شمالي سيناء، وتبناها تنظيم "داعش" الإرهابي.. لقد سجل هؤلاء الرجال من أبناء القوات المسلحة أسماءهم بأحرف من نور في سجلات الجيش المصري، وأكدوا أنهم درع حامية للوطن حتي لو كلفهم الأمر أرواحهم، فقط ليظل هذا البلد مصاناً ومحتفظاً بالكرامة ومرفوع الهامة. "المنسي" يخلِّد اسمه بالشهادة علي الرغم من أن لقبه المنسي إلا أنه دخل ذاكرة الأمة وكُتبت له الشهادة التي تمناها أثناء مواجهته لقوي الظلام.. إنه العقيد أركان حرب أحمد صابر محمد المنسي قائد الكتيبة 103 صاعقة ابن قرية بني قريش مركز منيا القمح لديه 3 أبناء، حمزة (9 سنوات)، وعليا (6 سنوات) وعلي (عامان). كان أحد الضباط المتميزين منذ تخرجه في الكلية الحربية والتحق بسلاح الصاعقة ومعروفا بالانضباط والكفاءة وتم تكريمه عدة مرات آخرها في شهر رمضان الماضي.. كان يردد عقب استشهاد أحد من جنوده "يا نجيب حقهم.. يا نموت زيهم" وقد أصيب بشظية في إحدي العمليات منذ 6 أشهر وبعد تماثله للشفاء عاد لعمله ليواجه الإرهاب الأسود. سمي ابنه الكبير "حمزة" تيمنًا بسيدنا حمزة رضي الله عنه الذي اعتبره قدوة ومثلا أعلي في الشجاعة والاستشهاد. في جنازته أخذت زوجته تقول: "منهم لله القتلة.. ربنا ينتقم منهم حسبي الله ونعم الوكيل"، وقالت والدته إنها احتسبته عند الله شهيدا ويكفيها فخرا أنها أم الشهيد. فيما قال شقيق زوجته إن الشهيد كان من أكفأ ضباط الصاعقة.. استلم قيادتها بعد استشهاد العقيد رامي حسنين، وكان مشهوراً بالكفاءة والانضباط والتفوق. صفحته علي موقع "فيسبوك" مليئة بكلمات الرثاء للشهداء الذين سبقوه "يا قبورا تنادي أسامينا.. ويا موتا يعرف كيف يصطفينا، سطوة الموت لن تغير لقبنا.. والشهيد اسم من بالروح يفدينا.. في ذمة الله يا بطل يا مجدع .. فدي الله والوطن يا حازم". وكتب أيضاً: "في ذمة الله أستاذي ومعلمي..اتعلمت علي إيده كتير.. شهيد بإذن الله العقيد رامي حسنين.. إلي لقاء شئنا أم أبينا قريب". وكتب: "إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن.. ربنا يرحمك ويغفر لك يا محمد". وعن تفجير الكنائس كتب معلقاً: "ده دينك ياللي ناسي دينك.. استوصوا بالأقباط خيرًا".. وفي شهيد حرب أكتوبر 73 إبراهيم الرفاعي كتب: "بطل كل الأبطال. علي مر الزمان.. قاهرة المعز يا مصر الفداء.. درة التاج أنت ونبع الصفاء.. سألت التاريخ عن يوم مولدك. وهل يشهد الأبناء ولادة الآباء.. جذور شجرة بعمر الحياة.. أظلت حضارة أنارت الأرجاء". الشبراوي.. آخر العنقود الشهيد النقيب أحمد عمر الشبراوي من قرية الشبراوين مركز ههيا بمدينة الزقازيق محافظة الشرقية، وهو الأصغر بين أشقائه (آخر العنقود)، كان متزوجاً ولديه طفل عمره 4 سنوات وزوجته حامل في الشهر السادس ورددت والدته في جنازته: "منهم لله القتلة قصموا ظهري وحرقوا قلبي.. ربنا يحرق قلوبهم علي أعز ما لديهم"، فيما اكتفي والده بترديد: "إنا لله وإنا إليه راجعون.. لقد احتسبته عند الله شهيدا". ولم تتوقف دموع زوجته المهندسة، وهي تتساءل: "ما ذنب طفله عمر والمولود الذي لم يخرج للدنيا بعد أن يقضيا حياتهما بلا أب ولم يتبق لهما منه سوي لقطات مصورة أو مسجلة". حسانين.. عريس الجنة الشهيد ملازم أول أحمد محمد حسانين، (23 عاماً) الابن الأكبر لأسرته كانوا يرون فيه الأحلام والآمال. قالت والدته إن آخر اتصال هاتفي له كان في الواحدة بعد منتصف ليلة الهجوم وطمأنها أنه بخير وسوف يحضر للمنزل بعد ثلاثة أيام لشراء "شبكة الخطوبة" التي كان مقررا إقامتها الثلاثاء المقبل، وقد طلب والده من سيدات العائلة إطلاق الزغاريد لعريس الجنة أثناء مشهد الجنازة. في وداع البطل في محافظة أسيوط شيع الأهالي جنازة الشهيد النقيب محمد صلاح إسماعيل من مسقط رأسه بمنطقة نزلة عبد اللاه بمدينة أسيوط ورددت والدته هتوحشني يا بطل". وودعت القليوبية شهيدي الواجب النقيب خالد المغربي ابن طوخ والمجند علي حسن الطوخي ابن قرية عرب جهينة مركز شبين القناطر وقال والد الشهيد خالد المغربي إن نجله كان عريسا حيث تزوج 4 أشهر وزوجته حامل في شهرها الثالث. المجند أحمد محمد علي نجم (21 عاماً) من قرية "المناجاة" بمركز الحسينية.. أصغر أشقائه. التحق بالخدمة العسكرية منذ عامين في شمال سيناء ولم يبد أي خوف يردد الأعمار بيد الله. قال والده: كان سندي في الدنيا وكان يعاونني في الزراعة وقالت والدة الشهيد كان طيب القلب حريصا علي صلة الرحم وكانت آخر زيارة له في عيد الفطر المبارك وحرص علي وداعنا جميعا وكنت أبحث له عن عروس لخطبتها عقب إنهاء خدمته العسكرية بعد عام. الشهيد مجند فراج محمد محمود (22 سنة)، من محافظة المنيا قرية "أبوغرير" مركز أبو قرقاص. قال والده: هو أصغر أبنائي وكان يتميز بالإصرار والتحدي وعاشقاً لتراب وطنه، كان يساعدني في نفقات المنزل متحملاً المسئولية معي، قبل أن يلتحق بالقوات المسلحة، وكان دائماً يؤكد لي أنه بعد انتهاء فترة تجنيده سيعاود عمله مرة أخري ليساعدني.. سافر إلي وحدته في ثاني أيام عيد الفطر، وكانت تلك آخر مرة أراه فيها قبل استشهاده. الشهيد عبدالجواد عبدالعليم (22 عاماً)، من محافظة كفر الشيخ قرية بحر بصيص، وقالت والدته إنه كان بالقرية منذ 15 يومًا، وآخر اتصال به كان يوم الخميس ليلة الهجوم وطلب منها الدعاء له، ودفنه في مقبرة والده إذا ما نال الشهادة. الشهيد مجند أحمد مصطفي العربي من دمياط قالت والدته إنها تودع عريس الجنة فابني شهيد مصر فلماذا أحزن وكان دائما يقول "لو ربنا بيحبني ينولني الشهادة وربنا نولها له". وفي دمياط شهيد الواجب المجند محمد عزت زهران وتحولت جنازته إلي مظاهرة معلنين وقوف الشعب المصري خلف قواته المسلحة في حربها ضد الإرهاب. وفي الدقهلية ودع الأهالي ثلاثة من خيرة شباب المحافظة هم: محمد صلاح الدين عرفات من أبناء قرية العصافرة، وعلي علي السيد من أبناء قرية الدغايدة، ومحمد محمود محسن، من أبناء قرية كفر النعيم. والشهيد محمد صلاح الدين عرفات لم يحصل علي قسط من التعليم واقتربت فترة انتهاء تجنيده بعد نصف عام.. في إجازته يعمل في الصيد، أخذت والدته تردد "رد يا ضنايا".